ما السبب وراء زيادة العمليات الإرهابية في دول الساحل الإفريقي؟

تقارير وحوارات

الساحل الإفريقي والجماعات
الساحل الإفريقي والجماعات المتطرفة

شهدت منطقة الساحل الأفريقي تجددًا في ظاهرة الإرهاب، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول التوقيت والسياق الذي يحدث فيه، يأتي هذا التصعيد في الهجمات بعد فترة من الهدوء النسبي، حيث كانت جيوش دول الإرهاب تسعى لاستعادة السيطرة على أراضيها وضمان استقرار المنطقة.

تزامن هذه الهجمات مع التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث أدت الانقلابات العسكرية إلى انسحاب القوات الغربية، مما جعل الدول الثلاث تواجه فراغًا أمنيًا حادًا، وعليه، بدأت تلك الدول في تشكيل تحالفات أمنية واقتصادية لتعزيز موقفها، بما في ذلك التعاون مع روسيا.

 

دول الساحل الإفريقي 

ورغم هذه الجهود، فإن عودة الأنشطة الإرهابية تُلقي الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه الأمن في غرب إفريقيا، وتدعو إلى تحليل أعمق للأسباب والدوافع وراء هذا التصعيد وتأثيراته على استقرار المنطقة.

وفقًا لخبراء تحدثوا لـ "الفجر"، فإن ذلك يعود إلى محاولات استغلال ضعف القوات المسلحة في المنطقة لسد الفراغ الأمني الذي نتج عن انسحاب القوات الفرنسية والأمريكية من الدول المعنية.

زيادة قوة الجماعات الإرهابية

من جانبه قال الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن تحوّل الصراع في دول الساحل الإفريقي، خاصةً في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، وروسيا، فقد تخلّت الحكومات العسكرية في هذه الدول عن النفوذ الغربي والأمريكي، واستبدلته بالوجود الروسي من خلال مجموعة مرتزقة "فاجنر".

القاعدة 

أضاف «النجار» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن  زيادة قوة الجماعات الإرهابية، وخاصةً فرع تنظيم القاعدة المعروف باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، وتنسق هذه الجماعات مع الانفصاليين الأزواديين، حيث تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق السكان المحليين وثرواتهم في مواجهة ما تعتبره استعمارًا جديدًا يسعى للسيطرة على الذهب والموارد.

أكمل الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، قد أظهرت ممارسات مرتزقة "فاجنر"، التي تضمنت ارتكاب جرائم بشعة وتهجير قسري للسكان المدنيين، مدى تأثير هذا النفوذ على تصاعد الأنشطة الإرهابية في المنطقة.

صعوبة السيطرة

حيث أوضح  الباحث السوداني كمال إدريس، المتخصص في الشأن الإفريقي، أن منطقة الساحل الافريقي تزايدًا الأعمال الإرهابية بشكل واضح، تتقاطع فيه المسببات بين الأوضاع الداخلية للدول في المنطقة المعنية، والتدخلات الخارجية الطامحة للاستفادة من المقدرات الكامنة لتلك الدول.

أضاف «إدريس» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، وانتشار الفقر والبطالة، خاصة بين الشباب، يجعل السوق مفتوحًا أمام الجماعات الإرهابية لتجنيد الشباب بالإغراءات المادية، في ظل انشغال الحكومات في نزاعات وسياسات ضيقة الأفق وبعيدة عن التنمية المطلوبة خاصة للمناطق النائية والريفية، الأمر الذي يوسع الفجوة ويغيب الثقة بين تلك الحكومات ومواطنيها، مضيفًا أن متلازمة الصراعات العرقية والنزاعات السياسية وضعف قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية أصبحت السمة المميزة لدول المنطقة، مما يغري بالتدخلات الخارجية، سواء من بعض الدول أو المنظمات الإرهابية.

واستكمل حديثه قائلًا:" أن الأقطاب العالمية كروسيا والولايات المتحدة وغيرها يعملون على توسيع نفوذهم في المنطقة، إذ لم يعد سرًا أن روسيا توفر الدعم السياسي والعسكري لبعض الحكومات في المنطقة مقابل امتيازات اقتصادية، فيما تحول بعض الدول الاوربية الحفاظ على أراضيها ومصالحها من انتشار الإرهاب والهجرة غير الشرعية من المنطقة".

 

الجماعات المتطرفة 

أكد أن معالجة هذه التحديات المعقدة يتطلب جهودًا متكاملة على الصعيدين الأمني والتنموي من قبل الحكومات المحلية والجهات الإقليمية والدولية لتلافي نتائج التنافس الجيوسياسي المستند على الأطماع في موارد ومقدرات دول المنطقة، وفك فتيل الازمات منعًا لنشوب صراعات إقليمية أوسع نطاقًا بين القوى المتنافسة.

واختتم المتخصص في الشأن الإفريقي، أن الأوضاع السياسية المتفجرة في دول القرن الافريقي خاصة تتطلب تعاونا دوليا جادًا لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وذلك من خلال تعزيز القدرات الأمنية ومنع انتشار الأسلحة والذخائر في أيادي المدنيين، حيث سيصعب تماما السيطرة عليهم وإعادة الأمن مرة أخرى، فيما ستصبح البيئة الاستثمارية أكثر هشاشة، وتتحول الموارد والاهتمامات من التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى الأمن والدفاع.