باحث بالشأن الدولي: الدول الغربية تتحالف للسيطرة على موارد النفط في ليبيا

عربي ودولي

علم ليبيا - أرشيفية
علم ليبيا - أرشيفية

قال الباحث في الشئون الدولية، محمد صادق، إنه على الرغم من احتواء تأثير الاضطرابات الأخيرة التي شهدها قطاع النفط الليبي على وقع التحديات الأمنية والاجتماعية في الداخل الليبي، إلّا أن هذا القطاع لا زال يواجه مجموعة من التحديات المفصلية التي تهدد بعرقلة تحقيق الأهداف الطموحة التي وضعتها المؤسسات المعنية بهذا القطاع في البلاد من رفع معدلات الإنتاج وغيرها.

وأضاف صادق، خلال تصريحات تلفزيونية، أن قطاع النفط يقع وسط خلافات المؤسسة الوطنية للنفط بقيادة فرحات بن قدارة ووزارة النفط في حكومة الوحدة الوطنية من جهة، وأطماع الدول الغربية المنخرطة في الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشهدها ليبيا من جهة أخرى، والذي بدوره انعكس على إدارة هذا القطاع وعقد الاتفاقيات الخاصة به، وعمليات بيعه.

وتابع صادق، أنه كان آخر  تلك الخلافات هو قرار إبعاد وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» محمد عون عن منصبه، من قبل رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد درميش، إن الخلافات بين المؤسسة الوطنية للنفط ووزارة النفط يرجع إلى عدم وجود قرار من مجلس الوزراء بتحديد اختصاصات كل منهما، وتجاوز المؤسسة الليبية للنفط للوزارة بكثير من الإجراءات والمشاورات، وابرام العقود والاتفاقيات مع بعض الأطراف الخارجية حتى دون التشاور مع الوزارة، وهو ما أثار اعتراض وزير النفط على نشاط المؤسسة، مما دفع بالدبيبة لإقالته، وهو ما يشير إلى الغطاء السياسي الذي يوفره الدبيبة لقدارة وكل أنشطة المؤسسة.

وأضاف درميش، إنه من البديهي أن تستغل الدول الطامعة بنفط البلاد، كل الأساليب للوصول لتحقيق مصالحها والوصول إلى أهدافها سواءً على الصعيد العسكري أو الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي حتى، ومن المحتمل أن يكون بعض المسؤولين في قطاع النفط الليبي هم نفسهم لديهم علاقات مع دول غربية لتمرير مصالحهم وتحقيق أطماعهم بالنفط الليبي.


وتطرق إلى أن فرحات بن قدارة بصفته رئيس مجلس الإدارة، أبرم في شهر مارس للعام الماضي 2023، اتفاقية مع شركة الضغط الأمريكية Mercury Public Affairs  LLC والتي مقرها نيويورك. وبحسب المصدر فإن بن قدارة أراد من خلال هذا الاتفاق الترويج للمؤسسة الوطنية للنفط وجلب الاستثمارات الأمريكية لها، كمدخل لخصصتها لاحقًا، فبحسب بعض الخبراء تعتبر شركة Mercury Public Affairs واحدة من اللاعبين الرئيسيين في سوق الضغط في الولايات المتحدة، ولها علاقات وثيقة مع الكونجرس والحكومة الأمريكية، وخاصة بما يتعلق بقطاع الطاقة.


وأشار إلى أنه قد تمكنت بالفعل شركة ميركوري بابليك من تعزيز اتصالات بن قدارة ومؤسسته بشكل كبير بين المسؤولين في واشنطن، وكذلك بين ممثلي عمالقة النفط الكبار، بما في ذلك شركتي ExxonMobil и Chevron، حيث عقد عدّة اجتماعات، وعلى مدار العام الماضي مع مستشار الرئيس الأمريكي ومنسق شؤون الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي بريت ماكجورك، وكذلك نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الطاقة ديفيد تورك.


وأكد درميش أنه جرى خلال اللقاءات التشاورية الاتفاق على أن تقترح المؤسسة الوطنية للنفط القيام بعملية الخصخصة من خلال إحداث صندوق خاص مستقل، سيكون له صلاحية إدارة عملية الخصخصة، مما سيضمن "الموضوعية والشفافية" في عملية بيع أصول الشركة حسب تعبيرهم. وسيقوم الصندوق لاحقًا بإجراء تقييم مستقل لأصول المؤسسة الوطنية للنفط، وتحديد قيمتها السوقية وإمكاناتها للمستثمرين، ومن ثم وضع استراتيجية البيع. وكإحدى الطرق، يتم تقديم مزاد ستتمكن فيه الشركات الأجنبية المهتمة من تقديم مقترحاتها للحصول على حصة في المؤسسة الوطنية للنفط، وبعد الانتهاء من المزاد، سيقوم صندوق مستقل، بنقل أسهم المؤسسة الوطنية للنفط إلى المالكين الجدد والتأكد من الامتثال لشروط الصفقة.

ولفت درميش، إلى أن بعض وسائل الاعلام تداولت في وقت سابق تقارير حول محاولات شركة النفط الإيطالية "إيني" تعزيز دورها في ليبيا عبر توقيعها للعديد من الإتفاقيات طويلة الأجل مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس، في إطار برنامج تعاون حكومي يركز على الطاقة سُمي بـ "خطة ماتي" لإفريقيا، على اسم مؤسس "إيني" إنريكو ماتي، والذي يتضمن برنامج واسع من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة.
ويرى مراقبون أنه من المؤكد أن تثير الخصخصة شهوة الشركات الأوربية الناشطة بقطاع النفط، لسبب مهم هو أن النفط الليبي سيجعلها قادرة على تعويض النقص في موارد الطاقة في أسواق الدول الأوروبية جميعًا..  إذا تمت خصخصة شركات النفط الوطنية بالكامل، فقد يصل حجم إنتاج النفط في ليبيا إلى 3 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2030،  وسيتيح هذا الحجم تحقيق إيرادات بمليارات الدولارات للشركات النفطية".

كما رأى المراقبون، أن هذا الأمر من شأنه أن يسلب الليبيين حقوقهم المالية والاقتصادية بثروات وموارد بلدهم الطبيعية، ويوفر غطاء اقتصادي رسمي لسرقة موارد البلاد من قبل واشنطن وحلفاؤها".