ما تفاصيل أزمة الحريديم في إسرائيل؟

تقارير وحوارات

نتنياهو
نتنياهو

في خطوة تاريخية، أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل، يوم الثلاثاء، قرارًا يلزم الحكومة بتجنيد طلاب المعاهد اليهودية المتشددين دينيًا (الحريديم) في الجيش.

وهذا القرار من المتوقع أن يُحدث صدمة كبيرة داخل ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقد يؤدي إلى تداعيات سياسية مهمة، بما في ذلك احتمال انهيار الحكومة.


تفاصيل القرار

أوضحت المحكمة في حكمها أنه "في ظل غياب قانون يميز بين طلاب المعاهد الدينية اليهودية وغيرهم من الشباب الإسرائيلي، فإن نظام الخدمة العسكرية الإلزامية في إسرائيل ينطبق على اليهود الأرثوذكس مثلهم مثل أي مواطن آخر".

وهذا يعني أن اليهود الأرثوذكس لن يكونوا مستثنين من الخدمة العسكرية، كما كان الوضع بموجب الترتيبات القديمة.

 

بموجب ترتيبات طويلة الأمد، كان يتم إعفاء معظم الرجال والنساء اليهود المتشددين دينيًا من الخدمة العسكرية الإلزامية.

وهذه الإعفاءات كانت دائمًا مصدر جدل واسع في المجتمع الإسرائيلي، حيث تسببت في غضب وانقسام بين مختلف الفئات، وقد زادت حدة هذا الانقسام خلال حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر.

ردود الفعل المحتملة

من المتوقع أن يُحدث هذا القرار تغييرات جذرية في التركيبة الاجتماعية والسياسية في إسرائيل.

وقد يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صعوبات كبيرة في الحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم، خاصة مع الضغوط المتزايدة من الأحزاب الدينية المتشددة التي تشكل جزءًا كبيرًا من قاعدته السياسية.


من هم يهود الحريديم؟

اليهود الأرثوذكس المتشددون، المعروفون باسم «يهود الحريديم»، يمثلون تيارًا دينيًا محافظًا للغاية داخل المجتمع اليهودي.

وكلمة الحريدي تعني التقي، وتصف التفاني العميق في الالتزام بالشريعة اليهودية والتعاليم التوراتية.

ويتميز يهود الحريديم برفضهم للصهيونية الحديثة، حيث يعيش معظمهم في فلسطين التاريخية، وخاصة في القدس وأحياء معينة من تل أبيب، كما يوجد منهم عدد كبير في الولايات المتحدة، وبعضهم يقيم في دول أوروبية ويتنقلون بينها.

ويعتمدون في معتقداتهم على التوراة والأصول الفكرية اليهودية التقليدية.

ويتكون مجتمع الحريديم من العديد من الجماعات المختلفة، حيث تلتف كل جماعة حول حاخام معين وتتبنى عادات وتقاليد خاصة بها في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية وأسلوب اللباس والحياة اليومية.

كما يتميز أسلوب حياتهم بالتفاني الكامل للإيمان، حيث يجتمعون في المعابد للصلاة ثلاث مرات يوميًا، ويدرسون في المعاهد الدينية الكبرى.

وتتسم حياتهم بالطقوس الاحتفالية مثل حفلات الزفاف والجمعات الدينية التي تُعقد بانتظام.

ويتبنى الحريديم نمط حياة انعزالي، مكرس للعبادة والدراسة، مما يعزز التماسك الاجتماعي داخل هذه الجماعات.

تُثير إعفاءات الحريديم من التجنيد الإجباري في إسرائيل جدلًا واسعًا واستياءً بين عامة السكان، حيث يُعزى هذا الغضب إلى شعور العديد من الإسرائيليين بعدم العدالة، حيث يعفى المتدينون المتشددون من الخدمة العسكرية بينما يسقط الجنود الإسرائيليون في النزاعات المستمرة، خاصة في المواجهات مع حركة حماس في غزة وعلى الحدود اللبنانية.

ويرفض يهود الحريديم التجنيد الإجباري بشدة، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلًا من الخدمة العسكرية لثلاث سنوات.

ويعزى رفضهم إلى عدة أسباب، منها تعارض أسلوب حياتهم الديني مع الأعراف العسكرية، بالإضافة إلى معارضتهم الأيديولوجية للدولة الليبرالية.

كما يرون أن دورهم الأساسي هو دراسة التوراة، ويعتبرون هذا الدور مقدسًا ولا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية.

ويشير المتدينون إلى صعوبة الحفاظ على التعاليم الدينية اليهودية في بيئة الجيش المختلطة، حيث يلتزمون بفصل الجنسين ويمنعون الاختلاط، ويقدسون يوم السبت اليهودي الذي يخصص للكنس وقراءة التوراة فقط.

ويعتقد يهود الحريديم أن دراسة التوراة تضمن بقاء إسرائيل كدولة يهودية، ويرونها كسلاح روحاني لحماية الشعب اليهودي.

وقد حصلوا على إعفاءات من الخدمة العسكرية بفضل الضغط السياسي من ممثليهم في الكنيست والحكومة، الذين يصرون على أن دراسة التوراة هي مهمة الرجل المتدين الأساسية.