بعد مشاركة "مفضل سيف الدين" في افتتاح مسجد السيدة زينب.. تعرف علي دور "البهرة" في ترميم المقامات في مصر
استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأمس السبت، السلطان مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، يرافقه شقيقه الأمير القائد جوهر عز الدين، وأنجاله الأمير جعفر الصادق عماد الدين، والأمير طه نجم الدين، والأمير حسين برهان الدين، وذلك بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، ومفضل محمد ممثل السلطان بالقاهرة، إشادة بالعلاقات التاريخية التي تربط مصر بالطائفة، وبالدور الذي يقوم به السلطان والطائفة في ترميم مساجد وأضرحة آل البيت والمساجد الأثرية بالقاهرة، وجاءت أعمال التطوير في مسجد السيدة زينب.
وسوف نرصد في السطور التالية تاريخ البهرة والعلاقات المصرية، كذلك المساجد التي عملت على تطويرها.
من هم البهرة؟
بعد خطط تطوير جامع السيدة زينب.. كيف سعت طائفة البهرة لتوطيد العلاقات المصرية؟
في سؤال يرد في الأذهان فور ذكر طائفة البهرة، من هم؟ وسط حالة من الاستنتاجات عن أصولهم الهندية، ويعتبر البهرة بالفعل من أقدم الفرق الإسلامية المنتمية للمذهب الشيعي، وتجدهم في الهند وباكستان، إلى جانب جماعات متفرقة منهم على مدى 40 دولة آخرى، وتنتمي طائفة البهرة للفاطميين حسب ما جاء عن بي بي سي.
العلاقة الوطيدة بين مصر والبهرة
بعد خطط تطوير جامع السيدة زينب.. كيف سعت طائفة البهرة لتوطيد العلاقات المصرية؟
جاءت أول دفعة للهجرة من طائقة البهرة لدخول مصر في ستينيات القرن الماضي، ووصل عددهم اليوم في مصر إلى 750 فرد من الطائفة كما يعمل أغلبهم في التجارة، يجتمعون أغلب الوقت في المساجد الفاطمية، ومن يحكمهم يطلق عليه «السلطان» ولا يمكن أن يتعين سلطان جديد أو يتولى الحكم إلا بأمر من السلطان القديم وموافقته على ذلك.
لذا نجد أن نشاط البهرة يندرج فقط في تطوير ما يخص الفاطميين من مساجد وقبور والمقامات من آل البيت في مصر، إلى جانب تطوير المساجد التاريخية.
السلطان مفضل هو الابن الثاني للدكتور محمد برهان الدين، ولد في مدينة سوارت الهندية عام 1946، ينتمي السلطان مفضل إلى التواريث واعتنق الإسلام منذ ظهوره في القارة الهندية، وتولى تعليمه وتربيته الراحل الدكتور محمد برهان الدين، له من الأبناء خمسة، ينقسمون ثلاثة من الذكور أكبرهم الأمير جعفر الصادق يليه الأمير طه ثم الأمير حسين، وابنتيه، حصل على الدكتوراة من جامعة كراتشي الباكستانية في الآداب عام 2015، ومنحته الهند جائزة السلام في نفس العام، لحرصه على الحريات الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية وكذلك جهوده في عمليات توزيع الغذاء، كما سعى لتعزيز دور المرأة الاجتماعي والاقتصادي.
جامع الأقمر آخر المساجد التي طورها البهرة
يقع الجامع بشارع المعز لدين الله، وأنشأه الخليفه الفاطمي الآمر بأحكام الله سنة 519هـ/ 1125م، وقد تولى أمر البناء الوزير المأمون البطائحي، وتم تجديده في عهد السلطان برقوق عام 799هـ/ 1397م على يد الأمير يلبغا السالمي، حسب ما ذكرته وزارة الآثار المصرية.
تعد الواجهة الرئيسية للجامع واحدة من أقدم الواجهات الحجرية الباقية بمصر، وقد اهتم المعمار ببنائها وزخرفتها بدخلات من عقود مشعة وعبارات شيعية أهمها تكرار كلمتي «محمد وعلي»، بالإضافة إلى كتابات بالخط الكوفي عبارة عن آيات قرآنية. وظهرت براعة المهندس في تنسيق الواجهات لتتفق مع اتجاه الطريق، وكذلك مراعاة اتجاه القبله من الداخل.
وعند بناء المتحف القبطي في القرن العشرين تم تصميم واجهته على نسق واجهة الجامع مع وضع العبارات المسيحية والصلبان بدلًا من العبارات الإسلامية، يتكون الجامع من صحن (فناء) أوسط مكشوف يحيط به أربعة أروقة مغطاه بقباب ضحلة (قليلة العمق) أكبرها رواق القبلة، ويتوسط جدار القبلة محراب يعلوه لوحه تسجل التجديدات التي أجراها الأمير يلبغا السالمي.
