سمير فرج: مبارك رفض عرض من سفير أمريكا بسحب القضية من المحكمة الدولية مقابل تحويل طابا إلى منطقة مشتركة مع إسرائيل
مصر تحتفل دائمًا بذكرى أعظم الانتصارات التي حققها شعبها وجيشها في العصر الحديث. بدأت هذه الانتصارات عندما رفض الشعب المصري هزيمة يونيو 67 واستمرت مع استعادة أرض سيناء خلال حرب العزة والشرف في أكتوبر 73، وانتهت بتوقيع معاهدة السلام في كامب ديفيد واستعادة سيناء بالكامل، بما في ذلك مدينة طابا، من خلال التحكيم الدولي في 15 مارس 1989، بعد فترة احتلال دامت 15 عامًا.
وتساءل اللواء الدكتور سمير فزج المفكر الاستراتيجي حول تداعيات عدم شن قوات مصر حرب عام 1973، وأشار إلى النتائج المحتملة لهذا السيناريو، لو لم تقم مصر بتلك الخطوة الجريئة، لكانت سيناء ما زالت تحت سيطرة إسرائيل، على غرار الجولان السوري والضفة الغربية التي أصبحت جزءًا من إسرائيل في الوقت الحاضر وفي هذا السياق، لم يكن ليتم فتح قناة السويس التي تمثل ثلث دخل البلاد، ولم تعود مدن شرم الشيخ، وطابا، ودهب إلى السيطرة المصرية، مما أتاح لإسرائيل استغلال موارد تلك المناطق بشكل كامل والاستفادة من عوائدها المالية وبالإضافة إلى ذلك، بقيت بحيرة البردويل تحت سيطرة إسرائيل دون أن تحقق مصر أي مكاسب منها، فضلًا عن استمرار استغلال حقول البترول في سيناء من قبل العدو الإسرائيلي، وهو الوضع الذي استمر طوال فترة الاحتلال التي بدأت عام 1967 وحتى الوقت الحاضر.
اللواء الدكتور "سمير فرج" أشار إلى أن النتائج المحتملة لعدم شن مصر حرب عام 1973 لم تقتصر على ما تم ذكره سابقًا، بل تضاف إليها تصاعد نشاط إسرائيل في بناء المستوطنات والمدن في شمال وجنوب سيناء، على غرار ما فعلته في الجولان والضفة الغربية، مع نقل آلاف المستوطنين لترسيخ وجودها. كما أشار إلى استغلال إسرائيل لموارد سيناء مثل مناجم الفحم والفوسفات والرخام، وتصدير إنتاجها، وذلك بالإضافة إلى تقديم مصر لمدن سيناء السياحية لصالحها.
وأكمل المفكر الاستراتيجي قائلا " بمعنى الآخر، لو لم تحدث الانتصارات في الحرب، كان الاقتصاد المصري سيظل اقتصادًا حربيًا، حيث كانت كل الموارد توجه للمجهود الحربي وتجهيز القوات المسلحة، بدلًا من التركيز على التنمية الاقتصادية. وبعد الانتصارات، تم إعادة بناء الدولة وتنميتها من جديد، وتحقيق فائض نمو اقتصادي تم توجيهه لإعادة بناء البنية التحتية وتطوير الخدمات للمواطنين، مثل بناء مترو الأنفاق، وتطوير المطارات، وتحسين الخدمات العامة مثل المواصلات والتعليم والصحة، لتلبية احتياجات المجتمع المصري ".
وقال اللواء الدكتور سمير فرج إن استرداد طابا في عام 1989 كان لشعب مصر وقواته المسلحة إكمالًا لمعركة الكرامة، حيث أظهرا عزيمتهما على عدم التنازل عن أي جزء من أرضهما. لو لم تسترد مصر سيناء بأكملها، لكانت سمعتها وسمعة جيشها تحت المحك فقد رسخت حرب أكتوبر قيم الوطنية والاستبسال والفداء في الشعب المصري والقوات المسلحة، وأظهرت قدرتها على استعادة كرامتها وسمعتها، وليس فقط بين المصريين، بل بين الأمة العربية والعالم أجمع.
قبل صدور الحكم في قضية طابا، روى المفكر الاستراتيجي قصة رواها الدكتور مفيد فوزي شهاب حيث طلب الرئيس مبارك اجتماعًا فوريًا مع مجلس الأمن القومي، واستدعى مفيد شهاب للمشاركة في الاجتماع وأخبر شهاب الحضور بأن السفير الأمريكي أبلغه بأن الحكم سيصدر لصالح إسرائيل، وقدم عرضًا لسحب مصر القضية من المحكمة الدولية مقابل تحويل طابا إلى منطقة مشتركة بين مصر وإسرائيل وبعد الاجتماع، همس الدكتور أسامة الباز في أذن مفيد شهاب أن الرئيس يرغب بلقائه ودخل شهاب إلى الرئيس مبارك الذي كان يفرد خريطة كبيرة على الأرض، وبدأ بطرح كل تفاصيل القضية والمصطلحات القانونية التي تم ذكرها في الاجتماع، ليوضحها للرئيس الذي لم يفهمها.
وقال المفكر الاستراتيجي سمير فرج، خلال اجتماع مفيد شهاب بمبارك سأل الأخير عن نسبة نجاح مصر في المحكمة فأجاب شهاب أن المستندات والأوراق في صالح مضر وبالتالي الحكم سيكون في صالح مصر بنسبة ٩٠ ٪ فرفض مبارك عرض السفير الأمريكي ويوم صدور حكم المحكمة الدولية كان الرئيس مبارك على خط التليفون مباشرة مع أعضاء الوفد المصري، وفور صدور الحكم لصالح مصر راح الرئيس الأسبق مبارك يهنئ كل واحد من أعضاء الفريق شخصيا قائلا "ألف مبروك ألف مبروك لمصر".
وأضاف اللواء الدكتور سمير فرج "لو لم تشن مصر حرب أكتوبر وتستعيد سيناء، لكانت قد فقدت مركزها كقوة إقليمية وعالمية، مما أثر بشكل كبير على مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية واستعادة سيناء كانت لحظة تاريخية تعززت فيها كرامة مصر وتميزت بإصرار شعبها وجيشها على استعادة هذه الأرض الغالية".