حلم بالانضمام للجيش وشارك في بناء السد العالي.. حكاية فيكتور عامل التوربينات
بأيديهم حققوا الحلم وبعزيمتهم سجلوا التاريخ.. “فيكتور نخلة تادرس” صاحب ال 91 عامًا، شعره الأبيض يسجل قصة كفاح بناة السد العالي، وجهه المجعد تسطع منه شمس أسوان القوية.. يقف متململًا يستند على ابنه ليحدثنا بصوت قوي عن جهوده ومشاركته في بناء السد العالي أحد أهم المشروعات العملاقة في مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي تم بناؤه على نهر النيل بهدف وقف الفيضانات وتوليد الكهرباء وقد أحدث هذا المشروع تحولًا كبيرًا في التنمية في مصر.
جلس فيكتور مبتسمًا ليروي ل "الفجر" قصة مشاركته في بناء السد العالي قائلًا: وقتها كنت أبلغ من العمر 27 عامًا أمتلك حماس الشباب وأتمنى أن أقدم شيئًا لمصر، في فترة العدوان الثلاثي كان يشغل بالي حلم الانضمام للجيش المصري لكن للأسف حصلت على شهادة إعفاء مدون بها " لم يصبه الدور "، وظل حلم التطوع يراودني لسنين، عملت خلال هذه الفترة فني تركيبات بالمعدات الخاصة بمحطات الكهرباء وأصبح لدي خبرة جعلت اسمي" يسمع مثل الطبول" كما يقال.
مستطردا: وفي يوم وجدت أحد المعارف بالمنطقة التي أسكن بها في أبو حماد بالشرقية يقول لي الصاغ حسن التابع للحرس الوطني طلبك بالاسم، فذهبت للصاغ حسن وقابلته وأبلغني وقتها أن تم اختياري ضمن مجموعة من الشباب للمشاركة في بناء السد وأتذكر جيدًا ما قاله لي الصاغ حسن: "تطلع مع الناس تجيب المهمات من التل الكبير وهيتم تعيينك الريس لهم " وقتها طبعًا الفرحة كانت كبيرة، أخيرًا تحقق الحلم أخيرًا سوف أشارك في عمل وطني وأستطيع أن أساعد والدي في مصاريف البيت.
التقط تادرس أنفاسه معتذرًا عن بطء خروج الكلمات ليهدأ قليلًا ويتذكر ويعود للحديث بقوة وضحكة مسموعة قائلًا: بالفعل أخذنا المعدات من معسكر الجيش البريطاني من التل الكبير وتم تحميلها على مجموعة كبيرة من السيارات وذهبنا إلى مخازن في العباسية بالقاهرة.. أتذكر التفاصيل كاملة وكأنها حدثت أمس القريب.. وحول أول راتب حصل عليه فيكتور من بناء السد العالي قال: حصلت على 60 قرشًا وكنت سعيد جدًا كرمت من الرئيس جمال عبد الناصر وحتى الآن أكرم من عدة جهات عن مشاركتي في بناء ملحمة مصرية، آخرهم تكريم من المركز الثقافي الروسي بحضور عبد الحكيم عبد الناصر ابن الرئيس الراحل.
يكمل: أتذكر أيام وليالي العمل في السد العالي وجهودنا وحماسنا ولمتنا في المساء لتناول الطعام واستيقاظنا قبل الشمس لنكمل العمل، كما أتذكر أيضًا يوم افتتاح السد وكلمة الرئيس جمال عبدالناصر، وتوزيع الأوسمة والميداليات المصرية السوفييتية على العمال والمهندسين
وأنهى حديثه مؤكدا: لو عاد الزمن به من جديد لاختار أن يشارك في بناء السد العالي واصفا ذلك بأنه أهم عمل قام به في حياته.