طلقة حبر..
عادل حمودة يكتب: ملفات ساخنة فى الخريف
مليارات سيئة السمعة فى سوق العقارات والذهب
سر تفوق «هاريس» على «ترامب» فى غرفة سرية
عندما أفقد شهية الكتابة أعوضها بالقراءة.
الكتابة حالة عشق يجب أن نحس بها حتى نستمتع بممارستها.
لكن عندما تضرب الحواس عما نكتب فإننا سنروضها بما نقرأ.
نحن نختبئ خلف كلماتنا.
الصمت يخفينا والبوح يعلن عنا.
وبفطنة الفيلسوف طالب «أرسطو» أن نتكلم حتى يرانا الناس.
وتكلمت «كاميلا هاريس» فى مواجهة «دونالد ترامب» فرأينا كلا منهما على حقيقته.
رأينا ما يبطن وما يدبر وما سيفعل كل منهما فى أول مناظرة رئاسية بينهما.
لكن المناظرة ليست كلمة فقط وإنما صورة أيضا.
الصورة تؤثر فى المشهد ربما أكثر من الكلمة.
إن هذا ما حدث فى أول مناظرة رئاسية فى تاريخ الانتخابات الأمريكية.
جرت تلك المناظرة فى انتخابات عام ١٩٦٠ بين خبير فى سياسات الحكم هو «ريتشارد نيكسون» وسيناتور شاب ينافس نجوم السينما هو «جون كيندى».
كان «نيكسون» نائب الرئيس «داويت أيزنهاور» ويعرف خرائط المتاعب الدولية مثل كف يده بعد أن زار ١٢ دولة خارجية من مصر إلى الصين.
وكان «كيندى» سيناتورا مجهولا.
لكنه كان وسيما وثريا يعرف كيف يحتل القلوب بسرعة بينما بدا وجه خصمه مثل ثمرة البطاطس وسيطرت آثار الزمن على جسده المنهك.
كنا فى بداية عصر التليفزيون الذى أدخل المرشحين إلى غرف نوم الناخبين وأثر على عقولهم قبل عيونهم.
كان ٨٨ فى المئة من العائلات الأمريكية تمتلك جهاز تليفزيون فتجاهل الكثير منها الخبرة واختار النجومية وصوت لها.
كسب «كيندى» وخسر «نيكسون».
شاهد المناظرة التى بثت يوم ٢٦ سبتمبر نحو ٧٠ مليون مواطن أمريكى.
فيما بعد نشر رئيس حملة «نيكسون» الانتخابية كتابا بعنوان «صناعة رئيس» كان غلافة صورة لـ«نيكسون» على علبة فاصوليا محفوظة.
كشف الكتاب أن «نيكسون» دخل المستشفى قبل المناظرة ورفض وضع المكياج وارتدى بدلة رمادية بلون خلفية استديو التصوير فبدا مريضا هزيلا شاحبا خافت الصوت أمام «سوبر ستار» فى قمة تألقه.
فى الوقت نفسه جاء «كيندى» ببعض السمرة من الشواطئ التى قضى شهور الصيف تحت شمسها وعلى عكس «نيكسون» تحدث إلى الكاميرا ولم يتحدث إلى منافسه.
فيما بعد تعلم «نيكسون» ومن ترشحوا بعده للرئاسة الدرس.
جاء «نيكسون» بخبراء فى الصورة واستجاب لنصائحهم فلم يبتسم سوى ابتسامة خفيفة وترك بعض الشيب فى شعره واختار ثيابا لا تبتلعها خلفية البلاتو وفضل أن تكون زاوية التصوير بالبروفيل ونظر فى عيون المشاهدين مباشرة وتحدث إليهم وكأنه يعرفهم من قبل.
واهتم بسماع المناظرة فى الراديو حيث يركز المستمع على البرنامج الرئاسى لا على صورة المرشح.
فيما بعد تجاوزت المناظرات الرئاسية الحدود الأمريكية إلى العالمية لسبب بسيط هو أن الولايات المتحدة لا تزال القوى العظمى الأكثر تأثيرا فى السياسة الدولية رغم تعدد قوى أخرى صاعدة ومنافسة.
ولخوف الدنيا من سياسات «دونالد ترامب» بدت شعوبها أكثر حماسا لمنافسته «كاميلا هاريس» التى أدت الدور ببراعة بعد أن تدربت عليه ثلاثة أسابيع فى جناح فندق أغلقت بابه عليها بينما خصمها استهتر بها.
على أن فى زمن المنصات الاجتماعية تراجع تأثير التليفزيون ولم يعد وحده الذى يحسم المعركة الانتخابية.
لقد تفوقت «هاريس» على ترامب تليفزيونيا ولكن لا يزال ترامب الأكثر تأثيرا فى الميديا الشعبية.
