ضمير الأمة..

مصطفى عبيدو يكتب: المجرم على مسرح الكونجرس الأمريكي

مقالات الرأي

بوابة الفجر

ما جاء فى خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي بعد تسعة أشهر من حرب الإبادة الجماعية وقتل الاطفال في قطاع غــ..ــزة لم يكن غير متوقعا.. سواء كمية الافتراءات والأكاذيب التي سيطرت علي غالبية كلمته أو قلب الحقائق أو التلاعب بالمشاعر، لكن الملفت للنظر كمية التصفيق والوقوف ( معًا ) الغير عادية والتي رصدت بأكثر من ٣٥ تصفيقا ووقوفًا في خطاب مدته نحو ساعة  كله استعراض واستعطاف.. فى أشبه ما يكون بعرض مسرحي مجهز بعناية فائقة.. فى ظل أكبر مذبحة وحرب إبادة يشهدها العالم فى العصر الحديث.

نتنياهو مارس الضغط علي الحكومة الأمريكية باستمرار وبقوة هذه المرة من أجل إستمرار الحرب من خلال زيادة دعمه ماليًا وعسكريًا بالذخيرة والسلاح والاستخبارات العسكرية وطلب ذلك صراحة حتى يحقق مراده باستمراره شخصيًا بالسلطة وبقاء حكومته التى سترحل إذا تمت صفقة تبادل الأسرى وانتهت الحرب.. لذا لم يتحدث عن المفاوضات مطلقًا.. هو فقط يريد استكمال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي  في غ.ـــ.زة والضفة الغربية.. مستخدمًا عبارات الدين كثيرًا وجمل مثل أن هذه الحرب وجودية وأنها بين الحضارة يقصد حضارته الدموية وبين البربرية والهمجية يقصد اطفال ونساء وشيوخ قطاع غـ.ـ.ـزة الذين قدموا نحو ٣٩ الف شهيد و٩٠ الف مصاب أغلبهم اطفال ونساء وشيوخ، لم يحركوا الكونجرس الأمريكي.

وجه نتنياهو رسالة قوية وواضحة لأمريكا نفسها، حينما قال  اننا نقاتل حتى لا تنزل الولايات المتحدة بجنودها إلى ساحة القتال، وبعد ذلك استشهد بقول كان تشرتشل قد قاله لامريكا من قبل اثناء الحرب العالمية الثانية، ومفاده "أعطونا الادوات، وسننهي العمل" حيث استعارها نتنياهو وكررها على مسامع الكونجرس ليخبرهم بطريقة غير مباشرة ان انكم توقفتم عن دعمنا، ستضظرون على القيام بتلك المهام بأنفسكم وبجنودكم على الأرض. 

وقال نتنياهو بوضوح القدس لن تكون مقسمة وستظل عاصمة أبدية للكيان ولم يتحدث عن سلام أو حل الدولتين وغيرها من الأوهام التي يتشدق بها البعض وصفق له الحضور وقوفًا.

استخدم نتنياهو فزاعة معاداة السامية وقوى الشر وإيران جيدا،استغل فوبيا إيران لدي الامريكان ووظف ذلك فى أن إيران وراء كل شئ وأنه يحاربها نيابة عن امريكا والعالم وبعض العرب أيضا. 

خطاب نتنياهو كان استعراضيا على طريقة هوليوود وهجوميا أيضًا ضد الكل، حيث  هاجم المتظاهرين واتهمهم بالعمالة وهاجم رؤساء جامعات أمريكية واتهمهم بمعاداة السامية وهاجم محكمة العدل الدولية.. نتنياهو هاجم الجميع بقوة عجيبة وجرأة فريده باعتباره سفاح القرن الذى مارس ويمارس اكبر جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث.

هذه القوة هى شركات صهيونية عالمية عملاقة واثرياء وشركات ومؤسسات تعمل بالسلاح والتجارة والصناعة والاقتصاد ولوبي ضغط كبير من صهاينة ليسوا يهود فقط.. وهذا ليس عجيبا.. فنتنياهو قالها علنا أمام الكونجرس أن بايدن قال عن نفسه أنه صهيوني وصفق ووقف له كل الحضور.

تلك القوة تدعم اكاذيب السفاح مجرم الحرب نتنياهو بل وتروج لها وتدعمها بكل قوة.. ليس داخل الأراضي المحتلة بل فى المنطقة العربية كلها، أنهم يتحدثون عن العرب يرسمون مستقبل منطقة بكاملها هى وطننا العربي  و يتحدثون عن حلفاء لهم من المنطقة.. وهذه هى الكارثة الكبري.. 
فنتنياهو يعتبر سكان المنطقة فقراء برابرة والكيان فقط هو واحة الحرية والديمقراطية والعدالة ويريدون لهذه المنطقة الازدهار وهو من سيحقق ذلك حسب ظنه.

المفارقة العجيبة أن المجتمع داخل الأراضي المحتلة يلفظة ووفقا لآخر استطلاعات الرأي فإن نسبة مؤيدي نتنياهو بلغت ١٥ ٪ من الإسرائيليين بل إن الكثيرين منهم تظاهروا ضده ولم يرغب  الكثيرين فى سفر نتنياهو بل اعترضوا على ذلك واعتبروا سفره نهاية اى صفقه لعودة ابنائهم الأسرى أحياء، بل وهاجموا نتنياهو وتظاهروا ضده داخل الأراضي المحتلة وفى أمريكا وأمام الكونجرس وأمام البيت الأبيض.. وسخروا من هذا الخطاب.

أيضا لاحظنا غياب نواب كثيرين هذا اللقاء، ولاحظنا أيضا كثيرين ممن يرتدون القلنسوة اليهودية بجانب ضيوف يهود ومن الكيان..فبحسب الاحصاءات: حضر ١٠٠ نائب من أصل ٢١٢ نائبًا ديمقراطيًا في مجلس النواب و٢٧ سيناتور من أصل ٥١ ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ اى حوالى ١٢٧ فقط.. إذن من هؤلاء الذين ملأوا الشاشة.

مقابل هذا المشهد المسرحي الهوليودي، كانت الشوارع في الخارج تضج بأصوات المتظاهرين ضد الحرب في غ.ـ.ــ.زة وضد نتنياهو.

و لم يسلط الإعلام الضوء علي حاخامات يتظاهرون ضد نتنياهو، ولم يسلط الإعلام الضوء علي  النائبة الديمقراطية الأمريكية رشيدة طليب التي حضرت مرتدية علم وكوفية فلسطين رافعة لافتة عن نتنياهو "مجرم حرب" و"مذنب بارتكاب جرائم إبادة جماعية". 

وقد علقت طليب على حضورها الخطاب قائلة: سأحضر للتذكير بأننا لن نكون غير مرئيين أو صامتين، بينما يلقي مجرم حرب متهم بالإبادة الجماعية خطابًا أمام الكونجرس الأمريكي.

بينما قام رجال الامن باخلاء الكونغرس من جميع الضيوف المعترضين أو من يحملون لافتات ضده.

الملحوظة  في هذا الاستعراض التعبوى من نتنياهو أنه يتحدث بوعود مستقبلية ولم يتحدث عن واقع أو احداث مضت.. مما يؤكد أنه فى حالة ضعف شديد خاصة وأنه يلقى تصفيقا تعبويا لدعمه ليظهر بصورة بطولية رغم الكذب والخداع الذى يمارسة.

الملحوظة الاخرى عدم حضور كاملا هاريس (وهي رئيس مجلس الشيوخ طبقا للدستور) وتعليق نانسي بيلوسي على خطاب نتنياهو بأنه أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس للمرة الرابعة له.