بعد عطل مايكروسوفت وسفاح التجمع وهدير عبدالرازق.. كيف أصبح العالم مهدد من مخاطر الأمن السيبراني والميتافيرس؟

تقارير وحوارات

الأمن السيبراني في
الأمن السيبراني في عصر الميتافيرس

عطل مايكروسوفت تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعد أعلنت وسائل الإعلام المختلفة عن عطل حدث في مايكروسوفت بتحديث جديد لشركة CrowdStrike وهي شركة برمجيات الأمن السيبراني، وتسبب هذا بحدوث اضطرابات في العديد من القطاعات، وكانت البورصات وشركات الطيران والبنوك الأكثر تضررا.

حيث رصد الخبراء أن الأمن السيبراني وعالم "ميتافيرس"  أتخذ من المرح والمبهج منعطفًا مظلمًا وتسبب بأضرار ملموسة وكبيرة، وفي الآتي نرصد ثقافة الاغتصاب وكراهية النساء المستشرية في العوالم الافتراضية.


الأمر الذي دفع الخبراء المتخصصين يطالبون بمحاكم متخصصة وتشريعات قانونية تنطوي على عقوبات مشددة بحق مرتكبيها.


ما الواقع الافتراضي ( الميتا فيرس)؟


الواقع الافتراضي بيئة مُصممة حاسوبيا يتفاعل معها المستخدم، وهي مبنية باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، مثل الرسومات الثلاثية الأبعاد والصوت المحيطي والتتبع الحركي، مما يسمح للمستخدم بالتفاعل مع العناصر الرقمية وتحريكها والتلاعب بها، الأمر الذي من شأنه خلق تجربة شاملة وواقعية.


كشفت إحدى الدراسات بأن 66 في المئة من الأطفال في المملكة المتحدة جربوا الواقع المعزز أو الافتراضي، فيما يستخدم 25 في المئة منهم الواقع الافتراضي كل أسبوع، ففي يونيو  وسعت "ميتا" دائرة مستهلكي منتجاتها عندما خفضت الحد الأدنى لسن المستخدمين المؤهلين دخول الـ "ميتافيرس" من 13 سنة إلى 10 سنوات، وفي هذه الأثناء أعلنت بعض شركات تطوير الواقع الافتراضي بالفعل زيادة مبيعاتها ست أضعاف منذ يوم عيد الميلاد عام 2023، ومع ارتفاع أعداد مستخدمي الـ "ميتافيرس" فإن الخطاب المتفائل الذي تستخدمه شركات التكنولوجيا يتناقض بشكل حاد مع الواقع الأكثر كآبة.

وفي الثاني من يناير 2024 أفادت التقارير أن الشرطة البريطانية تحقق في اعتداء جنسي افتراضي تعرضت له الشخصية الافتراضية لإحدى الفتيات، وهي المرة الأولى التي تنظر فيها السلطات البريطانية في قضية من هذا النوع، ولا نملك كل تفاصيل الواقعة لكننا نعرف وحسب بأن عمر الفتاة كان أقل من 16 عامًا عند وقوع الحدث، وأنها كانت تلعب لعبة تنغمس من خلالها في العالم الافتراضي باستخدام نظارة وسماعة الواقع الافتراضي حين تعرضت شخصيتها الافتراضية للاغتصاب من عدة شخصيات أخرى، ومع أن النساء يحاولن دق ناقوس الخطر في شأن ثقافة الاغتصاب في الـ "ميتافيرس" وكراهية النساء التي غالبًا ما يظهرها اللاعبون المجهولون الموجودون في هذا الفضاء، تعتبر هذه القضية سابقة من ناحية حصول تدخل قانوني بعد وقوع اعتداء جنسي في عالم مجسمات ثلاثية الأبعاد.


سفاح التجمع 


أوضحت نجلاء الراوي، أن قضية سفاح التجمع هزت الشارع المصري، حيث قام المتهم بقتل سيدات وإلقاء جثثهن في مناطق صحراوية بمحافظتي بورسعيد والإسماعيلية.

نوهت الإعلامية نجلاء الراوي، بأن المتهم انتقل من العالم الافتراضي كمقدم محتوى عبر منصات السوشيال ميديا إلى عالم الجريمة، لافتة إلى محاولة التعرف على شخصية المتهم النفسية وهل هناك دوافع نفسية وراء ارتكابه لتلك الجرائم وموقف القانون منه.

وأشارت الإعلامية نجلاء الراوي، إلى الاعترافات الصادمة اللي أدلى بها المتهم عن طريق قتل ضحاياه وهن يتناولن الأيس حيث كان يجبرهن على ذلك، وكان يعذب ضحاياه وهو يتلذذ بإلحاق الأذى بالآخرين، متسائلة: هل هذا اضطراب نفسي أم أنه شخصية مجرمة؟

ولفتت الإعلامية نجلاء الراوي إلى أن المتهم تحول من تاجر إلى مقدم محتوى على "تيك توك" ليخطف الأنظار بأسلوبه المبتكر حتى وصل عدد متابعيه إلى نحو 7 ملايين.