ولكنها ميديا قابلة للاختراق من هاكرز يمكنهم تغيير معادلة التصويت كما حدث فى انتخابات «ترامب» و«هيلارى كلينتون».
إن قواعد اللعبة تغيرت تماما.
لكن المشكلة أن القواعد الجديدة لم تعد مكشوفة لنا.
كل ما علينا أن ننتظر ونرى.
المصدر: تقارير متعددة عن المناظرة الرئاسية الأمريكية
ما إن تابعت ما نشر من تقارير عن غسل أو تبييض الأموال القذرة حتى نظرت بريبة إلى حالة التنافس المجنون على شراء العقارات بأرقام خيالية خرافية خارقة تشكك فى ذمة البعض أحيانا.
فى عام ٢٠٢٠ تجاوز الاقتصاد العالمى عتبة الـ ١٠٠ تريليون دولار.
فى العام نفسه تسربت خمسة تريليونات قذرة إلى شرايينه وأخفيت فيه وهددت بتخريبه.
الأموال القذرة مصدرها تجارة المخدرات وتهريب السلاح والآثار وشبكات الدعارة والرشوة السياسية.
وينفق العالم ٨ مليارات دولار سنويا فى مكافحتها حتى لا تتحول من مصادر غير شرعية إلى مصادر شرعية بغرض حيازتها والتصرف فيها دون خوف.
ولكن مليارديرات الأموال العفنة ينفقون أكثر من نصفها أحيانا حتى يصعب تعقبها وتصبح ناصعة البياض.
تتولى هذه المهمة الصعبة عصابات متخصصة محترفة تضم بنوكا وشركات وتجارا وحكاما أحيانا مثل «جاكوب زوما» رئيس جنوب إفريقيا الذى غسل أمواله تحت غطاء مشروعات الألبان وتساهلت بنوك هونج كونج فى استثمار ٤٠٠ مليون إسترلينى من أمواله سيئة السمعة.
تنقل هذه العصابات الأموال السوداء من حساب إلى حساب ومن بنك إلى بنك ومن دولة إلى دولة وتستخدم مئات من كبار السن فى شراء العقارات الفخمة والطائرات الخاصة واليخوت المترفة ثم ما إن يعاد بيعها حتى تصبح أموالا بيضاء.
وتعتبر المغسلة «الروسية» الأكثر احترافا فى هذه اللعبة المربحة.
لكنها احتاجت إلى ٥٢٤٠ شركة و١٩ مصرفا فى روسيا و١١٢ حسابا فى ٧٣٢ مصرفا خارجيا فى ٣٦ دولة حتى تغسل ٢٠.٨ مليار دولار.
وكثير من هذه الشركات ورقية تعقد صفقات وهمية بين بعضها البعض لتوفير فرصة الشرعية لمليارات غير شرعية مقابل عمولة مغرية تصل إلى ٤٠ فى المئة أحيانا.
هذه الشركات ممكن أن تشترى على الورق مزرعة خيول أو منتجعا سياحيا أو معارض مجوهرات وغالبا ما يكون فى البنوك مدير فاسد يسهل عملياتها.
وأخطر ما فى هذه الأموال أنها تستخدم فى عمليات إرهابية تهدد استقرار النظم السياسية.
إن هجمات سبتمبر فى الولايات المتحدة تكلفت نحو ٥٠٠ ألف دولار ولكن قبل أن تصل إلى يد «القاعدة» مرت على شبكة معقدة فى فرنسا وألمانيا وأمريكا نفسها حسب تقرير مكتب المباحث الفيدرالية.
كما أن تلك الأموال تفسد اقتصاد السوق وتبطل عنصر المنافسة حيث تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة.
وفى الدول الناشئة حيث لا تسيطر شبكات البنوك على العمليات التجارية كلها فإن العقارات الغالية وسبائك الذهب وفصوص الألماس والسيارات الفارهة أشهر وسائل غسيل الأموال.
ربما كانت هذه «الأشياء» أكثر الفرص الاستثمارية المتاحة للمصريين بحثا عن مكسب يعوضهم ارتفاع التضخم.
لكن فى الوقت نفسه لا بد من التفتيش عن مصدر أموال شخص يشترى قصرا بنصف مليار جنيه وربما أكثر.
لقد ارتفع حجم سوق العقارات إلى ٣.٥ تريليون جنيه منها تريليون جنيه للعقارات التجارية.
هل نصدق أن كلها أموال شفافة صافية؟
وما يضاعف من القلق أن مليارات من العملة الصعبة خرجت من مصر بطريقة أو بأخرى لشراء عقارات فى أثينا ومدريد ولندن فهل كلها بريئة لوجه الله؟
مصدر المعلومات الأساسية فيلم وثائقى لقناة الجزيرة
كأنه «أبو الريش» الذى ما كان أحد يعرف اسمه فأطلق عليه هذا الاسم لاعتماره قبعة تعلوها ريشة.
