خطوة نحو تعزيز الاستقرار.. وتحدٍ كبير
"بوركينا فاسو ومالي والنيجر" كونفردالية دول الساحل.. هل نحن بصدد توحد أفريقي جديد؟
في وسط ما اعتدناه من مشاهد الصراع الدموية وتحجيم فكرة التفاهم يتبلور في عمق المشهد الإفريقي تطورًا جديدًا ومثيرًا يتمثل في تكوين كونفدرالية جديدة بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وهي خطوة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة. تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود الرامية لتعزيز التعاون والتكامل بين الدول الأفريقية، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كنا نشهد بداية توحد أفريقي جديد. تعكس هذه المبادرة الطموح المشترك للدول الثلاث في مواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
تشكل الكونفدرالية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر تطورًا استراتيجيًا قد يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي التي تواجه تهديدات متعددة من الإرهاب والتحديات الاقتصادية. من خلال توحيد الجهود والموارد، تأمل الدول الثلاث في تحقيق تكامل أكبر وتحسين الظروف المعيشية لشعوبها.
يتبادر إلى عقل اللناظر نحو المشهد السؤال مفتوحًا حول مدى نجاح هذه الكونفدرالية في تحقيق أهدافها ومدى تأثيرها على المشهد الإقليمي والدولي، وما إذا كانت ستشكل نموذجًا لتوحيد أفريقي أوسع في المستقبل. من ثمَّ تسلِّط بوابة الفجر الضوء نحو المشهد، في تغطية ومتابعة مستمرة هناك.
كونفدرالية جديدة.. ما القصة؟
كرست الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحالفها ضمن "كونفدرالية"، خلال أول قمة لها التي عقدت يوم السبت في نيامي. هذا القرار يرسخ القطيعة مع بقية دول تكتل غرب إفريقيا ويعكس توجهًا جديدًا نحو تعزيز التعاون الإقليمي بين هذه الدول الثلاث. يأتي هذا التطور في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه منطقة الساحل الأفريقي، والتي تتطلب تكاتف الجهود لمواجهتها بفعالية.
في بيان ختامي للقمة، أعلنت الدول الثلاث أن رؤساءها العسكريين قرروا عبور مرحلة إضافية نحو اندماج أكثر عمقًا بين الدول الأعضاء. ولهذا الغرض، تبنوا معاهدة تؤسس كونفدرالية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر تحت مسمى "كونفدرالية دول الساحل". هذا التحالف يعكس التزام الدول الثلاث بتحقيق تكامل أكبر في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
خطوة نحو تعزيز الاستقرار.. وتحدٍ كبير
تعد هذه الكونفدرالية خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في منطقة تعاني من تهديدات إرهابية وتحديات اقتصادية كبيرة. من خلال توحيد الجهود والموارد، تسعى الدول الأعضاء إلى خلق بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا لشعوبها، وتعزيز قدرتها على التصدي للتحديات المشتركة. هذا التحالف الجديد يبعث برسالة واضحة عن رغبة هذه الدول في تحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لمنطقة الساحل الأفريقي.
مع استبعاد العودة إلى الكتلة الإقليمية لغرب إفريقيا، تواجه الكونفدرالية الجديدة تحديات كبيرة. قد يؤدي هذا الانقسام إلى تعريض الجهود الإقليمية لإنهاء الانقلابات وكبح العنف المنتشر في جميع أنحاء المنطقة للخطر. ورغم ذلك، تعول الدول الثلاث على هذا التحالف الجديد لتحقيق أهدافها المشتركة، وتعزيز دورها على الساحة الإقليمية والدولية.
إذًا لماذا الانسحاب من إيكواس؟
جاء اعلان قادة المجلس العسكري للدول الثلاث خلال قمتهم الأولى في نيامي، عاصمة النيجر، بعد انسحابهم من كتلة غرب إفريقيا المعروفة (إيكواس) في يناير.
علاقات ممزقة
كما اتهموا الكتلة بالفشل في تفويضها، وتعهدوا بتعزيز اتحادهم – تحالف دول الساحل – الذي أسس العام الماضي وسط علاقات ممزقة مع الجيران.
إيكواس صار تهديد لأنظمة الدول الثلاثة
قال القائد العسكري للنيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، إن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي تأسست منذ ما يقرب من 50 عاماؤ. وأضاف "سنقوم بإنشاء نظام للشعوب بديلا عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تملي عليها قوى غريبة عن إفريقيا توجيهاتها وتعليماتها".
يأتي اجتماع دول الجوار الثلاث قبل يوم من قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في نيجيريا حيث من المقرر أن يجتمع رؤساء دول المنطقة الآخرون.
جدير بالذكر
عام 1975، وقع رؤساء 16 دولة وحكومة أفريقية "معاهدة لاغوس" في نيجيريا، معلنين بذلك ولادة "المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا" المعروفة اختصارا بـ "إيكواس". لاحقا، راجعت المجموعة المعاهدة الأصلية، ووقع قادة 15 دولة في تموز/يوليو 1993 المعاهدة المحدّثة، في مدينة كوتونو ببنين. والدول الأعضاء في المجموعة هي بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وساحل العاج وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو، إضافة إلى ليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو.
يذكر ان المجموعة الاقتصادية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الدول الأعضاء وتحقيق التكامل الاقتصادي في المنطقة. ومنذ تأسيسها، أدت "إيكواس" دورا مهما في تعزيز التواصل والتعاون مع المنظمات الدولية الأخرى والشركاء الإقليميين والدوليين، حسب تقارير صحية وولية.
محللون
ويقول محللون إن الاجتماعين يظهران الانقسام العميق داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي برزت كأعلى سلطة سياسية لدولها الأعضاء الخمسة عشر قبل القرار غير المسبوق للدول الثلاث بسحب عضويتها.