جامع الحاكم بآمر الله
يعتبر جامع الحاكم بأمر الله رابع أقدم المساجد الجامعة الباقية بمصر، وثاني أكبر جوامع القاهرة إتساعًا بعد جامع أحمد ابن طولون. أمر بإنشائه الخليفة العزيز بالله الفاطمي في سنة 380هـ /990م وتوفي قبل إتمامه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ/ 1013، يقع الجامع حاليًّا بنهاية شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية بجوار باب الفتوح.
حيث كان المسجد وقت تشييده خارج أسوار القاهرة القديمة التي شيدها جوهر الصقلي، ثم أصبح داخل حدود المدينة بعد أن قام بدر الجمالي (480هـ/ 1087م) بتوسعة المدينة وتشييد الأسوار الحالية.
ويمثل المدخل الرئيسي البارز بالواجهة الغربية أقدم أمثلة المداخل البارزة بمصر حيث أخذ الفاطميون فكرته من مسجد المهدية في تونس. وقام جامع الحاكم بنفس الدور الذي كان يقوم به جامع الأزهر في ذلك الوقت من حيث كونه مركزًا لتدريس المذهب الشيعي، حسب ما جاء عن وزارة الآثار المصرية، أما عن تخطيط الجامع فهو مستطيل الشكل، ويتكون من صحن أوسط مكشوف تحيطه أربع أروقة ويعلو واجهته مئذنتين، وقد تعرض الجامع للعديد من عمليات الترميم على مر السنين.
للمسجد تاريخ مثير للإهتمام حيث إتخذته الحملة الفرنسية مقرًا لجنودها واستخدمت مئذنتيه كأبراج للمراقبة. وقد استخدم رواق قبلته كأول متحف إسلامي بالقاهرة أطلق عليه دار الآثار العربية.
بني المسجد في عهد الفاطميين سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، ويضم المسجد 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر، في سنة 1171م أنشأ صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح عرفت باسم المشهد، وهي المدرسة التي هُدمت فيما بعد، وبني في مكانها الجامع الحالي.
في أواخر العصر الأيوبي وفي سنة 1235م شرع الشيخ أبوالقاسم بن يحيى بن ناصر السّكري المشهور باسم الزرزور في بناء مئذنة فوق باب المشهد المعروف حاليًّا باسم الباب الأخضر، وتوفي أبوالقاسم بن يحيى قبل أن يتم بناء المئذنة، فأتمها ابنه سنة 1236م، وهي مئذنة حافلة بالزخارف، وتبقى من هذه المئذنة قاعدتها المربعة وعليها لوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمنان تاريخ بناء المئذنة واسم المنشئ.
في سنة 1862 أمر الخديوِ إسماعيل بتجديد المشهد وتوسيعه وبناء الجامع الحالي، وتم بناء الجامع سنة 1873، وبناء مئذنته الحالية على طراز المآذن العثمانية سنة 1878م، وأورد على مبارك وصفًا كاملًا لجامع الحسين، وقال إن الخديوِ اسماعيل أمر بتجديده وتوسعته وتوسعة رحابه وطرقه.
في سنة 1893 أمر الخديوِي عباس حلمي الثاني ببناء غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد، خُصِّصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة التي تشمل قطعة من قميص النبي محمد ومكحلة ومرودين وقطعة من عصاه وشعرتين من اللحية الشريفة، بالإضافة إلى مصحفين شريفين نُسِب أحدهما إلى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ونسب الثاني إلى الخليفة الراشد الرابع على بن أبي طالب، ولفت إلى أن أول ما عُرف عن الآثار النبوية بمصر أنها كانت ملك بنى إبراهيم في مدينة ينبع بالحجاز، ثم اشتراها الوزير الصاحب تاج الدين محمد بن حنا خضر الدين، ونقلها إلى مصر، وبنى لها مسجدًا عُرف باسم «رباط الآثار» في حي أثر النبي في مصر القديمة حاليًّا، وذلك في أوائل القرن 14م.
مسجد الجيوشي
بعد خطط تطوير جامع السيدة زينب.. كيف سعت طائفة البهرة لتوطيد العلاقات المصرية؟
يطل على القاهرة من أعلى قمة جبل المقطم، ويعد أول المساجد التي شيدت بالحجر في القاهرة، ﻭتعود ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻟﻤﺌﺫﻨﺘﻪ ﺍﻟﺘى ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺃﻗﺩﻡ ﺍﻟﻤﺂﺫﻥ ﺍﻟﻔﺎﻁﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺒﻤﺼﺭ، ويحمل رقم 304 في عداد الأثار الإسلامية، نتحدث هنا عن مسجد زاوية الجيوشى.