يحكى أن «أبا الريش» ظهر فى سنة ١٩٧٦ فى شارع الحمرا الشهير قلب بيروت وكان يتنقل رث الثياب وسخ الوجه واليدين حافى القدمين أشعث الشعر واللحية متسربلا صيف شتاء بمعطف أسود ممزق تفوح منه رائحة كريهة كالحمام.
كان الرجل مجهول الاسم والنسب وما استطاع أحد أن يسأله من أين جاء ولماذا ظهر فجأة فى حيهم فقد كان أخرس تماما كالحمام.
وكالحمام كان «المتسول الأخرس» مسالما لطيفا مع الصغير والكبير يتصدق عليه الناس بفضلات طعامهم أو برغيف أو بسيجارة فيرد عليهم بابتسامة ودودة.
وكالحمام أيضا عاش بينهم سنوات دون ضغينة ولم يؤذ إنسانا ولا تعدى على أحد. كالحمام كان ليلا يلتحف السماء وينام فى الحدائق على المقاعد العمومية ولا يبدو فى النهار معنيا بحرب طاحنة تدور بين البشر إذ لم يعرف عنه انحيازه إلى ميليشيا أو حزب بل كان يبدو غير عابئ بكل ما يجرى حوله حتى أن بعضهم أشفق عليه حين اشتدت المعارك وأشار إليه بمغادرة الحى ولكنه واصل حياته متنقلا بين المقاهى التى يرتادها المثقفون والشوارع التى يتقاسمها المسلحون.
وبسبب ضراوة المعارك التى أشعلتها الحرب الأهلية لم يعبأ بأمره أحد ولا انتبه إلى اختفائه وعودته فالجميع فى صيف عام ١٩٨٢ كان مشغولا بالاجتياح الإسرائيلى للبنان وواقعا تحت صدمة دخول إسرائيل لأول مرة عاصمة عربية.
ولكن صدمة أكبر كانت فى انتظار سكان الحمراء عندما شاهدوا دورية إسرائيلية تتوقف على بعد خطوتين من المتسول المستلقى على الأرض وتؤدى له التحية العسكرية فينتصب الرجل واقفا ليتبادل مع جنوده جملا بالعبرية.
بعد سنوات من الخرس نطق وقال متوجها إلى الجنود: «تأخرتم بعض الشىء يا جماعة» وصعد على متن الدبابة.
هكذا انتهت مهمة الكولونيل المتسول بعد أن فتح الباب للدبابات الإسرائيلية.
المصدر: «أحلام مستغانمى» كتاب «أصبحت أنت» سيرة روائية
س: كيف تتصور الشيخوخة؟ ومتى يمكن أن تعتبر نفسك «متقاعدا»؟ وهل لديك تصور لحياة المتقاعد الذى تكونه ذات يوم؟
ج: بالنسبة لى هناك شيخوختان. شيخوخة الجسد. وشيخوخة الكتابة. أما شيخوخة الجسد فهى حالة كيميائية تتعرض لها كل الكائنات الحية بغير استثناء. وقانون يطال الجميع. وشيخوخة الكتابة هى التى تتيبس فيها الأصابع ويتخشب فيها القلب وتتحول ورقة الكتابة إلى ضريح.
هذه الشيخوخة هى التى تخيفنى.
أما عن تقاعدى عن الكتابة فهو اليوم الذى ينسحب فيه جمهورى من القاعة ليبحث عن نجم آخر.
إننى أعرف أنى «فتى الشعر الأول» مثل «فتى الشاشة الأول» لا بد أن يدخل فى الكسوف وأن تتحول عنه الأضواء والكاميرات ولحسن الحظ فأنا أمتلك من الشجاعة والواقعية ما يسمح لى بأن ألبس معطفى وأتكئ على عصاى وانسحب من الباب الخلفى للمسرح.
أما كيف سأقضى حياة المتقاعد فإننى لا أعرف أن ألعب الورق ولا الشطرنج ولا الدومينو ولا البلياردو لذلك فلن أكون متقاعدا «كلاسيكيا» يشرب القرفة واليانسون فى نادى المعاشات.
إننى أتصور أننى سأبقى كالهولندى الطائر مبحرا فوق سفينة لا تعرف إلى أين حتى تأكلنى الأسماك.
المصدر: نزار قبانى كتاب «ما هو الشعر؟»
المجذوب المتسول يحمل رتبة كولونيل فى الجيش الإسرائيلى
متى يعترف الكاتب بالشيخوخة؟