أحمد ثابت يكتب.. البنتريت في "البيجر": تكنولوجيا التفجير المدمرة
في عالم الحروب والتقنيات العسكرية، تلعب المواد المتفجرة دورًا محوريًا في تنفيذ الاستراتيجيات العسكرية والعمليات التكتيكية. من بين المواد المتفجرة المتقدمة، تبرز مادة البنتريت (PETN) كواحدة من أكثر المواد فعالية وقوة. يتميز البنتريت بخصائص تجعل منه خيارًا مفضلًا في العديد من التطبيقات العسكرية، مما يعزز فعالية الأسلحة والأنظمة الأمنية.
البنتريت، المعروف أيضًا باسم تترايترو إيثيلين (Pentaerythritol tetranitrate)، هو مادة متفجرة قوية تستخدم في صناعة المتفجرات بفضل قدرتها العالية على توليد الطاقة عند التفجير. تتكون المادة في شكل مسحوق أبيض أو بلورات، وتتميز بقدرتها على الانفجار عند درجات حرارة منخفضة نسبيًا، مما يجعلها فعالة في مجموعة متنوعة من التطبيقات.
وينفجر البنتريت عند درجات حرارة منخفضة نسبيًا مقارنةً بمواد متفجرة أخرى. يمكن أن تنفجر المادة عند درجات حرارة تصل إلى نحو 190 درجة مئوية (374 درجة فهرنهايت)، مما يتيح استخدامها في مجموعة متنوعة من الظروف البيئية. كما يمكن دمج البنتريت مع مواد أخرى لتطوير أنواع مختلفة من المتفجرات، مثل المواد الحارقة والمتفجرات المركبة، مما يعزز من مرونتها في الاستخدام العسكري.
ويستخدم البنتريت في أنظمة التفجير عن بُعد، حيث يتم تفعيل المواد المتفجرة باستخدام إشارات إلكترونية أو رسائل مشفرة. هذا يتيح للجنود تنفيذ عمليات دقيقة من مسافات بعيدة. كما يمكن دمج البنتريت في تقنيات متطورة تسمح بالتحكم الدقيق في توقيت وشدة التفجير، مما يعزز من فعالية الأسلحة ويزيد من قدرتها على تحقيق أهدافها بدقة.
في سياق تفجيرات أجهزة البيجر التي حدثت مؤخرًا، أثبتت البنتريت أنها كانت الخيار المفضل لتوليد تأثيرات مدمرة عبر استخدام أجهزة اتصال لا تتوقع أن تحتوي على مثل هذه المواد. حيث تم استخدام البنتريت بشكل غير تقليدي لتفجير أجهزة البيجر، وهي أجهزة اتصال بسيطة تُستخدم عادةً لتلقي الرسائل النصية والإشعارات. كيف تم تنفيذ هذا؟
- قبل وصولها إلى المستخدمين في لبنان، تم تعديل أجهزة البيجر بشكل دقيق. تم زرع كمية صغيرة من مادة البنتريت داخل كل جهاز، بجانب بطاريات الجهاز أو في مواقع أخرى يسهل الوصول إليها.
- تم تجهيز الأجهزة بحيث تنفجر عند تلقي رسالة مشفرة معينة. البنتريت، التي تنفجر عند درجات حرارة منخفضة نسبيًا، تمت برمجته ليكون نشطًا عند تلقي الرسالة. هذا يعني أن الجهاز يمكن أن يتفجر عند درجة حرارة تتراوح بين 190 درجة مئوية إلى 200 درجة مئوية، وهي حرارة يمكن تحقيقها بسهولة عند تسخين البطاريات داخل الجهاز.
- تم تنسيق العملية بحيث يتم تفعيل المتفجرات في جميع الأجهزة بشكل متزامن. هذا التنسيق الدقيق أدى إلى تفجيرات ضخمة في وقت واحد، مما تسبب في أضرار جسيمة وأعداد كبيرة من الإصابات والوفيات.
في النهاية تجدر الإشارة إلي أن استخدام البنتريت في هذا السياق يعكس تكنولوجيا متقدمة في تنفيذ العمليات العسكرية والأمنية. التفجيرات التي نجمت عن هذه الأجهزة أظهرت قدرة عالية على تحقيق تأثيرات مدمرة، مما أثار ردود فعل واسعة النطاق على المستوى الدولي والإقليمي.