دكتور مصطفي ثابت يكتب: مصر عادت إلى ريادة أفريقيا
شهدت الفترة الأخيرة تحركًا مصريًا لافتًا على الساحة الإفريقية، خصوصًا فيما يتعلق بالصومال، حيث أرسلت مصر جنودًا ومعدات عسكرية لدعم الحكومة الصومالية في مواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها التدخل الإثيوبي الذي يهدد استقرار المنطقة. يأتي هذا التدخل المصري كجزء من دورها الإقليمي الرائد في حفظ الأمن والسلم في إفريقيا.
تاريخيًا، لطالما كانت مصر مهتمة بالشأن الإفريقي، وبالأخص منطقة القرن الإفريقي، نظرًا لأهمية الموقع الجغرافي للصومال ودوره الحيوي في حركة التجارة العالمية عبر خليج عدن وباب المندب. كما أن استقرار الصومال يمثل مصلحة استراتيجية لمصر في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي.
الدافع الرئيسي للتحرك المصري الأخير هو مواجهة التدخلات الخارجية، وعلى رأسها التدخل الإثيوبي، والذي يسعى لتحقيق مصالحه القومية على حساب استقرار الصومال. هذا التدخل لا يمثل فقط تهديدًا للصومال بل يمتد ليؤثر على استقرار المنطقة بأسرها، بما في ذلك مصر.
إرسال مصر للجنود والمعدات إلى الصومال ليس مجرد خطوة عسكرية، بل يحمل دلالات سياسية كبيرة. من خلال هذا التحرك، تؤكد مصر على رفضها لأي تدخل خارجي يهدد سيادة الدول الإفريقية ويعرض أمنها للخطر. وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم القاهرة للجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية.
علاوة على ذلك، يسعى التحرك المصري إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع الصومال ودعم حكومتها الشرعية، مما يعزز من دور مصر كداعم رئيسي للاستقرار في المنطقة. كما تسعى القاهرة من خلال هذا الدور إلى التأكيد على مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة، قادرة على حماية مصالحها ومصالح حلفائها.
**التأثيرات الإيجابية للتحرك المصري**
يُتوقع أن يسهم التدخل المصري في الصومال في تعزيز قدرات الحكومة الصومالية على مواجهة التحديات الأمنية والتصدي للجماعات المسلحة التي تسعى لزعزعة الاستقرار. كما سيسهم في تحسين صورة مصر كقوة إقليمية مسؤولة تعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
من ناحية أخرى، يمثل التدخل المصري رسالة واضحة إلى إثيوبيا، مفادها أن القاهرة لن تتوانى عن الدفاع عن مصالحها القومية وحماية حلفائها في إفريقيا. كما يعكس هذا التحرك التزام مصر بالمبادئ الأساسية للأمن الإقليمي، والوقوف ضد أي محاولات لفرض نفوذ خارجي بالقوة.
إن إرسال مصر جنود ومعدات إلى الصومال يعكس دورها الإيجابي والمتنامي في إفريقيا، ويؤكد على التزامها بدعم الاستقرار والأمن في المنطقة. كما يُظهر التحرك المصري قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية بحزم، خصوصًا في ظل التدخلات الخارجية التي تسعى لزعزعة استقرار الدول الإفريقية. بالتأكيد، ستظل مصر لاعبًا رئيسيًا في صياغة مستقبل إفريقيا، وحماية مصالحها ومصالح حلفائها في القارة.