زيارة السيسي إلى تركيا.. دبلوماسية رئاسية لتعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي
في خطوة تعكس التطور الكبير في العلاقات المصرية-التركية، يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة إلى تركيا في 4 سبتمبر 2024، وهي الأولى منذ توليه الرئاسة، وذلك ردًا على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير الماضي. تأتي هذه الزيارة في سياق رفع مستوى التبادلات الدبلوماسية بين البلدين إلى المستوى الرئاسي، وتستهدف تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي.
تُعد هذه الزيارة مؤشرًا قويًا على الرغبة المشتركة في تحسين العلاقات بعد فترة من التوترات، حيث مهدت لها سلسلة من الخطوات الدبلوماسية، بما في ذلك تخفيف الخطاب السياسي، وتبادل الزيارات على مستوى وزراء الخارجية، وكذلك عقد لقاءات رئاسية بروتوكولية على هامش فعاليات دولية.
على رأس جدول الأعمال خلال الزيارة سيكون انعقاد مجلس التنسيق الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، والذي يهدف إلى معالجة القضايا الخلافية والعمل على تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، بما في ذلك الصحة، السياحة، الدفاع، الطاقة المتجددة، الغاز الطبيعي، والإعلام. ويصاحب الرئيس المصري في هذه الزيارة وفد من رجال الأعمال المصريين إلى جانب 10 وزراء، وهو ما يعكس أهمية الجانب الاقتصادي في العلاقات الجديدة بين البلدين.
تأتي زيارة السيسي في وقت حساس على الصعيد الإقليمي والدولي، حيث تتصاعد التوترات في غزة، وتشهد المنطقة محاولات لإعادة صياغة موازين القوى الإقليمية، مما يفرض على دول المنطقة تنسيق مواقفها لتفادي أي تداعيات سلبية على مصالحها الاستراتيجية.
الزيارة الرئاسية المتبادلة تعكس نضجًا سياسيًا من كلا الطرفين وتؤكد على رؤية مصر الثابتة في إدارة علاقاتها الخارجية بمهنية عالية، بعيدًا عن التأثيرات الأيديولوجية أو الشخصنة، مع الالتزام بثوابت السياسة الخارجية.
ختامًا، تُبرز الزيارة تحولات مهمة في السياسة الخارجية التركية، حيث بدأت أنقرة بالتراجع عن دعم جماعة الإخوان المسلمين وتبني سياسات براغماتية في التعامل مع دول المنطقة، في محاولة لمعالجة أزماتها الاقتصادية الداخلية وتحسين مكانتها الإقليمية.