هل تحتاج مصر لمزيد من التسليح؟.. خبراء عسكريون: يجب تطوير المنظومة باستمرار لرفع درجة الاستعداد القتالي
تتعاظم المخاطر، وتكَثر التحدّيات، في ظل محيط إقليمي مُشتعل بالأحداث على كافة الأصعدة الاستراتيجية، مما وضع مسؤولية كبيرة على عاتق القوات المسلحة المصرية، في القيام بواجبها المُقدّس لحماية حدود البلاد، وحماية مقدّراتها الاقتصادية في البحرين الأبيض والمتوسط، والحفاظ على أقصى درجات الاستعداد القتالي.
يأتي ذلك في ظل ما يشهده العالم من صراعات واضطرابات عالمية وإقليمية، مما فرض سؤال صعبًا على المؤسسة العسكرية في الآونة الأخيرة، وهو "هل تحتاج القوات المسلحة لشراء مزيدٍ من الأسلحة؟".
فتحت "الفجر" النقاش حول تسليح القوات المسلحة المصرية بأذرعها المختلفة، وذلك ضمن ملف أعدته بعنوان: "ماذا تريد مصر من الرئيس؟"، يفتح الملفات، ويرصد أهم المشكلات، التي يجب أن يعمل الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة عليها، خلال فترته الرئاسية الجديدة.
موجة عنيفة من الإرهاب
منذ عام 2011 وحتى 2018، شهدت مصر موجة عنيفة من الإرهاب، خصوصًا في الاتجاه الشمالي الشرقي، واستطاعت القوات المسلحة المصرية، تجفيف منابع الإرهاب، وذلك من خلال عمليات عسكرية مُركّزة في مناطق محدودة، مثل رفح والشيخ زويد والعريش، إلى جانب تنامي نشاط المُهرّبين وتُجّار الأسلحة النارية في الجانب الغربي لمصر، مع انهيار المنظومة العسكرية في ليبيا، وضعف السُلطات الليبية في السيطرة على حدودها الشرقية.
كانت رؤية القيادة السياسية بعد ثورة 30 يونيو بعيدة النظر، بشأن ضرورة تحديث منظومة تسليح القوات المسلحة بشكل كامل، حتى تستطيع المؤسسة العسكرية تنفيذ مهامها المطلوبة بأقصى درجات الكفاءة والدقة، وأن تصل إلى أبعد نقطة لحماية مُقدّراتها الاقتصادية والطبيعية، ودحر الإرهاب من جذوره.
لعل تلك الرؤية تكللت بسياسة حكيمة، كان عنوانها تنويع مصادر التسليح، لتصبح مصر أكبر دولة تمتلك أسلحة غربية وشرقية متنوعة، وتمتلك كمًا وكيفًا متنوعًا من دول العالم المُتقدّم في مجال التصنيع المشترك، إلى جانب التوسّع في مجال الصناعة العسكرية، بما يفرضه الواقع العالمي والإقليمي الحالي، وهو م مكّنها خلال سنوات قليلة، أن تكون قِبلة للعالم أجمع في معرض السلاح والصناعات الدفاعية "إيديكس" النسخة الأولي والثانية، وأن تكون محط أنظار الدول العربية والأفريقية كمصنع ومورد للسلاح، في كافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
وتمتلك مصر مجموعة متنوعة من المقاتلات، والمروحيات، وطائرات النقل العسكري، وقامت القوات المسلحة المصرية بعد عام 2013، بتحديث شامل للقوات الجوية، وضمّت مقاتلات جديدة للأسطول الحربي الجوي، أبرزها مقاتلات ميغ29 الروسية، ومقاتلات رافال الفرنسية، بالإضافة إلى مروحيات كا-52 الروسية الهجومية وتسليح هذه المقاتلات بأنظمة تسليح جديدة، سواءً روسيا أو غيرها.
اللواء سمير فرج: يجب أن تطوّر القوات المسلحة منظومتها باستمرار لمواجهة التحدّيات
يقول اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي، إن القيادة السياسية والعسكرية كانا بعيدا النظر، فيما يخص تطوير القوات المسلحة المصرية، فموجة الإضرابات التي أصابت دولة اليمن، وهددت الاستقرار في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، لم تكن ستمر مرور الكرام، لولا أن القوات المسلحة قامت بتطوير قواتها البحرية، والتي أصبح لها أسطولًا بحريًا، هو الأول في الشمال بالبحر الأبيض المتوسط، والثاني في الجنوب في البحر الأحمر، وأصبح لدى مصر حاملتان طائرات مروحية، قادرتان على الوصول لأبعد النقاط، لتأمين الحدود البحرية.
وأضاف في تصريح لـ "الفجر"، أن اكتشاف حقل ظهر، كان يحتّم على مصر امتلاك قطع بحرية فريدة تستطيع تأمينه، وتؤمّن الغاز الطبيعي الموقع، لتحمي مُقدّرات مصر الاقتصادية في البحر المتوسط، وكذلك القوات الجوية، التي استطاعت ضرب معاقل الإرهاب في سيناء وبقوة.
وأكد "فرج" ضرورة أن تكون القوات المسلحة في أعلى درجات الجاهزية والاستعداد، وأن تطوّر من منظومتها التسليحية باستمرار؛ لتجابه التحدّيات والمخاطر التي تُحيط بمصر، خصوصًا في ظل تزايد الإضرابات في كافة الاتجاهات الاستراتيجية لها.
