لماذا يرفض الجيش السوداني المشاركة في مبادرة جنيف؟.. خبراء يجيبون
ينعقد اليوم الأربعاء في جنيف بسويسرا مؤتمر السلام الخاص بمحادثات وقف إطلاق النار في السودان بوساطة من الولايات المتحدة، رغم رفض الحكومة السودانية والقوات المسلحة السودانية المشاركة في هذا المؤتمر بسبب تحفظاتها على الطرح الأمريكي.
ورغم ذلك، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، في مؤتمر صحفي في جنيف أن المحادثات ستستمر كما هو مخطط لها، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أجرت مناقشات مع الجيش السوداني لكن لم تحصل بعد على تأكيد مشاركتهم في المؤتمر.
وأوضح بيرييلو أن محادثات جنيف، التي ترعاها السعودية وسويسرا، ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات العربية المتحدة والأمم المتحدة كمراقبين.
وكانت الحكومة السودانية قد عبرت في وقت سابق عن تحفظاتها على الدعوة الأمريكية لعقد المفاوضات في جنيف، مشيرة إلى اختلافها مع الولايات المتحدة بشأن المشاركين.
وقد بدأت هذه التحفظات عندما دعت الولايات المتحدة الأطراف المتصارعة في السودان إلى جولة جديدة من المفاوضات لمحاولة إنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 16 شهرًا. في حين قبلت قوات الدعم السريع الدعوة الأمريكية، طلبت وزارة الخارجية السودانية إجراء مزيد من المناقشات مع الولايات المتحدة.
وبعد مشاورات أجريت مع وسطاء أمريكيين في جدة بالسعودية، أعلن رئيس الوفد السوداني، وزير المناجم محمد أبو نمو، أن المشاورات انتهت دون التوصل إلى اتفاق بشأن مشاركة الوفد السوداني في مفاوضات جنيف.
وأكد وزير الإعلام السوداني والمتحدث باسم الحكومة، جراهام عبد القادر، تمسك الحكومة بإعلان جدة كمنبر وحيد للمفاوضات، مشيرًا إلى أن فشل اللقاء يعود إلى إصرار الوفد الأمريكي على مشاركة الإمارات العربية المتحدة كمراقب، وهو ما ترفضه الحكومة السودانية.
وفي ظل غياب أحد أطراف الصراع، يبدو أن محادثات جنيف قد تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق نتائج مرضية لإنهاء أزمة السودان ووقف الحرب.
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني كمال إدريس، إن مفاوضات جنيف بدأت الخاصة بالأزمة السودانية دون وجود أهم أطرافها وهو الجانب الحكومي أو الجيش السوداني، وقد ظهر جليًا تمسكها بضرورة إنفاذ بعض المتطلبات الواردة في اتفاق جدة والخاص بضرورة خروج المليشيا من بيوت المواطنين ومن الاعيان المدنية.
وأضاف «إدريس» لـ« الفجر»، أن هذا الوقت تصاعدت تصريحات الجانب الامريكي من مغبة غياب الحكومة، بل قالت أنها ستمضى قدمًا في الاجتماع حتى في ظل غياب الحكومة والذي ربما يفضي إلى إنفاذ الفصل السابع وفقا لمراقبين تلافيا للانهيار التام في البلاد التي تشهد مجاعة في بعض المناطق المتأثرة بالعمليات العسكرية.
تابع أن الجانبان قد أبديا موقفهما من المفاوضات من خلال كلمات بثها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان الذي خاطب السودانيين أمس بمناسبة عيد الجيش.
تابع المحلل السياسي السوداني، أن كل الخيارات مفتوحة الآن لكافة الخيارات في ظل تضاد آراء الطرفين من الحل السلمي، وينتظر أن يبادر المسهلون بخطوات على أرض الواقع لوقف نزيف الحرب أو على الأقل منع كارثة المجاعة والهروب الجماعي بإيصال الاغاثة إلى المنكوبين.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور حسين حسن، المحلل السياسي السوداني، أن اليوم، يشهد السودان تنافسًا محمومًا بين طرفي النزاع لإثبات الشرعية، حيث يصر القائد الأعلى للقوات المسلحة، الفريق عبدالفتاح البرهان، على التعامل معه كرئيس للبلاد، وقد قام بزيارات رسمية إلى رواندا وأنغولا، وعقد اجتماعات مع عدد من رؤساء الدول. في المقابل، يدعي قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أنه المدافع عن الديمقراطية، ويطالب بإجراء تحقيق لتحديد من بدأ الحرب.
أضاف «حسن» لـ « الفجر»، أن البرهان يؤكد على ضرورة تنفيذ اتفاق جدة بشكل كامل، بما في ذلك انسحاب قوات الدعم السريع من المنازل والمرافق المدنية. كما يعارض مشاركة الإمارات العربية المتحدة في المفاوضات، نظرًا لما يعتبره دعمًا للقوات المتمردة.
أكمل أن هناك مخاوف من أن مفاوضات جنيف قد تعطل تنفيذ اتفاق جدة، خاصة مع اشتراط الحكومة السودانية انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي سيطرت عليها بعد الاتفاق، وهو ما يبدو شرطًا تعجيزيًا.
أشار المحلل السياسي السوداني، إلى أن الفريق البرهان يواجه ضغوطًا داخلية بين مؤيدي السلام، الذين يرون ضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية، وبين من يطالبون بالقضاء على الدعم السريع بالقوة العسكرية. ومع تزايد معاناة الشعب السوداني جراء الحرب، والنزوح الجماعي، والفيضانات التي أدت إلى تلوث بيئي خطير، تتضاعف الضغوط على الجيش السوداني، الذي يجد نفسه بين نار التفاوض لتخفيف العبء على المواطنين، ونار الخوف من منح الشرعية للدعم السريع عبر هذه المفاوضات.
نوه بـ أن هناك احتمالية مشاركة ممثلين عن الجيش في مفاوضات جنيف، إلا أن رفض المشاركة قد يدفع الوسطاء الإقليميين والدوليين إلى ممارسة مزيد من الضغوط على البرهان في المقابل، قد يجد البرهان دعمًا من الاتحاد الأفريقي، الذي يفضل الحلول الأفريقية.
وأختتم، تبقى معاناة الشعب السوداني هي الثابت الوحيد في هذا النزاع الطويل، حيث يعيش تحت وطأة الحروب والنزاعات التي زادت من حدتها التدخلات الخارجية، والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد.