القاهرة الإخبارية.. هنا عاصمة الخبر والتميز العربي

مقالات الرأي

أحمد سامي
أحمد سامي

قبل نحو 90 عاما من الآن وتحديدا في 31 مايو 1934، انطلقت الإذاعة المصرية، وشيدت القاهرة المنصة الإعلامية الأولى في المنطقة العربية، وتغلغل أثيرها في الدول العربية مفتتحة صدر برامجها بـ«هنا القاهرة» تخاطب شعوبها لتنير العقول وتربي الأجيال على حفظ وتلاوة القرآن وتفتيح مدارك الفهم بالبرامج المختلفة التي قدمها ألمع المذيعين من الرعيل الأول للإذاعة.

كان أبرز صدى وأقواه لمقولة «هنا القاهرة»، عندما قصف الاحتلال الإسرائيلي الإذاعة المصرية في نوفمبر عام 1956، خلال العدوان الثلاثي على مصر، لتكون تلك الجملة في دقائق معدودات حاضرة على لسان المذيع السوري، عبدالهادي بكار عندما قال: «من دمشق.. هنا القاهرة»، عوضا عن العبارة السورية الشهيرة «إذاعة الجمهورية العربية السورية من دمشق»، في خطوة جسدت التلاحم بين الدولتين الكبيرتين في المنطقة، اللتين اتحددتا في الفترة من 22 فبراير 1958 إلى 27 سبتمبر 1961، تحت اسم «الجمهورية العربية المتحدة».


الجملة توارثتها الأجيال جيلا تلو الجيل، وأصبحت أيقونة تبرز مدى التعاون والحب والود بين مصر وسوريا، والتلاحم الذي كان بعد ذلك سببا في نصر أكتوبر 1973، عندما اتحدت الدولتان لهزيمة الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحت رمزا إعلاميا وصكًا مصريًا سوريًا.

«هنا القاهرة» برزت مؤخرا عندما استخدمت كشعار لقناة القاهرة الإخبارية، التي ولدت عملاقة منذ نحو عام ونصف العام، وتحديدا في 31 أكتوبر 2022، وكان اختيارا موفقا أن تكون تلك الجملة -«هنا القاهرة.. عاصمة الخبر» متلازمة للقناة التي خطَت بقوة لحجز مكانتها الرائدة بين القنوات الإقليمية والدولية، انطلاقا من قوة الدولة التي نشأت فيها ومكانتها الرائدة في المجالات كافة بين الدول إقليميا ودوليا.

كانت الجملة شعارا بارزا على لسان مذيعي ومراسلي القناة: «هنا القاهرة.. عاصمة الخبر»، وكانت حاضرة في أولى النشرات التي افتتح بها الإعلامي خيري حسن، القناة الوليدة، في نشرة التاسعة، وشاركه فيها الإعلاميان البارزان همام مجاهد وإيمان الحويزي، قراءة النشرة، بعد أن بدأ البث الحي للقناة في السابعة مساء 31 أكتوبر، بعزف النشيد الوطني لجمهورية مصر العربية،

وأتذكر جيدا يوميات الإعلامي الأستاذ أحمد الطاهري، رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، في التحضير لانطلاقة القناة، وافتراشه الأرض رفقة الأستاذ أحمد صياد، مدير قطاع الديجيتال بالقنوات الإخبارية بالشركة، ليلا ونهارا من أجل وضع الرتوش الأخيرة، لضمان انطلاقة واعدة لقناة تريد أن تحجز مكانها الذي يليق بها وبدولتها بين القنوات الإقليمية والدولية، وقد كان.

الرجلان لم يلقيا بالا لمنصبيهما، وشمرا سواعديهما، وشاركا أفراد عمل القناة يدًا بيد في التحضير، وبدا الشحوب والإرهاق على وجهيهما من كثرة العمل والتركيز، إلى أن كلل الله مجهودهما ومجهود فريق العمل بالنجاح، والآن يحصدان ثمار تعبهما وجدهما، برؤيتهما القناة وقد أصبحت رائدة في الإعلام العربي ومنصة قوية ومصدرا للوكالات والصحف الإقليمية والدولية.

«هنا القاهرة.. عاصمة الخبر»، شعار قناة القاهرة الإخبارية، حجز مكانه بقوة الآن، وأصبح حاضرا على منصات التتويج، انطلاقا من المجهود الضخم الذي يقدمه ثُلة من ألمع وأمهر الإعلاميين في المنطقة، وفق خطة عمل مختلفة تماما عن المتعارف عليه، فكر وأسلوب وتخطيط على أعلى مستوى، يطبقه كوكبة من المذيعين والمذيعات والضيوف، الذين يرصدون ويحللون الأحداث كافة في جميع الدول.

القناة فرضت نفسها وبقوة على المنافسين وناقشت ورصدت جميع القضايا الإقليمية والعالمية، وجابت العواصم المختلفة لنقل الأخبار، وتواجدت على مسرح الأحداث المشتعلة في الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، وبرز ذلك الرصد والتحليل في الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، بوصول شبكة مراسليها إلى أعمق المناطق الساخنة للحرب، في الضفة وقطاع غزة، بل في بعض الأحيان كان الاحتلال مواجها للمراسلين ومعيقا لتغطيتهم الحية للمارسات الإسرائيلية المجرمة بحق الأشقاء الفلسطينيين في الضفة، إذعانا منه بقوة التغطية التي يقدمها المراسلون وصداها القوى في فضح تلك الممارسات.

المجهود الضخم الذي بذل ويبذل منذ انطلاق القناة وما زال وسيظل، انطلاقا من خطة عمل واضحة ومحددة الهدف وهو أن تكون واحدة من أقوى القنوات الإقليمية والدولية التي تليق بدولة كبيرة مثل مصر، صاحبة 7 آلاف سنة حضارة، كان مبعث فخر وتقدير واعتزاز، وكان واضحا أمام أعين الجميع، وقد تبلور ذلك في حصول القناة وهي في عمر العام ونصف العام، على جائزة التميز العربي، على هامش اجتماعات وزراء الإعلام العرب، في العاصمة البحرينية المنامة، وتسلمها الإعلامي أحمد الطاهري.

لا أخطئ إن قلت إن القناة حققت أكثر من المطلوب منها، ولم لا وفي عام ونصف العام فقط وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، وتوجت بتلك الجائزة الرفيعة، فما بالنا بمرور السنوات والسنوات التي تثقل خبرات فريق عملها من المذيعين والمراسلين، وتُفتَّح لها الأبواب والأبواب لاقتحام أبرز الأحداث التي تهم الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، وأتوقع لها مكانة مختلفة في غضون السنوات الخمس الأولى، فهذا ما عهدناه من الشركة المتحدة التي حركت الماء الراكد وأذابت الجليد الذي جمد القوة الناعمة المصرية، وأعادت لمصر مكانتها الرائدة في المنطقة فيما يخص قوتها الناعمة، التي تسيدت بها لسنوات وسنوات كثيرة.