تيتانيك.. 112 عامًا تحت أعماق المحيط – تحليل علمي وتاريخي لانهيار حطام السفينة الأكثر شهرة في العالم

تقارير وحوارات

حطام تيتانيك
حطام تيتانيك

مرَّ أكثر من قرن على غرق سفينة "آر إم إس تيتانيك"، التي تُعتبر واحدة من أشهر الكوارث البحرية في التاريخ. ففي ليلة باردة مظلمة بلا قمر من شهر أبريل/نيسان عام 1912، اصطدمت السفينة بجبل جليدي ضخم، ما أدى إلى غرقها بسرعة. وقد فقد أكثر من 1500 شخص من الركاب والطاقم حياتهم في تلك الليلة المأساوية. اليوم، تظل بقايا السفينة مستقرة في قاع المحيط الأطلسي على عمق 12،500 قدم (3.8 كيلومتر)، حيث يتعرض الحطام لعملية تحلل بطيئة.

تحلل بطيء في ظلام الأعماق

رغم مرور 112 عامًا على الغرق، لا يزال حطام تيتانيك يمثل لغزًا بيئيًا فريدًا. فقد كشفت الرحلات الاستكشافية الحديثة عن تدهور واضح في هيكل السفينة. في عام 2022، تم اكتشاف التواءات في الدرابزين الشهير للمقدمة، وفي أحدث بعثة عام 2024، وُجد أن جزءًا كبيرًا منه قد سقط. هذا التدهور البطيء يعود بشكل رئيسي إلى الظروف القاسية في أعماق المحيط، حيث تتسبب البكتيريا المتغذية على الحديد في تآكل الهياكل المعدنية للسفينة.

بكتيريا تحلل الحديد

بيئة قاع البحر: ضغط هائل وتيارات جارفة

تعرض حطام تيتانيك لضغط مائي يصل إلى 40 ميجا باسكال، أي ما يعادل 390 ضعف الضغط الموجود على سطح الأرض. وبسبب هذا الضغط الهائل، انقسمت السفينة إلى قسمين أثناء غرقها، مما أدى إلى تشكل شبكة معقدة من الفولاذ والحطام. تشير التقديرات إلى أن التيارات البحرية المتحركة في قاع المحيط تلعب دورًا مهمًا في تحلل السفينة، حيث تؤدي إلى تفكيك المزيد من الهياكل الضعيفة.

التفكك بفعل البكتيريا: سفينة تلتهمها الميكروبات

البكتيريا البحرية تلعب دورًا رئيسيًا في تسريع تدهور تيتانيك. فقد اكتشف الباحثون نوعًا جديدًا من البكتيريا يُسمى "هالوموناس تيتانيكا"، قادرًا على تكسير الحديد. إلى جانب هذه البكتيريا، توجد مستعمرات أخرى تنتج الأحماض التي تُذيب المعادن، مما يساهم في تفكك السفينة. ورغم هذا التآكل، فإن الحطام ما زال يشكل "واحة حديدية" تجذب العديد من الكائنات البحرية التي تعتمد على الحديد المتحلل كمصدر غذائي.


مستقبل الحطام: النهاية الحتمية لأسطورة تيتانيك

بينما يواصل العلماء دراسة حطام تيتانيك، يتوقعون أن الحطام سيختفي بشكل تدريجي على مدار العقود القادمة. بعض التقديرات تشير إلى أن مقدمة السفينة قد تتحلل بالكامل خلال 280 إلى 420 عامًا. ومع ذلك، قد تبقى القطع المدفونة في الرواسب لفترة أطول، حيث تكون محمية من التأثيرات البيئية القاسية.

حزن تحت الماء

رغم أنها أصبحت مجرد بقايا صدئة على قاع المحيط، فإن سفينة تيتانيك ستظل دائمًا رمزًا للكوارث البشرية. وبفضل الاكتشافات العلمية الحديثة، نعرف الآن أن هذا الحطام يشكل بيئة فريدة وحيوية في أعماق البحر. ولكن مع مرور الوقت، ستتحلل السفينة، تاركة خلفها بعض البقايا القليلة مثل البلاط والبورسلين، كتذكار مؤلم لغطرسة الإنسان وأخطائه.