بنى مسجد زاوية الجيوشى الوزير الفاطمى، بدر الجمالى وزير الخليفة المستنصر سنة «478هـ ــ 1085م» على حافة جبل المقطم خلف القلعة، يحتوى على زخارف معمارية متميزة، وسمى بهذا الاسم نسبة لأمير الجيوش بدر الجمالى هو أبوالنجم بدر الجمالى، الذي كان مملوكًا أرمنى الأصل اشتراه جمال الدولة بن عماد ولذلك عرف بالجمالى، ترقى في الخدمة حتى تولى إمارة دمشق سنة «455 هـ ـ 1062م»، خلال عهد المستنصر
وتقول موسوعة «مساجد وزارة الأوقاف» عن المسجد الذي يبلغ مساحته 270 مترًا، وشيد على مستطيل بطول 18 مترا وعرض 15مترًا، يعتبر تخطيط هذا المسجد على غير المألوف في مساجد القاهرة إذ يتطرق الإنسان من الباب الواقع في منتصف الوجهة الغربية إلى دركاة على يمينها سلم يؤدى إلى المئذنة وعلى يسارها غرفة مسقوفة بقبو مصلب ومن هذه الدركاة يصل الإنسان إلى صحن مكشوف على يمينه ويساره حجرتان مستطيلتان ويتصدره عقد كبير يرتكز على زوجين من الأعمدة الرخامية وعلى جانبيه عقدان صغيران وتؤدى هذه العقود إلى إيوان القبلة الذي يشمل على رواق أمامى مسقوف بثلاثة قبوات مصلبة به ثلاث فتحات معقودة، تؤدى الفتحة الوسطى منها إلى حيز مربع أمام المحراب تغطيه قبة محمولة رقبتها المثمنة بواسطة طاقية واحدة في كل ركن من أركان المربع، ويحلى هذا المربع من أعلى طراز من الكتابة الكوفية المزخرفة، كما يحلى قمة القبة إطار دائرى مكتوب فيه بالخط الكوفى آيات قرآنية، كما يعتبر محراب هذا المسجد من أجمل المحاريب الجصية وأحسنها صناعة والتى تشبه زخارف الجامع الأزهر.
أما عن مئذنته أشارت الموسوعة إلى أن مئذنة مسجد زاوية الجيوشى لها أهمية خاصة في تطور مآذن المساجد في القاهرة، وقد بنيت على نمطها مئذنة قبة أبوالغضنفر الكائنة بالدراسة شرق القاهرة، ومئذنة المسجد تقوم في منتصف الضلع الشمالى، ويبلغ ارتفاعها 20مترًا وتتكون من قاعدة مربعة تنتهى بمقرنص يعلوه مربع آخر ثم مثمن يحمل قمة المئذنة وهى على شكل قبة صغيرة مضلعة، وتاريخ الزاوية منقوش على لوحة من الرخام تعلو عتب المدخل الرئيسى وتتكون الكتابة من خمس سطور من الخط، جاء فيها أنشأ هذه الزاوية مولى أمير المؤمنين الإمام المستنصر بالله أمير الجيوش في المحرم من سنة 478.
ضريح السيدة نفيسة
يقع المسجد بمنطقة السيدة نفيسة بالقرب من منطقة مصر القديمة وهو من أعرق المساجد بمحافظة القاهرة لاحتوائه على مقام السيدة «نفيسة بنت الحسن» وهى من أهل بيت رسول الله، هو أحد أشهر مساجد «آل البيت» النبوي، التي ازدانت بهم أرض مصر، ويعد أول مسجد في طريق يعرف بطريق أهل البيت، وهو طريق يضم عدة محطات مشرفة منها، مشهد الإمام على زين العابدين، ومشهد السيدة زينب بنت الإمام على، ومسجد السيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة رقية بنت الإمام على بن أبى طالب، وسيدي محمد بن جعفر الصادق، والسيدة عاتكة عمة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
وجاء في خطط المقريزي، أن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة، هو عبيد الله بن السري وإلى مصر، من قبل الدولة العباسية، ثم أعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية، وأضيفت له قبة، ودون تاريخ العمارة على لوح من الرخام، وضعت على باب الضريح، تبين اسم الخليفة الفاطمى المستنصر بالله وألقابه.
وأعيد تجديد هذه القبة في عهد الخليفة الفاطمى الحافظ لدين الله، بعد أن حدثت فيها بعض التصدعات والشروخ، كما تم كساء المحراب بالرخام سنة 532هـ (1138 م)، إلى أن أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون أن يتولى نظارة المشهد النفيسي الخلفاء العباسيون.
مسجد السيدة زينب
قدمت السيدة زينب حفيدة رسول الله برغبة منها إلى مصر، واستقبلها أهل مصر استقبالا رائعا. ووهبها والي مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر، أقامت فيها وجعلتها مكانا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، وأوصت قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد، فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب.
واليوم، يعتبر مسجد السيدة زينب من أهم المساجد في مصر، فهو من أهم المزارات الإسلامية في مصر إلى جانب مسجد سيدنا الحسين بن على- رضي الله عنهما- والمسجد الأزهر الشريف.