اختفاء الأشجار.. تطوير أم سرقة؟

مقالات الرأي

أحمد سامي
أحمد سامي

ظاهرة غريبة تنتشر في شوارع المحروسة في الفترة الأخيرة، وهي قطع الأشجار بشكل غريب وغير واضح يثير الريبة والشك، خصوصا وأن الفاعل حتى هذه اللحظة مجهول، متهم بين كونه لصا، وبين كونه مجهودا حكوميا لتطوير الشوارع وتوسعتها وإعادة رصفها.

كغيري فوجئت بضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها اختفاء عدد كبير من الأشجار في عدد من شوارع المحافظات، التي كانت مملوءة ومزينة بالأشجار، دون معرفة المسؤول عن الاختفاء المريب.

التبريرات جات بعضها رسمية على استحياء، من مصادر لم تسم نفسها، قالت إن الأشجار المقطوعة جرى الاستعانة بها لإعادة تشجير طرق أخرى، جار تمهيدها وشقها، سواء في المدن الجديدة، أو لأخرى بديلة في شوارع المنطقة نفسها، في الوقت الذي لم تخرج فيه وزارة أو هيئة حكومية تعلن تفاصيل ما يحدث.

وأتساءل إذا كانت الجهات الرسمية وراء قطع تلك الأشجار، فلماذا لا تخرج صراحة وتقطع كل الشكوك والتخمينات، وتنهي الجدل الدائر حاليا؟، وإن كانت هي فهل هذا يتعارض مع مبادرة «اتحضر للأخضر» التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

بينما كانت التبريرات الأخرى من مواطنين قالوا إن اللصوص هم من يقفون وراء قطع الأشجار، نظرا لثمن تلك الأشجار، فتكلفة الشجرة الواحدة تتراوح ما بين 5 إلى 10 ألاف جنيه، حسب حجمها وكثافة أغصانها وقوتها، على غرار ظاهرة اختفاء أغطية بالوعات الصرف في الشوارع.

وما بين هذا وذاك فالأمر جلل، ومصيبة لو تعلمون عظيمة، فلك أن تتخيل أنك تنزع رئة من جسد إنسان، أو تخلع جهاز أكسجين من مريض على جهاز تنفس، فالأشجار والمساحات الخضراء بالنسبة للإنسان كجهاز أكسجين، فهي ميزان البيئة الحساس ومعيار التوازن البيئي، فمن دونها تشعر أنك في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، فكيف ستعيش حياتك بها.

بيد أن الأشجار عنصر مهم في الوقت الحالي، خصوصا في الأجواء شديدة الحرارة التي تعيشها مصر منذ أكثر من شهر، ونحن لم ندخل بعد فصل الصيف، فالأشجار  تعمل كمرشحات طبيعية للهواء، وقادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإعطائنا الأكسجين، ما يساعد في تحسين جودة الهواء وإضعاف تركيز الغازات السامة والضارة المنتشرة في الهواء.

وليس هذا وفقط، فالأشجار تثبت التربة وتمنع تآكلها. وتحميها من الانجراف، وقادرة على توفير حماية للطيور والحشرات والثدييات. ما يعزز التنوع البيولوجي.

والأهم من كل ذلك أن الأشجار قادرة على ضبط درجات الحرارة وتنظيمها، وكثافتها يعطيها القدرة على التخفيف من آثار التغير المناخي، ناهيك عن مساعدتها في تحسين الصحة النفسية والجسدية وتقليل التوتر وتنمي الشعور بالسعادة والرفاهية.

ما يدلل على خطورة الظاهرة التي نحن بصددها، هو وصولها إلى أروقة البرلمان، في صورة طلب إحاطة تقدم به  النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، إلى رئيس مجلس الوزارء، ووزير البيئة، ووزير التخطيط، ووزير التنمية المحلية، بشأن «قطع الأشجار في جميع أنحاء مصر».

النائب قال في طلبه، إنه «في الفترة الأخيرة، تم قطع عدد كبير من الأشجار في مختلف المحافظات دون وجود بدائل مناسبة لتعويض الفاقد من المساحات الخضراء، هذا الأمر أثار العديد من الشكاوى من المواطنين والمجتمع المدني، الذين عبروا عن قلقهم من التبعات السلبية لهذه العمليات».

الموضوع خطير ويستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المعنية، أولا لتوضيح ما يحدث وشرح أبعاده، وثانيا لتوفير بدائل عاجلة لتعويض وظيفة تلك الأشجار خصوصا وأننا نعيش أجواء شديدة الحرارة، وهناك الألاف من المواطنين في الشوارع إما يؤدون مهام عملهم أو آخرين خارج بيوتهم لظروف مختلفة، مجبرين على السير في الشوارع في جميع فترات النهار، يتصيدون الأماكن التي تغطيها الأشجار للاستظلال بظلها لتقيهم من أشعة الشمس الحارقة.

 

: