بين تخوُّفات وتكهُّنَات
بعد استعدادات لاعتقال نتياهو ووزير دفاعه ورئيس أركانه.. الموقف في تل أبيب
بعدما أفادت القناة 12 الإسرائيلية، بأن الحكومة والجيش يستعدان لقرار إصدار مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي، صارت تقديرات وآراء كثيرة تختلف حول هذه المعلومة، واصبحت عدد من التنبُّؤات والتكهنات السياسية تطفو على المشهد.
تتابع بوابة الفجر الإلكترونية كل جديد حول ما يدور عن شأن الصراع العربي الإسرائيلي، لا سيَّما مُستجدات الاحداث داخل تل أبيب؛ من أجل متابع كل خطوات جيش العدو وحكومة كيانه.
منذ السابع من أكتوبر الماضي، ومهزلة على مراى ومسمع من العالم تجور في غزَّة وأرضٍ فلسطينية، حالة من الانتهاكات لا تُرضي أحد، فقط تُرضي سياسة غربية رعناء كانت تسعى لإخفاء وجهها بالتواءات ومداراة لا فائدة منها، حتَّى جاءت الفُرصة فكشَّرت كبار الدول الغربية عن أنيابها، وكانت الولايات المتحدة زعيمة الموقف، وكان الفتى المدلل كيانًا صهيونيًا غصبًا للأرض، والموت من نصيب أبناء غزَّة الفلسطينية.
في ظلِّ المشهد الذي سعت فيه كلُّ الوساطات العربية والعربية الأمريكية لأن توقف نزيف الدَّم، كان الصهاينة يقتلون ويدمرون بلا مبالاة، متحدِّين الجميع. لكَّ بعد مرور ما يقارب 7 أشهر من قتتل وتخريب وانتهاك، داخل قطاع غزَّة، كان لابدّ وأن تحدث تغييرات على المشهد الدامي، إن لم يكن قد حدث، كالقضية التي قدمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية وتحدِّي إسرائيل القرار، بمنع الإبادة الجماعية بإخفاقها بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، وكذلك تظاهرات تل أبيب التي تكررت بعد انخفاض مستوى الأمن والاقتصاد داخل دولة الكيان.
تقديرات المشهد من الصحافة الإسرائيلية
تشير تقديرات إلى أن المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، من المُرجَّح أن يصدر أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي، وفق ما أفادت به صحيفة “إسرائيل اليوم”.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن تداعيات أوامر الاعتقال التي قد تصدر في مايو المقبل، والتي من شأنها أن تضع إسرائيل في موقف حرج بشكل رسمي، بما أنَّه سينُظر لإسرائيل كلها بأنها مجرمة حرب.
وكتب المحلل بن كاسبيت في موقع في موقع "والا" العبري أن نتنياهو "تحت ضغط غير عادي"، ما قاده نحو "حملة مستمرة عبر الهاتف" – حدّ وصفه - لمنع إصدار مذكرة اعتقال، ويركز هنا بالأخص على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الحليف الوثيق لتل أبيب.
موقف استباقي
لكنَّ القناة الإسرائيلية التي أذاعت نبأ استعداد قرار إصدار مذكرة الاعتقال بق الثلاثة المذكورين، ذاتها خرج مراسل شؤونها السياسية، ينفي هذا التكهُّن، مفسِّرًا ذلك أنَّه ببساطة، يستحيل أن يتخذ المدعي العام مثل هذه الخطوة التي وصفها بـ”الدراماتيكية” دون “الضوء الأخضر” من الأميركيين. إلَّا أنَّ انعكاس التأزم المتواصل بالعلاقات بين تل أبيب وواشنطن في هذا الوقت الحساس للغاية، لا سيَّما عملية التوغل البري في رفح، يلوح في أفق المشهد وربَّما يثير تخوُّفات، تتفق مع فكرة مفادها انَّ عملية التوغل البري هذه ليس مُستبعد أن تؤثِّر على الساحة القانونية الدولية ضد إسرائيل، وخاصة في لاهاي، وهو ما قد يدفع المحكمة لإصدار أمر بوقف إطلاق النار في غزة.
لكن حسب حسب القناة 13 الإسرائيلية، شرعت تل أبيب في عدة إجراءات ضد هذه الخطوة، حيث من المتوقع أن يناقش نتنياهو هذه القضية مع رؤساء دول هولندا والتشيك والنمسا، كما سيجري وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، وسفير تل أبيب لدى واشنطن مايك هرتسوغ، محادثات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بغية الضغط على أميركا لاستخدام حق النقض “الفيتو” سعيا لمنع صدور أوامر الاعتقال.
إذًا ليس هناك تأثير ؟
بالطبع لا، فالحظ ليس حليفًا لإسرائيل على كل الأصعدة؛ لأنه ستكون هناك تأثيرات عدة تختلف قوتها من ناحية أو أخرى ربَّما تلقي بظلالها على المشهد ليزداد سوًْا، فبحسب تقديرات دولية وسياسية، فإن أوامر الاعتقال سيكون لها تأثيرًا مباشرًا في اقتصاد الكيان الصهيوني، والتجارة، والطيران والسياحة وعلى المجالات كافة، وعلى صورة إسرائيل في العالم، كما أن التقديرات لا تستبعد أن تدفع مثل هذه الأوامر دولا عدة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وعزلها للضغط عليها لوقف الحرب.
ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن مسالة صدور أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق قيادات سياسية وعسكرية إسرائيل، ينظر إليه في تل أبيب على أنه قضية في غاية الجدية، ويربك الساحة الإسرائيلية الداخلية.
وأشار شلحت في إدلاءات إعلامية، أنَّ المشاورات الإسرائيلية المكثفة لقيادة الجيش ومجلس الحرب ومجلس الأمن القومي وديوان رئيس الوزراء تؤكد أن المسألة جدية، وأن تل أبيب تنظر إلى قرارات الجنائية الدولية بعين من الريبة، حيث سيكون لقرارات المحكمة وأوامر الاعتقال بحال صدرت عنها، تداعيات في إسرائيل على جميع المستويات والأصعدة.
وعلى المستوى كسب التأيد الطلابي والشبابي داخل المجتمع الأمريكي، فكتبت إفرات رايتن، وهي كاتبة إسرائيلية في صحيفة هارتس: "خسرنا الجامعات داخل الولايات المتحدة، بعد التحولات التي حدثت في إطار صراع اجتماعي سياسي استمر لسنوات عديدة في المجتمع الأميركي، وهو صراع متجذر إلى حد كبير في المفاهيم والثقافة التقدمية التي اجتاحت الشباب، لا سيَّما بعد اعتقالات طالت طلَّاب جامعيين وأعضائ هيئة تدريس هناك".