بعد تكرار السيول في ليبيا.. هل تتحمل الحكومات المسؤولية؟
في الآونة الأخيرة، شهدت مناطق عدة في ليبيا، خاصة في الجنوب، تكرارًا لظاهرة السيول الجارفة، والتي ألحقت أضرارًا كبيرة بالمنازل والبنية التحتية، وتسببت في انقطاع الاتصالات والكهرباء.
المناطق الأكثر تضررًا تشمل تهالا، غات، بركت، تكركيبه، الفجيج، وأوباري. ومع ذلك، لم تترك هذه الظاهرة الطبيعية الحكومة الليبية والمجتمع المدني مكتوفي الأيدي.
الأمر الذي جعل المواطنين يتساءلون هل إذا تكرر السيول في ليبيا تتحمل الحكومات المسؤولة ذلك؟.
دعم المناطق الليبية
أعلنت منظمة اليونسيف فرع ليبيا ارسال شحنة من المواد الاغاثية للسكان في بلديتي تهالا وغات في الجنوب الليبي لمواجهة تداعيات الفيضانات التي اجتاحت المنطقة وفقًا لوكالة الأنباء الليبية.
وقال المنظمة في بيان لها إن ارسال الشحنات التي شملت مواد غذائية ومواد نظافة تم بالتعاون مع شريكها الهلال الأحمر الليبي.
وأكدت المنظمة ان الأحوال الجوية القاسية التي أصبحت أكثر تكرارًا من أي وقت مضى يجبرنا إلى اتخاذ اجراءات عاجلة لحماية الأطفال من تأثيرات واخطار التغير المناخي.
استجابة واسعة وتعاون مشترك
قال الدكتور إدريس محمد المحلل السياسي الليبي، إن منذ اللحظات الأولى لحدوث السيول، شهدت ليبيا هبة شعبية وحكومية واسعة، شملت كافة المناطق من الشرق إلى الغرب والجنوب، تحركت القوات الأمنية والعسكرية، إلى جانب المؤسسات المدنية، لتقديم الدعم والمساعدة للسكان المتضررين. تم تشكيل فرق طوارئ وإنقاذ عملت على مدار الساعة، بالتعاون مع الشركة العامة للكهرباء وشركة الاتصالات البريدية، لضمان إعادة الخدمات الأساسية في أسرع وقت ممكن.
أضاف «محمد» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن أحد أبرز الجوانب التي برزت في هذا التحدي هو التلاحم بين مختلف مكونات المجتمع الليبي، فالمؤسسات الحكومية والعسكرية والمدنية، إضافة إلى قوات الأمن والهلال الأحمر والكشافة، قامت بدور محوري في تقليل الأضرار، وضمان سلامة العائلات المحاصرة بالمياه. بفضل هذه الجهود، لم تُسجل أي خسائر بشرية، وهو ما يُعد إنجازًا في ظل الظروف الصعبة.
أكمل، أن الجهود ليست جديدة على المجتمع الليبي. فقد أظهرت الأحداث السابقة، مثل إعصار دانيال في درنة، كيف يمكن لليبيين أن يتكاتفوا لمواجهة التحديات. حملة "كلنا خوت" التي انطلقت عقب الإعصار، بمساندة من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، كانت خير دليل على روح التعاون والإيثار التي يتمتع بها الليبيون.
وبالمثل، تحركت هذه المرة كافة الجهات المعنية في الشرق والغرب والجنوب والوسطى لتقديم ما يمكن تقديمه من دعم ومساعدة للأسر المتضررة. كان هذا التحرك تجسيدًا لواجب وطني لا يعترف بالانقسامات السياسية، بل يركز على خدمة المواطن في أحلك الظروف.
تابع رغم الجهود الكبيرة المبذولة، تظل التحديات قائمة. فقد دعت السلطات المحلية في المناطق المتضررة السكان إلى توخي الحذر، خاصة على الطرقات العامة التي تقع في مصب السيول. كما شددت غرف الطوارئ على ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي حوادث جديدة، لضمان استجابة سريعة وفعالة.
في ضوء هذه الأحداث، أشار المحلل السياسي الليبي إلى أن الاستعداد والتخطيط المسبق للكوارث الطبيعية أمر حتمي، تكرار السيول يطرح تساؤلات حول دور الحكومات في تعزيز البنية التحتية وتحسين نظم الاستجابة للطوارئ، ورغم أن الجهود الحالية تستحق التقدير، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه الجهود إلى خطط مستدامة تضمن سلامة المواطنين وتقليل الأضرار في المستقبل.
توحيد الصف أما درنة جديدة
من جانبه علق محمد فتحي الشريف المتخصص في الشأن الليبي، لـ «الفجر» قائلًا:" أن السيول التي تعرضت إليها ليبيا خصوصًا ما حدث في درنة يجب محاسبة الحكومات منذ عام 2011"، مؤكدًا أن ليبيا تشهد حالة من عدم الاستقرار فإذا حدث أي كارثة إنسانية أخري يعني معاناة أكثر إلى الشعب الليبي، ويجب توحيد الصف الليبي من أجل عدم تكرار سيناريو درنة من جديد.
من جانبها، أشارت هيئة الأرصاد الجوية إلى أن موجة الأمطار والسيول ستخف تدريجيًا بدءًا من منتصف اليوم، مع توقع استقرار الأحوال الجوية اليوم الأحد، ومع ذلك، تستمر الجهات المختصة في تقييم الوضع وتقديم الدعم اللازم للمحتاجين.