مصر في أولمبياد باريس.. أرقام تخض!
بعد التبريكات والتهاني لأبطالنا المصريين الثلاثة الذين حصدوا 3 ميداليات في أولمبياد باريس 2024: ذهبية أحمد الجندي في الخماسي الحديث، وبرونزية سارة سمير في رفع الأثقال وفضية محمد السيد، في سلاح الشيش، لا بد من وقفة حاسمة في عدة نقاط بخصوص المشاركة.
164 لاعبا في 22 رياضة مختلفة، بواقع 148 لاعبا ولاعبة أساسيين و16 لاعبا احتياطيا، يشاركون في الأولمبياد، أنفقت الدولة عليهم حتى اليوم 1.1 مليار جنيه، بزيادة 777 مليون جنيه، عما أنفقته على بعثة أولمبياد طوكيو 2020، التي حققت فيها 6 ميداليات: ذهبية وفضية، و4 برونزية.
تخيل أن رقما ضخما مثل هذا الذي أنفقته الدولة على إعداد البطل الأولمبي وتجهيزه لمنافسات باريس 2024، يذهب سُدى في مشاركة ضعيفة لاتحادات وألعاب، لم يقدم لاعبوها 1% مما يقدمه أي لاعب في أي بعثة تابعة لدولة أخرى، إذا ما أخذنا في الحسبان تحقيق بعثات أقل بكثير في العدد ميداليات لبلادها وبإنفاق أقل مما أنفقته مصر.
العدد الذي شاركت به مصر في هذا المرة كان عبئًا إذا ما قارناه بحجم الإنجاز، وإذا ما قارناه أيضًا بحجم المشاركات العربية في أولمبياد باريس فمثلا الجزائر الشقيقة تشارك في أولمبياد 2024، بـ32 رياضيا، حصدت بهم 3 ميداليات: 2 ذهب وبرونزية، والبحرين تشارك بقائمة تضم 14 لاعبا ولاعبا يمثلون 5 رياضات وهي ألعاب القوى، السباحة، المصارعة، الجودو، ورفع الأثقال، حققت بهم ذهبية وفضية وبرونزية، وكذلك تونس التي تشارك بـ27 لاعبا، حقت بهم ذهبية وفضية وبرونزية.
ولك أن تتخيل ماذا كان سيفعل 1.1 مليار جنيه لفئات في أمسّ الحاجة إلى ما يعينها على مشقة الحياة والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر.
1.1 مليار جنيه لو وضعت في مخصصات الحماية الاجتماعية، التي توفرها الدولة للتخفيف على الناس، لكان أفيد وأفضل بكثير من إنفاقها على بعثة لم تقدم المردود الذي يسمن ويغني من جوع، باستثناء الأبطال الثلاثة الذين رفعوا اسم مصر في ذلك المحفل العالمي.
وأتساءل هنا أين وزير الرياضة الدكتور أشرف صبحي، الذي قال إن الوزارة تستهدف 10 ميداليات أولمبية من مشاركتها الحالية في باريس؟ هل كان تصريحه هذا استهلاكا إعلاميا أم كان بناء على خطط محددة ومضمونة النتائج؟
هل أعددنا الـ148 لاعبا ولاعبة الأساسيين والـ16 لاعبا احتياطيا، بالشكل اللائق لحصد الميداليات العشر، أم أن المشاركة كانت لمجرد المشاركة في محفل رياضي مهم كهذا؟
واتصالا بحجم الإنفاق الضخم، لا ينبغي أن نغض الطرف عن إنفاق ما مجموعه 19.75 مليون جنيه، على بعثة الفروسية، التي تتكون -وركز معي في العدد- 9 إداريين وفارس بحصانه، ولك أن تتخيل أن الفارس نائل نصار هو صهر رجل الأعمال الأمريكي بيل جيتس، واحد من أغنى أغنياء العالم، والفارس هذا كان يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية وجاء على البطولة بحصانه، ومن بين أفراد الفريق زوجته ابنة بيل جيتس!
ولي أن أتساءل على من أنفقت الـ19.75 مليون جنيه هذه، هل على الفارس الذي قال إنه ذهب إلى باريس على نفقته، أم على أفراد البعثة المكونة من 9 إداريين؟ والأهم من كل ذلك ولسوء القدر أن يصاب الحصان قبل البطولة ومن ثم يستبعد اللاعب وحصانه من المنافسات قبل أن تبدأ لتكون تلك الأموال هباء منثورا.. فمن سيحاسب على ذلك؟!
أضف إلى ذلك كمية الأموال التي صرفت على منتخبات البعثة ولم تحصد من ورائها أي مردود، وهنا سأذكر أرقاما على سبيل المثال لا الحصر، فقد خصصت الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة، 17.25 مليون جنيه للكرة الطائرة، وخسر منتخب مصر في جميع مبارياته في البطولة، و23.75 مليون جنيه على كرة اليد وأخفق المنتخب الذي كان ينتظر منه الوصول إلى المباراة النهائية، أو على الأقل اللعب على ميدالية، وخسر بشكل عجيب من إسبانيا، وفرّط في ميدالية كانت سهلة.
فضلا عن 23.15 مليون جنيه للرماية وخرجنا من المنافسات بفضيحة تمثلت في حصول اللاعبين على المراكز الأخيرة، ناهيك عن 21.5 للسباحة، ومع ذلك لم نصل إلى حتى المراكز الأربعة الأولى ولو كنا استعنا بشباب يستحمون في الترع لكنا استفدنا منهم، وغيرها وغيرها من الملايين التي أنفقت بلا مردود.
28.75 مليون جنيه، إجمالي ما أنفقته الوزارة على بعثة المصارعة، وكمثلها من باقي الفرق، لم نحصد أي ميدالية، اللهم «دوشة» حول اللاعب محمد السيد كيشو، الذي ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه، بتهمة الاعتداء الجنسي على فتاة في أحد بارات باريس، واتضح بعد ذلك أن الاتهام باطل، وجرى إطلاق سراحه.
إن الأداء الضعيف من لاعبي مصر في البطولة، يستدعي وقفة من الدولة، لمعرفة كيف أنفقت كل تلك الملايين وعلى من، وما المردود، ومحاسبة المسؤولين عن المنتخبات من أول الوزير إلى أصغر فرد في البعثة على هذه الأمور، فلسنا في رفاهية إنفاق كل تلك الأموال على سراب.