آخرها فرنسا.. كيف حاربت أوروبا الإخوان؟
يواجه تنظيم الإخوان الضغوطات المتنامية داخل أوروبا، حيث تستمر القيود والضوابط على نشاطه، وتُبذل جهود لجفاف مصادر تمويله.
وهذه الضغوط بدأت منذ سنوات في النمسا، ثم امتدت إلى فرنسا، ووصلت أخيرًا إلى بريطانيا، التي يعتبرها التنظيم معقله الرئيسي.
فرنسا
تأتي تصريحات وزير الداخلية الفرنسي حول التحقيق الموسع في نشاط الإخوان المسلمين في فرنسا في سياق يعكس التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
وقد استقبلت هذه الخطوة تحليلًا واسع النطاق من قبل الباحثة والكاتبة الفرنسية هيلين دي لوزون، التي ألقت الضوء على التطورات المتزايدة للإخوان في الأوساط الفرنسية.
وفي مقالها، أشارت دي لوزون إلى زيادة ملحوظة في عدد أعضاء التنظيم منذ عام 2019، حيث ارتفع من 50 ألفًا إلى 100 ألف عضو، مما يعكس توسع نطاق تأثيرهم وقوتهم السياسية المتزايدة.
وقد أكد خبير استخباراتي لصحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية على هذا النقطة، مما يبرز القلق المتزايد حيال تأثير الإخوان في المجتمع الفرنسي.
ومن جانبها، اتخذت الحكومة الفرنسية خطوة مهمة من خلال تعيين موظفين كبار في الخدمة المدنية لإعداد تقرير شامل حول الإسلام السياسي ودور الإخوان فيه، وهو تقرير من المقرر تقديمه في الخريف.
كما أشرفت هذه المهمة على مستوى دبلوماسي ذو خبرة في الشؤون العربية، مما يعكس جدية الحكومة في التعامل مع هذه القضية.
وتُظهر دي لوزون أن هذه الخطوة ليست مفاجئة تمامًا، حيث تشير إلى الأدلة المتزايدة على تغلغل تنظيم الإخوان في مختلف جوانب الحياة الفرنسية.
ومن بين هذه الأدلة، ارتفاع عدد النساء المسلمات المحجبات خلال العقد الماضي، وتزايد الطلب على الملابس الدينية مثل العباءات، بالإضافة إلى ظهور مطالب دينية في مختلف المجالات، بما في ذلك العمل وحمامات السباحة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير دي لوزون إلى نمو ما يُعرف بـ "التجارة الحلال" في فرنسا، وهو ما يعكس التأثير المتزايد للقيم والمبادئ الإسلامية في الاقتصاد والمجتمع الفرنسي.
وبهذا، فإن التحقيق الذي أعلن عنه وزير الداخلية يأتي في سياق يُظهر القلق المتزايد حيال تأثير الإخوان والتحديات التي تواجهها الحكومة الفرنسية في التعامل مع هذه القضية المعقدة.
وفي ختام مقالها، تطرقت دي لوزون إلى الإجراءات التي يجب اتخاذها لمواجهة تنظيم الإخوان، مشيرة إلى أن حل الجماعة يبدو أمرًا مستحيلًا نظرًا لعدم وجود وجودها رسميًا.
ومع ذلك، فإن تأثير الإخوان لا يزال يُظهر وجوده عبر هياكل ومنظمات مثل جمعية مسلمي فرنسا، التي أنكر رئيسها الاعتبارات المتعلقة بالإخوان، لكنه اعترف بانتماءها الفكري.
كما تشير دي لوزون إلى أمثلة سابقة على ارتباط الهياكل الإخوانية بجمعيات مثل صندوق الوقف، الذي أقر بانتمائه للجماعة قبل حذف هذا الاعتراف، مما يظهر استخدامهم للتقية بشكل ماهر.
وتؤكد دي لوزون على أن الحكومة الفرنسية لديها الوسائل اللازمة لحل بعض هذه المنظمات، ولكن ينقصها الإرادة لاتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الاتجاه.
النمسا
بالإشارة إلى تجربة النمسا، فقد ألمح وزير الداخلية الفرنسي إلى الاستفادة من سياسة النمسا تجاه الإخوان، حيث تم إدراج التنظيم في القائمة السوداء باعتباره "مجموعة متطرفة مرتبطة بالجريمة ذات الدوافع الدينية".
ومنذ عام 2021، تم منع ارتداء أو توزيع أي رموز إخوانية في النمسا، وهي خطوة لم تتخذها أي دولة أوروبية أخرى.
وفيما يتعلق بالتقرير المزمع إعداده، فقد أوضح وزير الداخلية أنه لا يعتبره مفيدًا بشكل كبير، ولكنه ضروري لإقناع الرأي العام وصناع القرار بأهمية التحرك ضد التنظيم.
كما يشير إلى أنه لا يحتاج الرأي العام إلى هذا التقرير لفهم أهمية مواجهة التنظيم، لكنه يعتبره ضروريًا لإقناع الفرنسيين بالحاجة إلى اتخاذ أي إجراءات ضد الإخوان.
لندن
تم تصنيف جماعة الإخوان في لندن كمنظمة متطرفة بناءً على المعايير الجديدة التي وضعتها الحكومة لتحديد الأنشطة المتطرفة.
ووفقًا لهذا التعريف الجديد، يُعرف التطرف بأنه الترويج أو الدعوة لأيديولوجية تعتمد على العنف أو الكراهية أو التعصب، بهدف إفشال القيم الأساسية للحقوق والحريات، أو زعزعة النظام الديمقراطي الليبرالي في بريطانيا، أو إيجاد بيئة تسهل تحقيق تلك الأهداف.
ويأتي هذا التصنيف كجزء من جهود الحكومة الرامية إلى مكافحة التطرف وحماية المجتمع من الأفكار والأنشطة التي تهدد الأمن والاستقرار.