محمد زويد يكتب: الإعداد النفسي علم غائب عن أنديتنا ورفعت مثال لا نريد تكراره

الفجر الرياضي

بوابة الفجر

شهدت الأيام الأخيرة حالة من الحزن الشديد بعد خبر وفاة أحمد رفعت لاعب فيوتشر ومنتخب مصر، وبدأت الجماهير المصرية تطالب بحق اللاعب بعدما ظهر في آخر حوار تليفزيوني أجراه اللاعب وأوضح أنه كان يُعاني من أزمة نفسية شديدة، أدت إلى وفاته.

ولكنه لم يتعظ أحد من تلك الأزمة الشديدة التي طرقت أبواب الكرة المصرية في الأيام الأخيرة، ولم نشاهد على سبيل المثال، تعاقد أحد الأندية المصرية مع أخصائي نفسي وضمه للجهاز المعاون للمدير الفني.

بالرغم من التقدم الكبير التي تشهده الفرق المصرية في السنة الأخيرة وتمكنها من السيطرة على إفريقيا بالكامل، إلا أن هذا ليس كافيًا لحماية لاعبيها وتحقيق النصر في كل البطولات.

شهدنا تقدم ملحوظ في الخطط والتكتيك وتعدد المنافسات والمنافسين على المستويين المحلي والإفريقي، ولكن لم يعد تحضيرات الفرق مجرد معسكرات كلاسيكية، فالمجهود البدني وحده لم يعد كافيًا لإحداث التفوق.

فهناك بعض اللاعبين ينهارون بعد التعرض للهجوم من بعض الجماهير عليهم، ومع تفتح الجماهير والدخول في حقبة السوشيال ميديا، أصبح الأمر أكثر خطورة، كما أنه أصبح من الضروري الاستعانة بالطب النفسي لمعالجة مثل تلك المخاطر.

ومن ضمن هؤلاء اللاعبين هو النجم الدولي محمود علاء مدافع نادي الزمالك، والذي تعرض لحملة انتقادات واسعة في عام 2020 بعدما أخطأ أمام مرمى الزمالك ومكن فريق الأهلي من تسجيل هدف الفوز في نهائي دوري أبطال افريقيا، رغم أنه كان أحد أفضل لاعبي الزمالك آنذاك إلا أن الجماهير جعلت منه لاعب شاب تائه لايعرف إلى أين يذهب بعدما تحطم حلمه.

كما هو الحال بالنسبة لرمضان صبحي وإمام عاشور وكهربا، وغيرهم الكثير، ليس من بينهم أحمد رفعت، هو الان بين يدي الله، ولكننا لا نرغب تكرار مثل تلك الأزمة من جديد، ولكن في حالة عدم الإستعانة بالطب النفسي في مجال كرة القدم، سيصبحون جميعا في الطريق إليه، ونحن لا نتمنى لهم مثل تلك الأزمات.

الإعداد النفسي هو الوسيلة الأفضل لتحقيق العالمية

لا يحتاج اللاعب إلى إعداد نفسي فقط عندما تهاجمه الجماهير، اللاعبون جميعا يحتاجون إلى إعداد نفسي قوي قبل بداية كل موسم، وذلك من أجل تحقيق ما يريده المدير الفني وهو بكامل قدرته النفسية والإجتماعية والبدنية وهو في كامل تركيزه، وعلى ثبات كامل بالمستوى بنفس التوقيت.

فاللاعب يحتاج إلى الشجاعة والمثابرة لاستحداث الوسيلة التي تعينه على الصمود ومجاراة الصراع القوي والمستمر تطلعًا لتحقيق الهدف، وهنا يظهر الإعداد النفسي كعامل مهم، وهو أسلوب من أساليب عملية التخطيط والاستعداد للمنافسات، جنبا إلى جنب مع الإعداد البدني، بل وفي أحيان كثيرة يصبح أكثر أهمية وفاعلية في إحداث التفوق المنشود عن الجانب البدني.

وذلك لكونه يرتبط مباشرة بالصفات النفسية للاعب ويؤدي دورًا مهمًا في تطورها بما يساعده على التكيف مع مختلف الظروف والتغييرات التي تحدث أثناء المباريات.

أهمية علم النفس، تتمحور في إعداد اللاعب نفسيا وتطوير شخصيته وأدائه ونظامه الحياتي وثقافته، وكيف يوزع برنامجه، فاللاعب إن لم يستطع أن ينظم حياته سينتهي به الأمر هو معتزلًا لكرة القدم في سن الـ 35 على أقصى تقدير، ولن تتطور الرياضة المصرية إذا لم يدخل فيها الجانب العلمي مثل علم النفس وعلم التغذية، فهذه جوانب مهمة جدًا للنهوض بالرياضة المصرية.

ويجب أن تكون البداية بتحديد مهام الأداريين بالفريق، وهي عدم تدخلهم في توجيه اللاعبين نهائيا أثناء المباراة، وهو ما يجعل اللاعب في حالة تشتيت مستمرة طوال المباراة، ومن المفترض أن يتوقف هذا الأمر عند المدير الفني للفريق فقط.

كما هو الحال قبل المباراة، وهو أنه لا يجب التحدث إلى اللاعبين ليلة المباراة نهائيا إلا من شخصين هم المسؤولين عن ذلك الأمر، وهو المُعد النفسي، والمدير الفني لتوضيح التعليمات المقرر تنفيذها في المباراة، وذلك حسب ما وصفه خافي جارسيا الُمعد الذهني السابق بريال مدريد في تصريحات سابقة.

لا يوجد في مصر سوى النادي الأهلي الذي يضم في جهازه الفني طبيب نفسي وهو الدكتور محمد أبو الوفا، وسبق للأهلي أن تعاقد مع طبيب نفسي بالصدفة أثناء ولاية مانويل جوزيه الثانية، وذلك حسب وصف الدكتور محمد أبو الوفا الطبيب النفسي بالنادي الأهلي آنذاك.

الإعداد النفسي أصبح علم غائب عن أنديتنا، وتدمير اللاعبين نفسيًا أصبحت عادة في عصر السوشيال ميديا، لا يمكن التغلب عليها، إلا بالعلم والمعرفة.