خلال حواره مع "الفجر"
أستاذ جامعي: التغيرات المناخية تؤثر بشكل سلبي على المحاصيل
حذر الدكتور عصام شلبي- أستاذ في علوم المحاصيل في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية من تأثير التغيرات المناخية على المحاصيل، وخاصة على المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي، موضخا أنه يجب على دول العالم اتخاذ إجراءات حقيقة للحد من تأثيرات التغيرات المناخية والانبعاثات الكربونية.
جاء ذلك خلال حواره مع "الفجر" عن التغيرات المناخية، لتوضيح أسبابها وكيفية الحد من تأثيراتها، واستخدام تطبيقات زراعية لتحقيق الصمود أمام هذه التغيرات.
وإلى نص الحوار..
ما هي التغيرات المناخية؟ ومدى تأثيرها؟
يوضح الدكتور عصام شلبي في البداية بأن التغيرات المناخية هي الأمور الجديدة التي حدثت للغلاف الجوي، فالغلاف الجوي يتكون من مجموعة من الغازات، وهم غاز النيتروجين بنسبة 78%، أكسجين 21%، آرغون 9%، ثاني أكسيد الكربون 3%.
وأنه مع ظهور الثورة الصناعية في بداية القرن ال 19 بدأت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الزيادة نتيجة زيادة المحروقات واستخدام الوقود الأحفوري، ومع الثورة الصناعية الثانية والثالثة زاد استخدام الوقود الأحفوري والطاقة، وبالتالي زادت نسبة ثاني أكسيد الكربون، وأنه كانت نسبته مع بداية الثورة الصناعية نحو 285 جزء في المليون، ولكنه يدخل الآن في نحو 400 جزء في المليون.
ويعلق الدكتور عصام:" لكنه إذا استمرت التغيرات المناخية بهذا الشكل، والعالم لم يتخذ إجراءات حقيقية للحد منها سيصل ثاني أكسيد الكربون إلى نحو 550 جزء في المليون، وهذا الأمر في منتهى الخطورة".
ما أبرز ظواهر التغيرات المناخية
ويذكر الدكتور عصام شلبي بأنه في منتصف القرن العشرين، بدأ العالم يشعر أن درجات الحرارة في تزايد مستمر، وبدأت ظاهرة الاحتباس الحراري أو الاحترار العالمي، وأن العالم تعرف على هذه الظاهرة عندما أجرى أحد العلماء أبحاث في جزيرة منعزلة في المحيط الباسيفيكي في عام 1975، ووجد تغيرات في درجات الحرارة، وبالتالي العالم أثبت بأنه هناك تغيرات في درجات الحرارة.
وأنه حتى عام 2000 كان العالم بين مشكك ومصدق لهذه الظاهرة، لكن مع مؤتمرات الأرض وزيادة الأبحاث العلمية، بدأ العالم يصدق بأن درجات الحرارة المرتفعة هي أصبحت ظاهرة حقيقية.
ذوبان الجليد
من أبرز ظواهر التغيرات المناخية، هي ذوبان الجليد في المحيطات المتجمدة، وأن هذا يتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر، موضحًا: "مع ارتفاع درجات الحرارة يحدث تمدد لجزئيات مياه البحر، وبالتالي يحدث تمدد للمياه، وبالتالي يرتفع سطح البحر".
خطورة ارتفاع مستوى سطح البحر
ويشرح الدكتور عصام شلبي بأنه كلما ارتفع مستوى سطح البحر زاد تأثيره على مناطق السواحل، بسبب زحف ماء البحر بشدة والاختلاط بالمياه الجوفية، معلقًا: "هناك بعض التنبؤات أنه لو استمرت التغيرات المناخية، سنجد أنه في عام 2050، لو حفرنا بئر مياه جوفية في محافظة طنطا ستطلع مياه مالحة، رغم أنها مدينة بعيدة عن السواحل البحرية، وهذا نتيجة التلوث بمياه البحار".
تغير أنماط الأمطار
ومن بين أبرز ظواهر تأثيرات التغير المناخي هو التأثير على مياه الأمطار، موضحًا بأنه مع ارتفاع درجات الحرارة، يزداد البخر في المحيطات التي بدورها تكون الأمطار، وبالتالي يحدث تغير في مواعيد وحجم مياه الأمطار، وبالتالي لها تأثيرات على المحاصيل، وخاصة أن 78% في الخارج تعتمد المحاصيل على مياه الأمطار، عدا مصر تعتمد على الري.
أما ثالث أبرز تأثيرات تغيرات المناخ هي الحشرات، مضيفًا بأنه يصاحب التغيرات المناخية تغير في نمط الطقس، فالبتالي تحدث كثافة في الأحداث المناخية المتطرفة مع زيادة درجات الحرارة، أو البرودة، تزداد حدة الأمراض النباتية، ضاربًا المثل: "هناك حشرة المن تتكاثر كل 12 يوم، مع ارتفاع درجات الحرارة أصبحت تتكاثر كل أسبوع، وهذا يعني زيادة القدرة المرضية للحشرات، وبالتالي زيادة القدرة المرضية للمحاصيل".
تأثير التغيرات المناخية على المحاصيل الاستراتيجية
وذكر أن كثير من المحاصيل ستتأثر سلبًا بسبب التغيرات المناخية عدا محصول القطن سيتأثر بشكل إيجابي، وأنه في أحدث الدراسات المصرية وجد أن انتاج القمح سيقل نحو 9%، لو زادت درجة حرارة الجو 1 درجة ونصف مئوية هذا على عام 2050، أما إذا زادت 3 درجات ونصف فالمحصول سينخفض بشدة إلى 18%، معلقًا: "هذا رقم شديد".
