مغامرة بمتحف التحرير.. تمثال يُثبت الهجائية المصرية هي أصل لغات العالم
طالب بسام الشماع المؤرخ والمرشد السياحي المعروف، وزارة الاثار بنقل تمثال "ناعمو" من مكانه الحالي في المتحف المصري بالتحرير إلى المدخل الرئيسي للمتحف وذلك لأهمية هذا التمثال الفائقة.
مصدر الأبجدية في متحف التحرير
جاء ذلك أثناء مغامرة جديدة للمرشد السياحي المعروف بسام الشماع في متحف التحرير حيث ينتقي قطع محددة بالشرح والتبسيط والتي تحمل في كل مرة جديدًا إلى القارئ وكان منها تمثال “ناعمو” والذي وصفه الشماع في تصريحات خاصة إلى الفجر أنه يضم عدد من النقوش الهامة للغاية وهي الكتابات السينائية المبكرة، والتي وصفها بأنها مصدر الهجائية والأبجدية فى العالم.
سيناء علمت العالم الأبجدية
وأضاف الشماع أنه تمت ترجمة النص المنقوش على التمثال، والذي يقول: "نيابة عن ناعمو، رئيس عمال المناجم مكرسا للمعبد (معبد المعبودة حتحور) من خادم المرعى" وتم اكتشافه هذا التمثال وهو من تماثيل الكتلة فى "سرابيط الخادم" بشبه جزيرة سيناء.
الكنعانيون واللغة السامية
وفقًا للنظرية الشائعة، فإن الكنعانيين الذين تحدثوا اللغة السامية استخدموا الرموز الهيروغليفية المصرية لتكوين نص مختلف، والخط موثق في مجموعة من النقوش التي عثر عليها في سرابيط الخادم في شبه جزيرة سيناء، ويرجع تاريخها إلى العصر البرونزي الوسيط 2100 - 1500 قبل الميلاد.
وعزز الشماع نظريته بأنه تم اكتشاف نفس النقوش التي تم اكتشافها في سيناء في إحدى مناطق صعيد مصر وتدعى منطقة "وادي الهول" بالقرب من نهر النيل وهو ما يدلل على أن الخط نشأ في مصر وليس كما يدعي البعض أنه جاءنا مع الكنعانيين.
بداية الحكاية
النقوش السينائية الأولى تم اكتشافها في شتاء 1904 - 1905 في سيناء بواسطة "هيلدا وفلندرز بيتري"، ويضاف إلى ذلك عدد من النقوش الكنعانية الأولية القصيرة التي عثر عليها في كنعان والتي تعود إلى ما بين القرنين السابع عشر والخامس عشر قبل الميلاد، ومؤخرًا تم اكتشاف نقوش وادي الهول في عام 1999، في مصر الوسطى بواسطة جون و. ديبورا دارنيل".
اثباتات علمية
ومع انهيار العصر البرونزي وظهور ممالك سامية جديدة في بلاد الشام، تم إثبات صحة الكنعانية الأولية بوضوح (نقوش "جبيل" من القرن العاشر إلى الثامن قبل الميلاد، نقش "خربة قيافة" نحو القرن العاشر قبل الميلاد).
الخط الكنعاني الأولي ينحدر من الخط السيناوي الأولي الذي ينحدر من الهيروغليفية، كما أنه سلف الخط الفينيقي الذي يعد سلف أغلب الأبجديات المستخدمة في العالم اليوم، من عربية ويونانية وعبرية ولاتينية وأمازيغية غربية في القرن 2 ق.م. في الغرب وصولا إلى المغولية وربما حتى أبجدية هانغول الكورية في الشرق، وأبجديات اخرى.
الخط العربي
وكتب د. أحمد منصور عن بداية ظهور الحرف العربي والسينائية المبكرة الكتابة العربية الحالية ترجع إلى الكتابة النبطية، والتي خرجت من قلب الكتابة الآرامية، التي تأثرت تأثرًا مباشرًا بالحروف الفينيقية، والفينيقية بدروها جاءت من الكتابة السينائية المبكرة التي هي مصرية.
