عادل حمودة يكتب: تبيض خمسة تريليونات دولار في مغسلة العقارات والذهب والماس واليخوت
ما ان تابعت ما نشر من تقارير عن غسيل أو تبيض الأموال القذرة حتى نظرت بريبة إلى حالة التنافس المجنون على شراء العقارات بأرقام خيالية خرافية خارقة تشكك في ذمة البعض أحيانا.
في عام 2020 تجاوز الاقتصاد العالمي عتبة الـ 100 تريليون دولار.
في العام نفسه تسربت خمسة تريليونات قذرة إلي شرايينه واخفيت فيه وهددت بتخريبه.
الأموال القذرة مصدرها تجارة المخدرات وتهريب السلاح والآثار وشبكات الدعارة والرشوة السياسية.
وينفق العالم 8 مليارات دولار سنويا في مكافحتها حتى لا تتحول من مصادر غير شرعية إلى مصادر شرعية بغرض حيازتها والتصرف فيها دون خوف.
ولكن مليارديرات الأموال العفنة ينفقون أكثر من نصفها أحيانا حتى يصعب تعقبها وتصبح ناصعة البياض.
تتولي هذه المهمة الصعبة عصابات متخصصة محترفة تضم بنوك وشركات وتجار وحكام أحيانا مثل "جاكوب زوما" رئيس جنوب إفريقيا الذي غسل أمواله تحت غطاء مشروعات الألبان وتساهلت بنوك هونج كونج في استثمار 400 مليون إسترليني من أمواله سيئة السمعة.
تنقل هذه العصابات الأموال السوداء من حساب إلى حساب ومن بنك إلى بنك ومن دولة إلى دولة وتستخدم مئات من كبار السن في شراء العقارات الفخمة والطائرات الخاصة واليخوت المترفة ثم ما ان يعاد بيعها حتى تصبح أموالا بيضاء.
وتعتبر المغسلة "الروسية" الأكثر احترافا في هذه اللعبة المربحة.
لكنها احتاجت إلى 5240 شركة و19 مصرفا في روسيا و112 حسابا في 732 مصرف خارجي في 36 دولة حتى تغسل 20.8 مليار دولار.
وكثير من هذه الشركات ورقية تعقد صفقات وهمية بين بعضها البعض لتوفير فرصة الشرعية لمليارات غير شرعية مقابل عمولة مغرية تصل إلى 40 في المئة أحيانا.
هذه الشركات ممكن ان تشتري على الورق مزرعة خيول أو منتجع سياحي أو معارض مجوهرات وغالبا ما يكون في البنوك مديرا فاسد يسهل عملياتها.
وأخطر ما في هذه الأموال إنه ا تستخدم في عمليات إرهابية تهدد استقرار النظم السياسية.
إن هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة تكلفت نحو 500 ألف دولار ولكن قبل ان تصل إلى يد "القاعدة" مرت على شبكة معقدة في فرنسا وألمانيا وأمريكا نفسها حسب تقرير مكتب المباحث الفيدرالية.
كما ان تلك الأموال تفسد اقتصاد السوق وتبطل عنصر المنافسة حيث تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة.
وفي الدول الناشئة حيث لا تسيطر شبكات البنوك على العمليات التجارية كلها فإن العقارات الغالية وسبائك الذهب وفصوص الماس والسيارات الفارهة أشهر وسائل غسيل الأموال.
ربما كانت هذه "الأشياء" أكثر الفرص الاستثمارية المتاحة للمصريين بحثا عن مكسب يعوضهم ارتفاع التضخم.
لكن في الوقت نفسه لا بد من التفتيش عن مصدر أموال شخص يشتري قصرا بنصف مليار جنية وربما أكثر.
لقد ارتفع حجم سوق العقارات إلى 3.5 تريليون جنية منها تريليون جنية للعقارات التجارية.
هل نصدق ان كلها أموال شفافة صافية؟
وما يضاعف من القلق أن مليارات من العملة الصعبة خرج من مصر بطريقة أو بأخرى لشراء عقارات في أثينا ومدريد ولندن فهل كلها بريئة لوجه الله؟
مصدر المعلومات الأساسية فيلم وثائقي لقناة الجزيرة