كريم وزيري يكتب: من لالة فاطمة نسومر إلى إيمان خليفة.. بطلات من ذهب
في تاريخ الجزائر، تبرز قصص البطولة النسائية كدليل على الشجاعة والصمود في وجه الظلم؛ ففي القرن التاسع عشر، ظهرت "لالة فاطمة نسومر" كقائدة شرسة في مقاومة الاحتلال الفرنسي، حيث جسّدت روح المقاومة والإصرار، تزعّمت المعارك في منطقة القبائل، متحدية القوات الفرنسية بقوة وشجاعة استثنائية، حتى أصبحت رمزًا للنضال ضد الاستعمار.
على نفس النهج، سارت البطلة الجزائرية "إيمان خليف" في القرن الحادي والعشرين، بطلة الملاكمة، واجهت التحديات والضغوطات بنفس الروح القتالية التي ميّزت “نسومر” في أولمبياد باريس 2024، وتعرّضت لحملة تنمر وانتقادات حادة، وواجهت شكوكًا حول أهليّتها للمشاركة، وذلك بعد فوزها في النصف النهائي.
ورغم هذه المحاولات لتقويض عزيمتها، واصلت إيمان خليف كفاحها، ووصلت إلى النهائيات؛ حيث رفعت العلم الجزائري عاليًا، مشيرةً إلى أنها ليست مجرد رياضية، بل تجسيد لروح النضال والمقاومة.
هاتين البطلتين تعكسان امتدادًا للروح الجزائرية الأصيلة، التي لا تستسلم للضغوط، وأثبتتا من خلال معاركهما، أن المرأة الجزائرية قادرة على تحمل المسؤولية والدفاع عن وطنها، وهو ما كررته إيمان خليف، من خلال حلبات الملاكمة؛ حيث أكدت أن المرأة الجزائرية ما زالت، وستظلُ في طليعة من يقفون ضد الطغيان والظلم.
هذه الحكايات ليست مجرّد قصص فردية، بل هي تجسيد لإرث نضالي طويل، يمتد عبر الأجيال، كلٌ من لالة فاطمة نسومر وإيمان خليف، أثبتتا أن القوة والشجاعة ليسا محصورين بالجنس، بل هما نتاج للإيمان العميق بعدالة القضية والوطن، فعندما حاول الفرنسيون إخماد صوت "نسومر"، أبت إلا أن تترك بصمة خالدة في تاريخ الجزائر، وبالمثل، عندما حاول المنتقدون تقويض مسيرة "إيمان"، أبت إلا أن ترفع اسم الجزائر، وتفوز بشرف وكرامة.
من "فاطمة" إلى "إيمان"، تستمر قصة المرأة الجزائرية التي لا تعرف الانكسار، قوة في النضال، وثبات أمام التحديات، ليظل التاريخ شاهدًا على أن نساء الجزائر كنّ دائمًا في مقدمة من صنعوا أمجاد الوطن.