لغز «رئيسي».. صمت مريب وشكوك حائمة
هل كانت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وقادة الدولة إثر سقوط الطائرة التي كانت تقلهم عائدين من أذربيجان لتدشين سد مشترك حادثة طبيعية، نتيجة الاضطرابات الجوية؟ أم كانت لإسرائيل يد، ردا على شن إيران ضربة بعشرات الصواريخ والمسيرات على تل أبيب لقصف الأخيرة القنصلية الإيرانية في سوريا؟ أم كان الحادث بدوافع سياسية داخلية رغبة في التخلص من المرشح المحتمل لخلافة المرشد الإيراني آية الله الخامنئي؟
أسئلة مطروحة تحتاج إلى إجابات خاصة بعد مرور أربعة أيام، على مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، وسط هدوء داخلي على غير المعهود، فقد عودتنا طهران أن تملأ الأرض ضجيجا عند مقتل قائد عسكري لها سواء على أرضها أو في أراضي ما يسمى محور المقاومة سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن.
الهدوء الإيراني الملفت -حسب البعض- أراه بسبب الرواية الرسمية التي خرجت حتى الآن. بأن الحادث بسبب سوء المناخ وضبابية الرؤية في منطقة جبلية هي مسار عودة الطائرة من أذربيجان إلى إيران، وإن كنت أشك في تلك الرواية، خصوصا أنه ليس بهذه البساطة تسقط طائرة رئاسية يقودها صفوة الطيارين في البلاد، وتحطمها وحدها من بين موكب من ثلاثة طائرات عادت اثنتين منهم بسلام إلى وجهتهما حيث مدينة تبريز، بعد رحلة إلى دولة أذربيجان المجاورة للاتفاق على تدشين سد مائي مشترك.
الشك يدعمه أيضا، قائمة الاغتيالات الكثيرة التي تعرض لها جميع عناصر المستوى السياسي الإيراني منذ القدم حتى يومنا هذا على يد الموساد الإسرائيلي، بداية من رئيس الجمهورية حتى قادة الحرس الثوري وفيلق القدس وقادة الجيش، والأسماء معلنة يمكن للعامة الاطلاع عليها.
احتمال ثالث قد يغذي فرضية اغتيال الرئيس الإيراني ووزير الخارجية وقيادات الدولة، وهو وجود دوافع سياسية داخلية رغبة في التخلص من المرشح المحتمل لخلافة المرشد الحالي آية الله الخامنئي، خصوصا وقد استبعد اسمه من المرشحين لمنصب المرشد الإيراني منذ ٦ أشهر وفق ما أعلنته وكالة أنباء رويترز، ورغم أنه دفع ضعيف إلا أني لا أستبعده.
ما قلته هو رأيي ورأي الكثير ممن يتحسسون يد تل أبيب خلف الحادث، وهذا عكس من يؤمنون بالرواية الرسمية الإيرانية، فإيران التي أشعلت نيرانها وقت اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الأسبق قاسم سليماني؛ إثر غارة أمريكية في العراق، وامتدت نيرانها إلى استهداف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ليست هي إيران الحالية التي التزمت لغة الحكمة على لسان مرشدها آية الله الخميني، من منطلق أن سقوط طائرة الرئيس ووزير الخارجية، هو حادث عارض بسبب سوء الطقس والمناخ.
كما أن إيران هي ذاتها التي قصفت تل أبيب بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، ردا على استهداف قنصليتها في سوريا ومقتل عدد من قادة الحرس الثوري على إثرها، رغم أن المستوى السياسي الإسرائيلي لم يعلن مسؤوليته عن الحادث.
المثير للريبة أن الحادث الذي مر مرور الكرام على الدولة التي قدمت نفسها في الآونة الأخيرة كدولة فاعلة ومؤثرة في الشرق الأوسط، راح ضحيته رئيس البلاد ووزير الخارجية وقيادات كانت تجمعهم طائرة واحدة ضمن ثلاث طائرات سقطت هي بينما لم تتعرض الطائرتين الأخريين إلى سوء، ووصلتا إلى مدينة تبريز، رغم مرورها بالمسار نفسه الذي سلكته طائرة الرئيس.
كما أن المثير أيضا هو اصطحاب الرئيس لوزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في جولة على حدود البلاد لتدشين مشروع مائي، بينما لم يصطحب وزير الزراعة الإيراني مثلا، أو المسؤولين المعنيين بالأمور المتعلقة بمشاريع المياه.
الأسئلة ستظل مطروحة أتوقع حتى خروج تصريح رسمي إسرائيلي أو حتى تسريب يعلن مسؤلية تل أبيب عن الحادث، رغم الرواية الرسمية الإيرانية التي أراها غير مقنعة ولا تتماشى مع حجم الحدث.