أما محصول الشعير سينقص في حدود 20% لو الحرارة زادت 3 درجات ونصف، بالنسبة للذرة لو زادت درجة الحرارة 3 درجات ونصف سيقل المحصول بنسبة 20%، معلقًا: "الذرة الصفرا مهم كأعلاف للدواجن".
أما محصول الأرز سينخفض انتاجه بمعدل 11%، ومحصول الطماطم بنسبة 14%.
سيناريوهات التغيرات المناخية
وذكر أستاذ علوم المحاصيل بأنه نتيجة التغيرات المناخية أنشأت الأمم المتحدة الهيئة الحكومية المعنية بالتغيرات المناخية- IPCC عام 1988، نتيجة خطورة الوضع العالمي، لأن التغيرات المناخية التي تحدث في بلد تأثر على بلد أخر، فالصين وأمريكا من الدول المتسببة في التغيرات المناخية أثرا على مصر ودول العالم في التغيرات المناخية.
وأوضح بأن الهيئة تقوم بنظم المحاكاة تفترض إذا زادت درجة الحرارة درجة واحدة ماذا سيحدث للمحاصيل، وهم يقومون 3 سيناريوهات، الأول متفائل بأن درجات الحرارة لن تؤثر بشدة على المحاصيل، السيناريو الثاني يكون متشائم بأن درجات الحرارة سترتفع بشدة تصل 3 درجات، وسيناريو وسط.
وأحد السيناريوهات بأن إفريقيا سيحصل تغير في نمط تساقط الأمطار، وأن هطول الأمطار ستقل في أثيوبيا، وأن 85% من المياه التي تأتي لمصر، تأتي من بحيرة تانا، وهذا سيعني أن قلة الأمطار في أثيوبيا سيؤثر على دول المصب.
كيفية مواجهة تأثير التغيرات المناخية
وتحدث أن دول العالم ومن بينهم مصر تواجه تأثير التغيرات المناخية، وأن مصر اتجهت إلى إعادة تدوير المياه، وأن محطة معالجة المياه في الحمام هي أكبر محطة لمعالجة المياه، وهي تعالج مياه المصارف الزراعية، وهذه المياه من المأمول أن يتم استزراع بها نحو 500 ألف فدان.
البدء بالزراعة الذكية مناخيًا
كما أشار إلى أن الزراعة الذكية مناخيًا من ضمن الحلول لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية، شارحًا بأن الزراعة الذكية مناخيًا هو مصطلح جديد أدخلته منظمة الفاو في عام 2010، وهو يهدف إلى دمج منظومة الانتاج والأمن الغذائي بالتغيرات المناخية.
وأنه يساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فهو يحقق البعد الاقتصادي: زيادة الانتاج ودخل المزارع، البعد الإجتماعي: هو محاولة التكيف مع التغيرات المناخية وبناء قدرات الدولة والمزارع على هذا التكيف، والبعد البيئي: العمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
كيفية تطبيق منهج الزراعة الذكية مناخيًا
أوضح بأن الزراعة الذكية مناخيًا هي ليست وصفة محددة، بقوله: "تجربة الزراعة الذكية مناخيًا في أمريكا ليست بالظبط التي ستطبق في مصر أو أي دولة أخرى، هي لها علاقة بالمكان والزمان مثل اختلاف حجم النشاط الصناعي وحجم انبعاثات الغازات الدفيئة في كل بلد".
وذكر أنه من بعض ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا، هو تحسين وسائل الري مثل الري بالتنقيط بدلًا من الغمر، إلى جانب استخدام الحد الأدنى من الحرث.
كما أنه يتم استخدام البذور عالية الجودة من الانتاج، مثل البذور المتحملة للجفاف، وأصناف متحملة للأملاح، كما يتم الاحتفاظ بالمتبقيات الزراعية، لاستخدامها في تغطية سطح التربة لتقليل البخر، أو الرياح كمصدات للرياح.
تحديات تطبيق الزراعة الذكية مناخيًا كحل
ويشير في ذات الوقت أن الزراعة الذكية مناخيًا تواجه تحديات في تعميمها، بسبب ارتفاع أسعار البذور عالية الانتاج، وأنه لن يقدر على ذلك إلا الفلاح القادر ماديًا، إلى جانب مشكلة تفتت الحيازة في مصر، وأن 92% من حائزي الأراضي الزراعية أرضهم أقل من 5 أفدنة، و49% أقل من فدان وبالتالي هي مساحة صغيرة جدًا على تطبيق مماراسات الزراعة الذكية مناخيًا بكافة متطلباتها وتقنياتها.
كما أن المزارع يواجه صعوبة في ضعف الوصول للخدمات الإرشادية، خاصة أن خدمة الإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة غير قادرة على تلبية كل الطلبات وهناك تقلص في حجم الارشاد الزراعي.
بالإضافة إلى مستوى تعليم المزارع، فإذا كان المزارع متعلم سيكون قادرًا على الوصول إلى الخدمات الإرشادية إلى جانب قدرته على الوصول إلى معلومات خاصة بالمناخ والطقس، حتى يكون قادرًا على مواجهة التقلبات الجوية الشديدة.
كيفية تخطي العقبات
يؤكد أستاذ في علوم المحاصيل بأنه يجب على وزارة الزراعة، تحسين خدمات الإرشاد الزراعي، وأن تدعم الدولة سياسة انتاج التقاوي بأسعار معقولة، وأن يبحث المزارع عن فرص تمويلية تساعده على تطبيق مفهوم الزراعة الذكية مناخيًا، ومن ثم يبدأ في الكسب ثم الاستثمار في الزراعة.