هدير عبدالرازق

كشفت التحقيقات أن هدير عبد الرازق نشرت عددًا كبيرًا من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وفيسبوك وإنستجرام، تتضمن عبارات وتلميحات مخلة وتحرض على الفسق. وتم القبض عليها داخل شقتها، والتحفظ على هاتفها المحمول تمهيدًا لعرضها على النيابة العامة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقها.

رسائل وهمية

تداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، تحذيرات بعض البنوك وأيضا المواطنين عندما إعطاء رقم الفيز كارت إلى الأشخاص مجهولين الهوية وذلك بعد سرقة أموال عدد من المواطنين.

 

 

الكوارث التقنية نتيجة الواقع الافتراضي والأمن السيبراني


من جانبه قال الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الامن السيبراني ومكافحة الجرائم الالكترونية، في العصر الرقمي الحديث، إن تسبب عطل تقني في شركة مايكروسوفت في حالة من الارتباك العالمي وشلل العديد من خطوط الطيران العالمية، ونظم الخدمات الطبية، وشبكات السكك الحديدية في الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية، وتعتمد العديد من الحكومات والشركات على أنظمة تشغيل تقنية تابعة لمايكروسوفت، التي تعمل حاليًا على إصلاح هذا العطل.
أضاف رمضان في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن شركة الأمن السيبراني الأمريكية " كراود سترايك " هي السبب المحتمل وراء العطل التقني العالمي الذي أثر على أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام مايكروسوفت في جميع أنحاء العالم اليوم الجمعة، وهي شركة أمريكية للأمن السيبراني تساعد الشركات في إدارة أمانها في "بيئات تكنولوجيا المعلومات"، وهي تشمل كل ما يتم الوصول إليه عبر اتصال بالإنترنت.
لفت إلى أن مهمتها الأساسية تتمثل في حماية الشركات ومنع خروقات البيانات وهجمات الفدية والهجمات السيبرانية الأخرى، ويعد  “CrowdStrike Falcon، الذي يوصف على موقع الشركة بأنه يوفر "مؤشرات هجوم في الوقت الفعلي، وكشف دقيق للغاية، وحماية آلية" من التهديدات السيبرانية المحتملة، وهو واحد من اكثر البرامج المستخدمة من قبل آلاف الشركات حول العالم لحماية البيانات، ويُعتقد أن تعطل خادم“  Falcon “ يوم الجمعة هو السبب وراء هذا العطل العالمي في منتجات مايكروسوفت.

الدكتور محمد محسن 

من جانب آخر علق مخاطر  العالم الافتراضي وعوالم الميتافيرس قائلًا:" أن عالم الميتافيرس جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تتداخل هذه البيئات الرقمية مع العديد من الجوانب الترفيهية والتعليمية والمهنية، يمثل الميتافيرس بيئة رقمية مشتركة يستطيع المستخدمون التفاعل فيها عبر أجهزة الحاسوب وتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز مضيفًا  أنه في الوقت الذي اكتسب فيه مصطلحا "الواقع الافتراضي" (VR) و"الميتافيرس" شهرة واسعة في السنوات الأخيرة، لا يزال الكثيرون غير متأكدين من الفروقات بينهما، حيث يشمل الميتافيرس عوالم افتراضية متعددة يمكن للمستخدمين الولوج إليها لتحقيق تجارب متنوعة، بدءًا من الألعاب وصولًا إلى الاجتماعات الافتراضية، يكمن الاختلاف بين الواقع الافتراضي والميتافيرس في التركيز ومستوى التفاعل؛ حيث تهدف تقنيات الواقع الافتراضي إلى غمر المستخدمين في بيئات محاكاة، بينما تعد الميتافيرس مساحة افتراضية مشتركة تتيح للمستخدمين التفاعل مع بعضهم البعض، كل من VR والميتافيرس يحملان إمكانية إحداث ثورة في الطريقة التي نختبر بها العالم الرقمي ونتفاعل معه، مما يفتح أمامنا آفاقًا جديدة ومثيرة للمستقبل.

أكمل أن الميتافيرس ستكون الشكل الجديد للإنترنت والواقع الافتراضي هو الاداة للدخول إلى الميتافيرس وعلى سبيل المثال:" التواصل الاجتماعي، التعليم الإلكتروني، التسوق الإلكتروني، الاقتصاد الرقمي، الألعاب الافتراضية والرياضة الرقمية".


أكد مستشار الامن السيبراني ومكافحة الجرائم الالكترونية أن مخاطر الميتافيرس يؤدي إلى:" الإدمان التكنولوجي،  عدم الأمان الرقمي وذلك يعني زيادة الاختراقات والتجسس بالإضافة إلى تعطيل  المؤسسات  بالإضافة سرقة البيانات الشخصية، مما يعرضهم لمخاطر الاحتيال الرقمي" مع كل ذلك يؤدي التنمر الإلكتروني، الفجوة الرقمية وانتهاك الخصوصية ".
كما أشار إلى أن العالم الافتراضي والميتافيرس يمثل خطوة كبيرة نحو مستقبل رقمي متكامل، حيث يمكن للناس التفاعل بطرق جديدة ومبتكرة، ومع ذلك، يتطلب هذا المستقبل الرقمي توخي الحذر ومواجهة التحديات المرتبطة به لضمان تجربة آمنة ومثمرة لجميع المستخدمين، تعزيز الوعي بمخاطر الميتافيرس واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الخصوصية والأمان هو أمر حيوي لضمان مستقبل رقمي مستدام ومزدهر.