الهجائية المصرية الأولى
يتراوح عدد نقوش الهجائية الأولي المصرية السينائية التي عثر عليها ما بين 50-75 نقشًا، اكتشف منها بتري 11 نقشًا بين عامي 1904-1905، ثم اكتشفت مجموعة ثانية 34 نقشًا بين أعوام 1937-1945، ثم حديثًا اكتشف الفرنسي بيير تاليه العديد من هذه النقوش.
تم اكتشاف معظم هذه النقوش في منطقة سرابيط الخادم، ووادي النصب في جنوب سيناء، وكذلك تم اكتشاف نقشين في عام 2004 على الطريق بين فرشوط والأقصر في جنوب مصر في وادي الهول.
و هي عبارة عن مجموعة رموز هجائية تصل إلى نحو ٣٠ أو أقل، وهي نظام كتابي أبجدي وليس أسلوبًا كتابيًا تصويريًا.
هذه النصوص المصرية استخدمت أبجدية كانت هي المصدر لكل من الأبجدية الكنعانية المبكرة (القرن الخامس عشر/ الرابع عشر ق.م.) والأبجدية الفينيقية (القرن الحادي عشر/ العاشر ق.م)، والفينيقية هي تلك الأبجدية التي يعدها الباحثون الأصل الذي اشتُقت منه الأبجدية اليونانية، وبالتالي أصل الأبجديات الأوروبية الحديثة.
كما أنه قد لوحظ التشابه الكبير بين هذه الأبجدية وبين الأبجدية الكنعانية المبكرة في مفردات مثل رسائل النجف وغيرها من الكتابات الكنعانية.
تصدى السير الإنجليزي الشهير ألان جاردنر لهذه النقوش السينائية، حيث كان أول من أرسى مجموعة من الحقائق المهمة حول هذه النقوش، واللغة المستخدمة في تدوينها، وكذلك العالمان الألمانيان فرانك كامرتسيل، والعالم المصري الدكتور محمد شريف، والعالم السوداني عبدالقادر محمود عبدالله، والبروفيسور السعودي سليمان الذييب، ثم أخيرًا العالم الألماني لودفيج مورينز. والذي نشر في عام 2011 مؤلفًا كبيرًا باللغة الألمانية تحت عنوان Die Genese Der Alphabetschrift: Ein Markstein Agyptisch-Kanaanaischer Kulturkontakt (نشأة الكتابة الأبجدية، حجر الزاوية في العلاقات الثقافية المصرية الكنعانية) ويتناول الكتاب بالتفصيل طبيعة الكتابة السينائية، ودورها في تكوين الأبجديات اللاحقة، ويناقش الكتاب النظريات المختلفة حول أصل الكتابة السينائية.
أما أهم ملاحظات العلماء السابقين عن النقوش أو الكتابة السينائية فتذكر أن هذه النقوش مكتوبة بنظام أبجدي، وليس تصويريًا صوتيًا كما هو الحال في النصوص المصرية الهيروغليفية، بالإضافة إلى أن هذه الكتابات رغم ذلك قد استعارت أشكال علاماتها من العلامات الهيروغليفية.
كذلك انتشر مبدأ الأكروفونية Acrophone (اختيار الصوت الأول من الكلمة للدلالة عليها، فإذا أراد الكاتب أن يكتب كلمة «بيت» فإنه يختار حرف (الباء) للدلالة على الكلمة، وهو المبدأ المطبق لاختيار علامات هذه الكتابات المستخدمة كحروف أبجدية. وأخيرًا، استخدمت لغة غير مصرية في كتابة هذه النقوش.
أما عن تأريخ هذه النقوش، فقد انقسم علماء تاريخ اللغات القديمة وتاريخ الكتابة، رجح الفريق الأول منهم أنها تعود إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة أي نحو 1550 قبل الميلاد (القرن السادس عشر قبل الميلاد)، وعلى الجانب الآخر هناك فريق يعتقد بتأريخ هذه النقوش إلى عصر الدولة الوسطى في مصر القديمة أي نحو 2000 قبل الميلاد، ولكل فريق أدلته التي تعضد من رأيه.
نقلها بتصرف وتبسيط المؤرخ بسام الشماع من مجلة العربية. د. أحمد منصور.