وفي سياق متصل كان مؤشّر "جلوبال فاير باور" لأقوى جيوش العالم، قد أشار إلى تصدّر بعض الدور العربية لمراكز مُتقدّمة بالقائمة النهائية التي ضمّت 145 دولة؛ حيث تصدّر الجيش المصري قائمة تلك الدول العربية.
ولفت المؤشّر إلى أن مصر من أكبر 15 قوة عسكرية عالمية، فيما حافظت السعودية على مركزها الـ22 عالميًا، بينما جاءت ثانية على مستوى الجيوش العربية بعد مصر، وحلّت الجزائر في المركز الثالث عربيًا، بينما احتلّت المرتبة 26 عالميًا.
اللواء محمد الشهاوي: تصنيف الجيش المصري ارتفع بعد استراتيجية شاملة للتطوير
وقال اللواء أركان حرب محمد الشهاوي مستشار كلية القادة والأركان، إن تصنيف الجيش المصري ارتفع، بعد أن حرصت القيادة العامة للقوات المسلحة على تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث القوات البحرية، ودعم قدراتها على مواجهة التحدّيات والمخاطر الحالية في المنطقة، لتعزيز الأمن والاستقرار، وتجلّى ذلك من خلال تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الأسطول البحري المصري، لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق عمل القوات البحرية، ودعم قدرته على مواجهة التحدّيات والمخاطر الحالية التي تشهدها المنطقة.
وأضاف في تصريح لـ "الفجر"، أن القوات البحرية المصرية تضم ما يزيد عن 319 قطعة بحرية، تُعدّ الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتشمل مهامها حماية سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى الدفاع عن طريق قناة السويس.
وأكد "الشهاوي" أن الصفقات التي تم تسليح القوات البحرية بها خلال الـ10 سنوات الماضية، ساهمت بشكل مباشر في رفع القدرات القتالية للقوات البحرية، والقدرة على العمل في المياه العميقة، مما يساهم في دعم الأمن القومي المصري، في ظل التهديدات والعدائيات المُحيطة به حاليًا، لذلك تحتاج مصر إلى تطوير منظومتها التسليحية باستمرار؛ لتظل قواتها المسلحة قوية وقادرة.
وعلى مستوى التطوير الذي شهدته القوات المسلحة المصرية على مدار السنوات الماضية، دخل الخدمة 3 قواعد عسكرية جديدة، والتي تُعتبر الأحدث في المنطقة؛ ففي يوليو 2017، وبالتزامن مع احتفالات ثورة 23 يوليو 1952، دخلت قاعدة محمد نجيب العسكرية المصرية، الواقعة بمدينة الحمام في محافظة مطروح شمال غرب، الخدمة، كأكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وبعد نحو عامين ونصف من افتتاح قاعدة محمد نجيب، دخلت قاعدة "برنيس" العملاقة الخدمة في يناير 2020، وهي تلك القاعدة الواقعة في جنوب البحر الأحمر، ومهمّتها الأولى حماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية.
وأخيرًا قاعدة 3 يوليو البحرية، والتي تُعد الأكبر في المنطقة، بمساحة تقترب من 10 ملايين متر مربع، وتقع بالقرب من ميناء جرجوب التجاري ومحطة الضبعة النووية شمال غربي البلاد، وكذلك من الحدود مع ليبيا، وتشمل مهامها أكثر من 2000 كم على شواطئ البحرين الأبيض والأحمر، إضافة إلى تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس، وتتولّى مسؤولية تأمين الملاحة للبلاد غربًا وجنوبًا.
ومن حماية حدود البلاد لمكافحة الإرهاب، خاضت القوات المسلحة شوطًا كبيرًا في محاربة الإرهاب الأسود منذ عام 2013 وحتى 2018، من خلال عمليات نوعية في مناطق محدودة، مثل العريش ورفح والشيخ زويد في شمال سيناء، بدايةً من عمليات حق الشهيد الأولى والثانية، والعملية الشاملة في سيناء، والتي ساهمت بشكل كبير في القضاء على البؤر الإرهابية في مناطق الشمال الشرقي.
اللواء نصر سالم: الإرهاب لم ينبع من الداخل والقوات المسلحة خاضت شوطًا طويلًا
وقال اللواء نصر سالم مستشار الأكاديمية العسكرية للعلوم الاستراتيجية، إن الإرهاب في سيناء خلال الفترة من 2011 لما بعدها، لم ينبع من الداخل، بل كان الإرهاب يُصدّر لنا من الخارج، وقد اسطاعت مجموعات كبيرة من العناصر الإرهابية الدخول لمصر وقت ثورة الـ25 من يناير، ولكن القوات المسلحة المصرية، خاضت شوطًا كبيرًا في تنفيذ عمليات عسكرية ونوعية في المناطق المحدودة بشمال سيناء، واقتلعت جذور هذا الإرهاب.
وأضاف في تصريح لـ "الفجر"، أن الدولة المصرية والقوات المسلحة نفّذت مشروعات تنموية في سيناء، بل ما تم في سيناء من تطوير وعمل تنموي ومشروعات ضخمة، في الاستزراع السمكي، والطرق، والمدن الجديدة، لم يحدث منذ 50 عامًا، وبالتالي يصعب على الإرهاب دائمًا العودة في المناطق التي يتم تعميرها، وخلق وظائف ومجتمعات عمرانية وتنموية بها، وهو ما سعت القوات المسلحة لتحقيقة، بالتزامن مع مكافحة هذا الإرهاب.