التشريعات المطلوبة للهجوم السيبراني.. وجرائم الواقع الإفتراضي

أوضح الخبير القانوني الدكتور مسعد أبو طالب،  أن أثر الجريمة غالبًا ما ينصرف إلى إحساس مادي ملموس يُصيب المجني عليه في جسده أو ماله؛ لكن مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي وتعدد هذه الاستخدامات، ظهرت صور أخرى للجرائم وأثرها النفسي أو الحسي على الأشخاص؛ فالأصل أن  يتأثر المجني عليه في الحقيقة أو الواقع، ولكن في ظل التطور الهائل في استخدام التكنولوجيا أصبح الإنسان يتأذى لمجرد الشعور بأثر الجريمة النفسي وليس المادي.

 

أضاف أبو طالب في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن التكنولوجيا أصبحت مفيدة في عالمنا المعاصر من أجل تسهيل التواصل وإنهاء الأعمال دون تكبد عناء السفر أو الانتقال، إلا أنها خلقت نوعًا جديدًا من الخارجين على القانون، ولم يقتصر الأمر على الجرائم المالية التي بدأت مبكرًا منذ استخدام التكنولوجيا في التواصل أو حتى في مجال الأعمال والتي تحاول العديد من الشركات ومقدمي الخدمات تجنبها عن طريق الفحص الدائم وتفعيل وسائل الأمن السيبراني، ولعلنا شهدنا في مطلع هذا اليوم الشلل التام الذي أصاب أرجاء العالم من مطارات وبنوك وبورصات نتيجة وخذة بسيطة في انظمة مايكروسوفت العالمية، مما هرعت معه كافة أجهزة الأمن السيبراني في دول العالم والتى تمثل حائط صد لهجمات القراصنة ومخترقي الشبكات، بل  تجاوز البعض حدود هذه الجرائم، وأصبحت هناك جرائم ترتكب عبر التقنيات الحديثة مثل تقنية الواقع الافتراضي (VR) ما كانت لتُرتكب إلا بتلامس الجاني مع المجني عليه ماديًا.

الدكتور مسعد أبو طالب 

وطلب الخبير القانوني، من المشرعين بسرعة التدخل من أجل إصدار تشريعات لتجريم هذه الأفعال، كما خاطب الفقهاء بضرورة التوسع في مفهوم  النتيجة الإجرامية والتي بالكاد أصبحت في فضاء بعيد عن الواقع المادي الملموس، والبعد عن المفهوم الضيق للمصلحة المحمية جنائيًا، فالمصلحة المحمية جنائيًا للحق في الحياة أصبحت مهددة بجرائم وأفعال أخرى غير القتل التقليدي الذى يصدر من الجاني مستخدمًا ألة أو أداة محدثة لجريمة القتل ومؤدية للنتيجة وهى إزهاق الروح، بل أصبحت المصلحة المحمية جنائيًا تمتد لأبعد من ذلك بكثير.


التأثير النفسي من الميتافرس والواقع الافتراضي والأمن السيبراني

وقال الدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي؛ إنه  لا توجد معلومات متوافرة حول الميتافرس، والدراسات لم تطبق بشكل كاف؛ ولكن الجمعية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، تؤكد أن استخدام العالم الافتراضي سيتسبب في حالة من العزلة، مستكملًا أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الرقمية يرتبط بالعديد من مشكلات الصحة العقلية، مثل الأعراض الجسدية (6٪)، والاكتئاب (4٪)، والذهان (0.5٪)، والتفكير بجنون العظمة (0.5٪).


وأضاف "مجدي" في تصريحات خاصة لـ "الفج"، أن الدكتور "فيل ريد"، حذر من موقع Psychology Today، من أن الميتافرس يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية عقلية مرتبطة بالذهان ونمط الفصام، مستكملا، أنه نظرًا لأن هذه تقنيات جديدة نسبيًا، فلا توجد دراسات طويلة الأمد للتأثيرات الجسدية والنفسية لهذه التكنولوجيا، ومع ذلك، فهناك العديد من الدراسات التي تظهر المرض السيبراني والدوخة وعدم الراحة الناجمة عن الاستخدام المطول لشاشات أو أشياء الواقع الافتراضي.

الدكتور إبراهيم مجدي 

واستطرد مجدي، أن هناك احتمالًا أن يساعد هذا التفاعل الافتراضي الأشخاص الذين يعانون من الأوهام.

وأشار استشاري الطب النفسي، إلي أنه بلمسة زر واحدة، أو ببساطة عن طريق ارتداء أحد منتجات النظارات، سيتم ابتلاع المستخدمين في عالم افتراضي، حيث يمكنهم أن يكونوا من يريدون أن يكونوا، مما يثير أيضًا مخاوف بشأن أمانها وسريتها وملكيتها الفكرية.