تمثل المرحلة النبطية حلقة الوصل بين الكتابة العربية والسينائية المبكرة، لأن الكتابة العربية متفرعة عن النبطية، وهي المتفرعة بدورها عن الكتابة الآرامية، والأخيرة هي متفرعة عن الفينيقية، وهي منحدرة من السينائية المبكرة.
استخدمت الحروف أو الكتابة النبطية في ثلاث ممالك نبطية قامت في ثلاث مناطق هي: مملكة تدمر في سوريا، والبتراء في الأردن، والحِجر في المملكة العربية السعودية، وكانت لغة نقوشها عربية خالصة بها مفردات آرامية. استخدم الأنباط في بداية الأمر الكتابة الآرامية، لكن مع زيادة المفردات العربية في النقوش الآرامية، وتميز الخط تدريجيًا عن الآرامي، صارت نقوشهم عربية اللغة، بها بعض المفردات الآرامية، مثل كلمة (بر) أي (بن). ويمكن التمثيل ببعض النقوش النبطية مثل نقش النجف المؤرخ للنصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد،، ونقش مجيرة من مدائن صالح والمؤرخ بسنة 76 قبل الميلاد.
اتفاق عالمي
و تقول المصادر التاريخية المعتبرة إن العالم "نافيه" يقدم أربعة أسباب رئيسية وراء الاتفاق العالمي على أن الأبجدية اليونانية تطورت من أبجدية فينيقية مبكرة والتي تأثرت بالسينائية المبكرة. وبحسب هيرودوت فإن "الفينيقيين الذين جاءوا مع "قدموس"... جلبوا إلى "هيلاس" الأبجدية التي لم تكن معروفة حتى وقتها، على ما أعتقد، لليونانيين".
الحروف اليونانية، ألفا، بيتا، جيميل ليس لها معنى في اللغة اليونانية ولكن معنى معظم مرادفاتها السامية معروف. على سبيل المثال، كلمة "aleph" تعني "ثور"، و"bet" تعني "منزل" و"gimmel" تعني "رمي العصا". الحروف اليونانية المبكرة متشابهة جدًا وأحيانًا مطابقة للحروف السامية الغربية.
تم اكتشاف أول مجموعة منشورة من النقوش السينائية الأولية في شتاء 1904-1905 في سيناء بواسطة هيلدا وفليندرز بيتري. هذه النقوش العشرة، بالإضافة إلى النقوش الحادية عشرة التي نشرها ريموند ويل في عام 1904، تمت مراجعتها بالتفصيل بواسطة آلان جاردينر في عام 1916.
المسمارية ليست الأقدم
كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن الكتابة المسمارية السومرية هي أقدم الكتابة، ولكن أصبح ادعاءها الآن موضع خلاف. يتحول رأس الثور تدريجيًا إلى الحرف A، ويتطور المنزل إلى الحرف السامي B، أو بيت. تم تطوير A وB لاحقًا بواسطة الفينيقيين والكنعانيين في العصر الحديث قبل أن يتم نقلهما إلى اليونانيين بين عامي 1200 و900 قبل الميلاد. من الكلمات اليونانية لـ A وB - alpha وbeta - نشتق كلمة الأبجدية. أقدم كتابة بدائية، وهي الكتابة المسمارية التي طورها السومريون في وادي دجلة والفرات في العراق الحالي، ظلت تصويرية بالكامل حتى نحو عام 1400 قبل الميلاد. يُنسب إلى السومريين عمومًا الفضل في أول اختراع للكتابة، نحو عام 3200 قبل الميلاد. لكن بقايا الفخار التي يعود تاريخها إلى 5500 سنة، والتي تم العثور عليها في هارابا في باكستان، ربما تغلبت على ادعاء السومريين.
يسأل "أمونيوس" المؤرخ المشهور "بلوتارخ" عما يجب أن يقوله، ل "قدموس"، الفينيقي الذي يُعتقد أنه استقر في "طيبة" باليونان القديمة وقدم الأبجدية إلى اليونان، ووضع الحروف الأبجدية أولًا...: "لا شيء على الإطلاق"، أجاب بلوتارخ.
قال لامبرياس أن أول صوت واضح يصدر هو "ألفا"، لأنه واضح وبسيط للغاية - الهواء الخارج من الفم لا يتطلب أي حركة لللسان - وبالتالي هذا هو أول صوت يصدره الأطفال.