هل يعود شبح الحرب الأهلية إلى ليبيا من جديد؟

تقارير وحوارات

ليبيا
ليبيا

 


تصاعدت وتيرة التوترات العسكرية في غرب ليبيا مع تكثيف التحشيدات العسكرية في عدة مدن استعدادًا لمواجهة محتملة مع قوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر. هذا التحرك جاء بعد أن اتجهت قوات حفتر إلى الجنوب الغربي لتنفيذ مهمة وصفتها قيادته بأنها جزء من "خطة شاملة لتأمين الحدود وتعزيز الأمن القومي"، ما أثار قلقًا واسعًا في صفوف القوى الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية.

ورغم التطمينات التي قدمتها القيادة العامة للجيش المتمركز في شرق ليبيا، حيث أكدت في بيان للمتحدث باسم "رئاسة أركان القوات البرية" أن تحركاتها لا تستهدف أي طرف معين، إلا أن جميع القوى الأمنية والعسكرية في الغرب الليبي دخلت في حالة استنفار قصوى. وقد شهدت مدن مثل مصراتة والزاوية استعدادات عسكرية مكثفة لمواجهة تحركات حفتر، مع انتشار واسع للآليات العسكرية في مصراتة عقب دعوة "قوة العمليات المشتركة" جميع منتسبيها للوجود "فورًا" في مقرها بكامل تجهيزاتهم.

وفي محاولة للتهدئة، اجتمع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، مع ممثلي بعض القوى الأمنية في طرابلس، حيث أبدوا تأييدهم لخطواته المقبلة التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة الغربية.

وفي المقابل، أكدت القيادة العامة للجيش الوطني أن تحركات قواتها تهدف فقط إلى "تأمين الحدود الجنوبية" من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية ومراقبة الشريط الحدودي مع الدول المجاورة. وأوضحت القيادة أن هذا التحرك يأتي في إطار تعليمات المشير حفتر لتعزيز الأمن على الحدود والتصدي لأي تهديدات قد تستهدف سلامة الوطن، مشيرة إلى أن الوحدات العسكرية انتقلت إلى المناطق المكلفة بتأمينها مثل سبها وغات وأباري ومرزق والقطرون وغيرها.

ورغم تأكيد القيادة العامة أن هذا التحرك يأتي في ظل التوترات في دول الجوار واحتمال نشاط العصابات والجماعات المتطرفة، إلا أن بعض الأطراف السياسية اعتبرت أن هذه التحركات تحمل أبعادًا سياسية ومالية، مشيرين إلى أنها قد تسفر عن العودة إلى الصراع المسلح وتهديد اتفاق وقف إطلاق النار ومساعي توحيد المؤسسة العسكرية.

المجلس الأعلى للدولة رفض هذه التحركات واعتبرها "غير شرعية"، محذرًا من أن حفتر يسعى للسيطرة على مناطق استراتيجية مهمة قرب الحدود التونسية – الجزائرية، بما فيها مطار غدامس. ودعا المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش إلى رفع حالة التأهب والاستعداد لمواجهة أي خطر محتمل، كما طالب البعثة الأممية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح ضد هذه التحركات.

في غضون ذلك، اندلعت اشتباكات مسلحة بين فصيلين في مدينة تاجوراء الساحلية شرق العاصمة طرابلس، مما زاد من تعقيد المشهد. الاشتباكات اندلعت بين كتيبة "رحبة الدروع" بقيادة خلف الله بشير المعروف بـ "البقرة"، وكتيبة "الشهيدة صبرية" الموالية لمفتي غرب ليبيا الصادق الغرياني. وفيما أفادت تقارير أن المواجهات جاءت بعد محاولة اغتيال "البقرة"، أكدت كتيبة "رحبة الدروع" أنها تمكنت من السيطرة على معسكر "الشهيدة صبرية" وأسرت 12 عنصرًا منها.

تأتي هذه التطورات في وقت حرج بالنسبة لليبيا، حيث تشهد البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والعسكري، وهو ما يزيد من احتمالات تفجر الصراع المسلح في أي لحظة. البعثة الأممية في ليبيا أعربت عن قلقها إزاء هذه التحركات العسكرية، داعية الأطراف كافة إلى ضبط النفس ومواصلة التنسيق لتجنب المزيد من التوترات.


من جانبها أكدت ريم البركي، المحللة السياسية الليبية والباحثة المتخصصة في قضايا الأمن والهجرة، أن ما يجري في ليبيا ليس حربًا أهلية، بل هو صراع ضد الإرهاب، حيث يخوض الجيش الليبي معركة شرسة ضد المتطرفين، سواء كانوا ليبيين أو مقاتلين أجانب، مشيرة إلى أن التكاتف الذي شهده الليبيون من مختلف المناطق خلال عمليات الإنقاذ في كارثة مدينة درنة هو دليل على الوحدة الوطنية، ما ينفي مزاعم "الحرب الأهلية".

و أضافت “ البركي” في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن مصطلح "الحرب" هو مجرد فزاعة يستخدمها عبد الحميد الدبيبة لحشد الدعم المحلي والدولي، بهدف إطالة بقائه في السلطة، مشيرة إلى أن الحل الوحيد أمام الدبيبة للبقاء في منصبه هو اندلاع حرب، وهو ما يسعى الجميع لتجنبه.

أما بالنسبة لتحركات قوات الجيش الليبي نحو الحدود الغربية الجنوبية للبلاد، فقد أكدت المحللة السياسية الليبية أنها تأتي في إطار حماية الحدود مع الجزائر، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في مالي وظهور عناصر متطرفة في الصحراء الكبرى. 

 

وشددت على أن الجيش الليبي، بعد سنوات من مكافحة الإرهاب، لن يسمح للعناصر الإرهابية بالتسلل مجددًا إلى البلاد، ولن يسمح بظهور خطوط إمداد ودعم لهذه العناصر المتطرفة داخل ليبيا.