د. حامد بدر يكتب: بين ضريبة التلفاز الألمانية والشاشة المصرية المتاحة

مقالات الرأي

بوابة الفجر

 

أثارتني كثيرًا فكرة Rundfunkbeitrag   في ألمانيا والمتمثلة في رسوم إلزامية تُفرض على كل أسرة في ألمانيا لدعم البث العام المستقل للتلفزيون والراديو، وتبلغ 18.36 يورو شهريًا. هذه الرسوم تُموّل القنوات التلفزيونية والإذاعية العامة، وتشمل الأخبار، والرياضة الحية، والأفلام الوثائقية، والبرامج الترفيهية، مع توفر معظم المحتوى عبر الإنترنت. تُعرف أيضًا باسم GEZ-Gebühr، وكانت تُحصل بواسطة GEZ حتى عام 2013 عندما تغير الاسم إلى ARD ZDF Deutschlandradio Beitragsservice.
في ألمانيا يمكن الحصول على إعفاء أو تخفيض في رسوم Rundfunkbeitrag في حالات معينة مثل الطلاب الذين يتلقون دعمًا ماليًا، المتدربين، متلقو المساعدات الاجتماعية، الأشخاص ذوي الإعاقة، كبار السن في دور الرعاية، وطالبي اللجوء. إذا كنت تعيش في سكن مشترك، يمكنك مشاركة الرسوم مع زملائك في السكن. التسجيل يتم عبر الإنترنت أو بعد تسجيل السكن في البلدية، وستتلقى إشعارًا بالبريد لتأكيد التسجيل.

عيد ميلاد التليفزيون المصري

بعدما قرأت هذه المعلومات أصبحتُ أفكِّر في أمر التليفزيون المصري، والذي من المقرر في اليوم 21 من شهر يوليو الجاري أن تحتفل هيئته بمرور ستة عقود و4 سنوات على بث  مصري تجاوز النصف قرن.

أول تجربة للبث التليفزيوني

رغم  أنَّ أول تجربة للبث التليفزيوني بمصر كانت عام 1951، كان على يد الشركة الفرنسية لصناعة الراديو والتليفزيون، ببث احتفال زواج الملك فاروق من الملكة ناريمان، وتنظيم سهرة، أتيجت خلالها أجهزة الاستقبال في النوادي من أجل أن يشاهده الأعضاء، لكن فشل المشروع وظلّ في طيِّ النسيان حتَّى جاءت الستينات، وبزخت معها شموس التطوير الإذاعي المرئي، في عهد الراحل جمال عبد الناصر، وجاء التلفاز مخاطبًا للجماهير، وحدثًا وحديثًا غيَّر الفكرة عن الإعلام في مصر بالنسبة للجماهير.

تلفاز عربي

في خضم المشهد السابق بدأت الشاشة الصغيرة تتمدد في عدد الساعات، فينقل السلام الجمهوري وآيات القرآن الكريم، ووقائع مجلس الأمة، وخطاب الرئيس عبد الناصر، وبرامحجيات وحلقات مسلسلة، ليختتم البث بالقرآن الكريم، تلفازًا عربيًا بنكهة قومية وإبداع يزداد.

عملاق بخطوات شاسعة

التليفزيون المصري من أجل المشاهد لم يكن يحبو، فخلال فترة الستينيات إلى جانب برامجه أذاع برامج محو الأمية في أواخر العام 1963؛ ليخطو خطوة رائدة في تعليم الكبار والخروج بطريقة غاية في الذكاء من دائرة الجهل بالقراءة والكتابة. فقد كان حتى قُبيل الثمانينيات عِملاقًا يخطو بثبات ملحوظ مساحات شاسعة نحو مسقبلة الذي صار بعد ذلك مجدًا عريقًا، كيما الإذاعة المسموعة بلفظ "هنا القاهرة" يُسمع صداه في أرجاء الدنيا.
شهدت الثمانينيات وأوائل التسعينيات توسعًا في البث التلفزيوني ليشمل جميع محافظات مصر، حيث تم افتتاح عدة قنوات إقليمية لتغطية مختلف المناطق، وصولًا إلى البث الفضائي في عام 1990م.

التليفزيون المصري ستُّون عامًا من العطاء المجاني والمعلوماتي، يجب علينا أن نحترم تاريخه مسؤولين ومشاهدين، وأن يأخذ من الوقت المفيد، فهو نافذة  الخبر الرسمي القومي  وبحر معلوماتيّ يَجِبُ أن لا ينضب.