أكدت مديرة إدارة الاتصالات في صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، أن تأجيل اجتماع المجلس التنفيذي للصندوق، يتعلق باستكمال بعض التفاصيل الفنية، ولا يشير إلى أي تغيير في التزام الصندوق.
صندوق النقد يكشف السبب الحقيقي لإرجاء صرف شريحة القرض الثالثة لمصر من اجتماعاته إلى 29 يوليو
صندوق النقد الدولي قرر تأجيل النظر في طرح شريحة قرض بقيمة 820 مليون دولار لمصر حتى 29 يوليوالجاري ولقد جاء هذا التأجيل لإلقاء الضوء على بعض التفاصيل المتعلقة بالسياسات.
وأكدت مديرة إدارة الاتصالات في صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، أن تأجيل اجتماع المجلس التنفيذي للصندوق، يتعلق باستكمال بعض التفاصيل الفنية، ولا يشير إلى أي تغيير في التزام الصندوق.
مصر تواجه ظروفًا إقليمية صعبة ناجمة عن الحرب في قطاع غزة والهجمات المسلحة وكان من المتوقع أن يتولى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة لبرنامج القرض الموسع لمصر بقيمة 8 مليارات دولار في 10 يوليو2024.
بشكل عام، يبدو أن هناك بعض التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها مصر حاليا، مما قد يؤدي إلى تأجيل صرف جزء من القرض
"صندوق النقد" هبوط معدل التضخم بمصر: تراجع التضخم لأربعة أشهر متتالية وتلبية طلبات متأخرة على النقد الأجنبي وانتعاش نشاط القطاع الخاص بعد انكماش دام لثلاث سنوات ونصف السنة
وكشفت كوزاك أن الجهود الحكومية المصرية ساهمت في تحسن ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، إذ انخفض معدل التضخم لمدة 4 أشهر متتالية من 35.6% في فبراير إلى أقل من 28% في يونيو، كما تم حل أزمة تراكم طلب العملات الأجنبية، وبدأت مؤشرات تُشير إلى انتهاء الانكماش الذي دام 3 سنوات ونصف في نشاط القطاع الخاص.
واضافت كوزاك: نرى بعض الثمار من جهود الإصلاح التي نفذتها الحكومة في مصر، وهذا مهم حقًا لحياة الشعب المصري.
واعربت كوزاك عن توضيح التفاصيل الإضافية التي أشارت إليها، حسب رويترز. إلا أن المتحدثة قالت إنه وسط المخاطر والتحديات الهيكلية، يتعين على مصر أن "تواصل اتباع السياسات الاقتصادية التي من شأنها أن تخدم الشعب المصري على أفضل وجه في نهاية المطاف. ويمكنني القول إن فريقنا، بطبيعة الحال، يعمل مع السلطات المصرية عن كثب".
على الصعيد الخاص بتأثير أزمة البحر الأحمر على مصر
قالت جولي إن البيئة الإقليمية، فإنها لا تزال صعبة، لذا فإن الانخفاض في حجم الشحن في قناة السويس بناءً على أحدث معلوماتنا قد أدى إلى انخفاض إيرادات مصر من قناة السويس بأكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يمثل ضغط إضافي على الاقتصاد المصري ويحرم مصر من مصدر مهم للعملات الأجنبية والإيرادات.
موقف صندوق النقد الدولي من المساعدات المالية لمصر وفيما يلي تحليل لهذا التقرير:
تأجيل صرف القرض البالغ 820 مليون دولار:
تم تأجيل النظر في هذه الشريحة من القرض حتى 29 يوليو الجاري، وذلك لإتمام بعض التفاصيل المتعلقة بالسياسات.
حسب تصريح المتحدث، هذا النوع من التأجيلات ليس بالأمر الصعب في ظل ظروف صعبة.
التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر:
تواجه مصر ظروفًا إقليمية صعبة ناتجة عن الحرب في قطاع غزة وهجمات الحوثيين على البحر الأحمر.
تشير هذه التحديات إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي.
