متحدث الدستور : قضية "حرق مقر شفيق" واحدة من أغرب القضايا خلال الأعوام الثلاثة السابقة
قضت محكمة مصرية أمس بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وشقيقته و10 آخرين، عاما مع إيقاف التنفيذ، لإدانتهم بالتجمهر أمام مقر الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الخاسر الفريق أحمد شفيق قبل نحو عام ونصف العام، لكن الحكم الذي وصف بـ«المخفف» يثير علامات استفهام بشأن علاقة السلطة التنفيذية بالمؤسسة القضائية في البلاد، منذ عهد الرئيس السابق محمد مرسي، حتى الآن.
وتعود أوراق قضية حرق مقر شفيق إلى عام 2012، حيث اتهم النشطاء بالتجمهر والاعتداء على مقر حملة المرشح السابق للرئاسة في مايو (أيار) قبل الماضي. وقرر النائب العام السابق عبد المجيد محمود حفظها، إلا أن النائب العام طلعت عبد الله الذي عينه الرئيس السابق بإعلان دستوري أثار الجدل حينها، قرر تحريك القضية مجددا في ذلك الوقت مع تنامي انتقادات النشطاء لحكم مرسي، من دون ظهور أدلة جديدة في القضية، بحسب منى سيف شقيقة عبد الفتاح.
وقضت محكمة جنايات الجيزة أمس بمعاقبة عبد الفتاح وشقيقته، و10 آخرين بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ عن تهمة التجمهر، كما قضت بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في واقعة السرقة والبراءة في تهمة حرق مقر شفيق.
ويعد شفيق خصما لدودا للرئيس السابق مرسي. وخلال خطابات له العام الماضي، اتهم مرسي منافسه السابق بتمويل أنشطه للعمل على إسقاطه. وبدا مستغربا أن تعمل بعض الجهات القضائية أثناء حكم مرسي على تحريك الدعوى، وفي مسعى لإحراج مرسي على ما يبدو، تنازل الفريق شفيق عن الدعوى، ضد عبد الفتاح الذي أيد مرسي خلال الانتخابات الرئاسية. وقال خالد داود، المتحدث الرسمي باسم حزب الدستور، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الحكم غير مفهوم على الإطلاق، فهذه القضية واحدة من أغرب القضايا خلال الأعوام الثلاثة السابقة».
وأضاف داود، عقب خروجه من مقر المحكمة، أن «القضايا التي اتهم فيها نشطاء سياسيون خلال عهد مرسي جرى إغلاق ملفاتها جميعها، صحيح أن الحكم الذي صدر مع إيقاف التنفيذ؛ لكنه يظل سيفا على رقاب النشطاء خاصة في ظل قانون التظاهر الحالي»، معربا عن اعتقاده بأن الحكم بمثابة رسالة موجهة إلى نشطاء «25 يناير».
وغاب عبد الفتاح عن جلسة أمس (الأحد)، وهو محبوس حاليا على ذمة قضية أخرى في اتهامات بالتظاهر من دون الحصول على إذن مسبق من السلطات، ومن المقرر أن تنظر محكمة الجنايات القضية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأدين الشهر الماضي ثلاثة شباب من رموز ثورة «25 يناير» هم أحمد دومة، وأحمد ماهر، ومحمد عادل في اتهامات بمقاومة السلطات والاعتداء على أفراد الأمن والتظاهر من دون الحصول على إذن , وقضت محكمة بسجنهم ثلاث سنوات.
وقرر النائب العام المستشار هشام بركات أمس فتح التحقيق في بلاغ ضد ثمانية من النشطاء والسياسيين للمطالبة بالتحقيق معهم فيما نسب إليهم من تسريبات تليفونية، تتهمهم بالتخطيط والتحريض على اقتحام مقرات أمن الدولة وقت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بغرض سرقة ملفاتهم.
وخلال عام من حكم مرسي احتدم الصراع بين جماعة «الإخوان» التي هيمنت على المجلس التشريعي، وقضاة مناوئين لحكمهم على خلفية قانون جديد استهدف استبعاد نحو ثلاثة آلاف قاض. وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن «مرسي وجماعته (الإخوان) حاولوا عبثا الهيمنة على مفاصل المؤسسة القضائية، لكن قضاة مصر الشرفاء تصدوا لتلك الهجمة ونجحوا في الحفاظ على استقلالهم».
في المقابل، قال مسؤول في الحكومة السابقة، التي كان يرأسها الدكتور هشام قنديل في عهد مرسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «شكوكا مشروعة تجب إثارتها بشأن عدد من القضاة، هذا أمر ليس وليد اليوم؛ وإنما يعود لشهادات قضاة آخرين خلال انتخابات البرلمان عام 2005».
وحامت شكوك بشأن تورط عدد من القضاة في تزوير الانتخابات البرلمانية خلال عام 2005، وقدمت المستشارة نهى الزيني شهادة منشورة أكدت فيها وقائع التزوير، لكن محكمة مصرية قضت الشهر الماضي أيضا بإغلاق ملف القضية لنقص الأدلة.
ونظم حقوقيون قبل يومين مؤتمرا عرضوا خلاله فيلما قصيرا في نقابة الصحافيين تحت عنوان «أذرع الظلم الثلاث: الداخلية، والنيابة، والقضاء» استعرض شهادات نشطاء قالوا إنهم تعرضوا لانتهاكات من جانب وزارة الداخلية، بينهم مشاركات تعرضن للتحرش والاعتداء من قبل الأمن خلال مظاهرات الشورى (قبل شهرين).
ووجهت انتقادات واسعة لحكم مرسي بسبب ما عده سياسيون ونشطاء وحقوقيون استغلال سلطة الاتهام لملاحقة معارضيه قضائيا، لكن بدا لافتا أن المعارضين أنفسهم ما زالوا ملاحقين قضائيا.