الحكومة الجديدة.. آمال وطموحات وتحديات
آمال كبيرة منعقدة على الحكومة المزمع تشكيلها قريبا برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بعدما قدم استقالته واستقالة حكومته الحالية إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
لن نبخس حق الحكومة الحالية، فيما قدمته من جهود في أجواء صعبة واستثنائية عصفت بالمنقطة والعالم وبالكاد من بينها مصر، ما بين تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وما استتبع ذلك من تأثر حركة الملاحة في البحر الأحمر بسبب الهجمات الحوثية (محور المقاومة الإيرانية) على السفن التي تتبع الكيان الإسرائيلي، وامتد أثرها إلى تأثر قناة السويس بسبب تحول وجهة السفن إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح، تفاديا للهجمات، فضلا عن اندلاع حرب في السودان، بين الجيش ومليشيا الدعم السريع.
ولنكون منصفين فإننا كما أشدنا بالجهود التي بذلتها الحكومة الحالية، فإنه كانت لديها إخفاقات في بعض المجالات، التي تمس المواطن فيما يتعلق بملف الأسعار وضبط الأسواق، وكانت تلك الإخفاقات سببا في تنامي السخط الذي عجَّل برحيليها، لتكون الحكومة الجديدة، ملزمة بتفادي تلك الإخفاقات خاصة بأنها ستأتي في وقت عصيب جدا وضغوطات شديدة، لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن.
الحكومة الجديدة مطالبة بأفكار مختلفة، فهي حكومة التكنوقراط المنشودة، المجددة للدماء والقادرة على تحويل الأزمات إلى انفراجات، والتراب إلى ذهب كما يقولون، تطلق يدها في كل المجالات لتحقيق هدف واحد فقط، وهو الانطلاق بالدولة إلى مكانة أفضل تليق بالجمهورية الجديدة، التي أسسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتشكلت 90% منها حتى الآن، في جميع المجالات: العمرانية والصناعية والاجتماعية وحقوق الإنسان والبنية التحتية.
ينبغى أن تكون من أولويات الحكومة الجديدة، بناء الإنسان، ثقافيا واجتماعيا وإنسانيا، بالمعنى الشامل، الذي يندرج تحته ألف بند، وتوفير الحياة كريمة له، تجعل منه فردا نافعا في المجتمع، وتقديم تعليم جيد له، وخدمة صحية تليق به، ووسائل معيشة تحترم أدميته.
كما أن الحكومة الجديدة، مطالبة بمواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، لجميع فئات الشعب، وتحقيق الهدف الأسمى وهو خدمة البلد، وإيصال جميع الأصوات البناءة إلى الحكومة، بما يخدم توجهات الدولة لتوسيع المشاركة السياسية.
الحكومة الجديدة على عاتقها ايضًا، الاستمرار في الجهود المبذولة في السنوات الماضية، فيما يتعلق بملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على حالة الأمن والأمان في ربوع مصر، وهي الميزة الكبيرة التي يشيد بها كل المصريين والضيوف، فضلا عن أهميتها لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
ملفات الثقافة والوعي الوطني والخطاب الديني المعتدل، من أبرز الملفات التي تعد من أولويات الحكومة الجديدة، فبناء الوعي المصري من الأهمية بمكان بعدما أن عبث به المخربون، كمان أن تجديد الخطاب الديني المعتدل، ضرورة لبناء مسلم معتدل، بعيد كل البعد عن التطرف والتخريب، قادر على التفريق بين الغث والسمين، فيما يتعلق بأمور الدين، وتشكيل صورة وسطية تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ناهيك عن حكومة تعمل على مواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتشجيع نمو القطاع الخاص، في ظل الجمهورية الجديدة، التي من أبرز دعائمها تشجيع مشاركة القطاع الخاص، للقيام بدوره في نمو الاقتصاد، والعمل يدا بيد مع الاقتصاد الحكومي في المشروعات المختلفة.
من أولى الأوليات للحكومة الجديدة أيضًا أن تبذل قصارى جهدها بأفكار مختلفة خارج الصندوق، لإيجاد وسائل حقيقية وواقعية للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم، وضبط الأسواق، الشغل الشاغل للمصريين جميعا في الوقت الراهن، وهمهم الأكبر ليل نهار، في ظل الانفلات الحالي في أسعار السلع والتضخم الذي يخيم على السوق المصرية.
أعباء كثيرة، تنتظر الحكومة الجديدة، التي يجب أن تكون قوية ومختلفة، في الفكر والتنفيذ، وتسعى بكل الطرق لنيل رضاء المواطن، الذي مل الانتظار أملا في انتهاء أزمات كثيرة، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعصف بالكثير من دول العالم، ومنها مصر.