برنامج القرض الموسع للمصر:
وكان من المتوقع أن يتولى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 10 يوليو 2024 المراجعة الثالثة لبرنامج القرض الموسع لمصر بقيمة 8 مليارات دولار.
هذا البرنامج يعد مصدرا لدعم مالي رئيسي للمصريين في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
بشكل عام، تشير هذه المعلومات إلى استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، والحاجة مستمرة للدعم المالي من صندوق النقد الدولي.
كما يظهر حرص الصندوق على متابعة التقدم السياسي والاقتصادي قبل الموافقة على خفض الشرائح القادمة من القرض.
شروط صندوق النقد
وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي للمراجعتين الأولى والثانية، والمنشور في مارس الماضي، فإن إجراء المراجعة الثالثة يلزم مصر بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، ونشر تقارير التدقيق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحسابات المالية، وتنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي، وتقييم احتياجاته من إعادة الرسملة بناء على التشاور مع موظفي "صندوق النقد"، والنظر في استكمال البنك المركزي الامتثال لمعايير المحاسبة المصرية.
صندوق النقد يعيد النظر في سياسة الرسوم الإضافية.. كيف تستفيد مصر؟
ومن المقرر أن يجتمع صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع المقبل لإعادة النظر في سياسة الرسوم الإضافية التي يفرضها على الدول الأكثر استدانة.
وتطالب غالبية الدول، بما في ذلك مصر، بخفض هذه الرسوم بعد أن أصبحت تمثل أعباء غير مبررة.
من المحتمل أن يُقدم صندوق النقد على خفض هذه الرسوم أو شطب جزءًا منها نظرًا لعدة أسباب
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خطاب، إنه من المحتمل أن يُقدم صندوق النقد على خفض هذه الرسوم أو شطب جزءًا منها نظرًا لعدة أسباب، منها توجه البنوك المركزية الكبرى لرفع أسعار الفائدة وارتفاع خطر زيادة أعباء الديون عالميًا. هذه التحركات تتطلب تدخلًا علاجيًا من الصندوق وفقًا لتعهداته السابقة بإصلاح النظام المالي العالمي.
مما يتكون المجلس التنفيذي للصندوق
يتكوّن من ممثلين عن 190 دولة، بدأ دراسة الخيارات المتاحة لمعالجة ملف الرسوم الإضافية التي يفرضها على بعض الدول التي تقترض أكثر من حصتها لديه أو تستغرق وقتًا أطول لسداد ديونها. وفي أبريل الماضي، أشار الصندوق إلى تغيرات محتملة في سياسة الرسوم لصالح الدول الأكثر استدانة، والتي تتطلب موافقة 70% من أصوات مجلس الصندوق.
خلال الفترة من 2020 إلى 2023، دفعت الدول المثقلة بالديون لصالح صندوق النقد رسومًا إضافية بقيمة تزامنت مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا.
وتظهر دراسة نشرت في أبريل الماضي أن الرسوم الإضافية تشكل 50% من إجمالي إيرادات الصندوق في عام 2023، وزاد عدد الدول التي تدفع هذه الرسوم إلى 22 دولة مقارنة بـ8 دول فقط في عام 2019. كما ارتفع معدل الرسوم إلى أكثر من 8%.
مصر تعتبر ثالث أكبر الدول المدينة لصندوق النقد بعد الأرجنتين وأوكرانيا
وبالنسبة لمصر، فإنها تعتبر ثالث أكبر الدول المدينة لصندوق النقد بعد الأرجنتين وأوكرانيا بديون تبلغ نحو 10.29 مليار دولار بنهاية يونيوالماضي. ومصر تأتي في المركز الثالث أيضًا بين الدول المثقلة بأعباء الرسوم الإضافية.
من المتوقع أن تدفع مصر، جنبًا إلى جنب مع الأرجنتين وأوكرانيا والإكوادور وأنغولا، رسومًا إضافية بقيمة 6.1 مليار دولار خلال الفترة من 2024 إلى 2028، وهذا يمثل نحو 39% من دخل الصندوق من هذه الرسوم.
حصة مصر من هذا المبلغ تقدر بنحو 370 مليون دولار، ويضاف إلى هذا الرقم نحو 1.6 مليار دولار كفوائد مرتبطة بالقروض التي حصلت عليها من الصندوق.
وفقًا للخبير الاقتصادي أحمد خطاب، فإن الدول التي تشكل الحصة الأكبر في ميزانية الصندوق وحقوق التصويت تظهر اهتمامًا بمصر وتسعى لدعم اقتصادها بشتى الطرق، نظرًا لعدة أسباب منها الأهمية الاستراتيجية لموقع مصر في الشرق الأوسط وزيادة التوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى دور مصر في قضايا الهجرة غير الشرعية التي تهم الدول الأوروبية نظرًا لموقعها المطل على البحر المتوسط.
السبب الرئيسي وراء تأجيل موعد اجتماع مجلس الصندوق الخاص بمناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض
لا يمكن استبعاد أن يكون السبب الرئيسي وراء تأجيل موعد اجتماع مجلس الصندوق الخاص بمناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر من 10 إلى 29 يوليوالجاري، هو رغبة الصندوق في استفادة القاهرة من القرار المتوقع بشأن الرسوم الإضافية.
قد يقدم الصندوق على خفض أو شطب هذه الرسوم تماما لتقديم مزيد من الدعم للقاهرة وسط التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي. وتم رفع قيمة القرض الممنوحة لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار بناءً على التزام مصر بشروط برنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما أبدت مصر التزامًا قويًا بشروط البرنامج، ومن غير المرجح أن يكون تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة بسبب تأخر زيادة أسعار البنزين والسولار. وفي هذا السياق، تراعي الحكومة اختيار التوقيت المناسب لزيادة المحروقات أو الكهرباء وفقًا لأبعاد أخرى غير شروط الصندوق، أهمها البعد الاجتماعي.
الصندوق يحرص حاليًا على دعم الاقتصاد المصري
في ظل استمرار التحديات الناجمة عن حرب غزة وزيادة أعداد اللاجئين في مصر نتيجة لأزمات المنطقة. وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب إن التأجيل المحتمل لصرف الشريحة الثالثة لضمان استفادة مصر من قرار مرتقب بخفض رسوم الاقتراض، وليس استبعادها من خطط الصندوق.
وأكد خطاب أنه في حال تم الاتفاق على إلغاء جزء أو كل الرسوم الإضافية على ديون كبار المقترضين من الصندوق، فإن ذلك سيكون في صالح مصر، حيث سيؤدي إلى انخفاض في فاتورة أعباء ديونها الخارجية.
ويجدر بالذكر أن الصندوق فرض هذه الرسوم منذ عام 1997 على أي دولة يكون رصيدها من حساب الموارد العامة للصندوق مساويًا أو أعلى من 187.5% من حصتها، بهدف تخفيض أعباء الديون.
ومع ذلك، فإن ما حدث هو العكس تمامًا، حيث زادت هذه الرسوم أعباء الديون على العديد من الدول، بما في ذلك مصر.
فعلى الرغم من أن مصر وافقت في عام 2016 على برنامج للإصلاح الاقتصادي مع الصندوق وحصلت على تمويل بقيمة 12 مليار دولار، إلا أنها اليوم ثالث أكبر البلدان مديونية للصندوق، ولديها ديون خارجية بقيمة 160.6 مليار دولار بنهاية مارسالماضي، مقارنة بـ 55.8 مليار دولار فقط في 2016.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد عبد الرحيم أن اللجوء لصندوق النقد لا يقدم حلًا لمشاكل مصر، وأنه يشبه دورانًا في حلقة مفرغة، نظرًا لأن قروض الصندوق تستخدم بشكل دائم لسداد ديون أخرى، وأن المبالغ التي تدفعها مصر كفوائد وأقساط لصالح الصندوق تفوق بكثير ما تحصل عليه في المقابل.
وأضاف أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات حاسمة لخفض مستويات الدين العام وتعزيز الاقتصاد الحقيقي المعتمد على القطاعات الأكثر إنتاجية وتصديرًا.