«اختفاء 1260 قطعة أثرية وبراءة اسحق».. ننفرد بنشر جرد مخازن الأشمونين (مستندات)
تُتابع بوابة الفجر كشف العديد من الملفات المسكوت عنها في أروقة المجلس الأعلى للآثار وكان أحد أهم تلك الملفات هو ملف مخازن الأشمونين وما جرى مع أحد مفتشين الآثار هناك ويدعى اسحق يعقوب.
ننفرد بنشر جرد مخازن الأشمونين... تفاصيل اختفاء 1260 أثر وبراءة اسحق
وحصلت الفجر على العديد من المستندات التي تحكي قضية من قضايا الإهمال والفساد في المجلس الأعلى للآثار والتي توثق لفقدان عدد كبير من القطع الأثرية وصل إلى 1260 قطعة أثرية بخلاف 1349 قطعة أثرية مقلدة.
كيف كانت البداية
وتبدأ القضية مع صدور قرار بتولي مفتش الآثار إسحق يعقوب إدارة مخازن الأشمونين الأثرية، في حدود 2010/2011 وحسبما أفادت الأوراق والمستندات فقد قام يعقوب بعمله الرسمي، من المطالبة بعمل جرد واستلام للمتحف والذي كشف مخالفات جسيمة سجلها يعقوب في مذكرة من 13 صفحة كاملة، والتي فيها طالب يعقوب بتشكيل لجنة لجرد المخازن بعد الحالة السيئة التي آلت إليها.
المفتش المظلوم
وتعرّض يعقوب لحملة شرسة بل صدر قرار بأنه مختل نفسيًا وذلك دون العرض على القومسيون الطبي، وتم تحويله إلى النيابة بعدة تهم من الإساءة إلى مرؤوسية، وتم إبعاده عن المخازن عام 2019م، وكان كل ما ارتكبه يعقوب هو محاولة الحفاظ على تراث هذا البلد.
بدء أعمال الجرد
وبعد معاناة كبيرة صدر قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار السابق الدكتور مصطفى وزيري رقم 642 بتاريخ 31 يناير 2018م والقرار المُلحق به رقم 747 بتاريخ 5 فبراير 2018م، بشأن جرد ومُطابقة الأثار الموجودة في المخزن المتحفي القديم في منطقة الأشمونين وتسجيل الغير مُسجل منها وكذا بيان وجود قطع غير أثرية من عدمه بالتنسيق مع مكتب الرقابة الإدارية بالمنيا.
وقامت اللجنة بأعمالها وقدم مسئولي المخزن 21 سجلًا كما هو مُثبت بمحضر بدء الأعمال المُحرر بتاريخ 4 فبراير 2018م، وتبين للجنة الآتي:
- المخزن مُكتظ بالصناديق المُتناثرة بطريقة عشوائية وفي حالة سيئة من الحفظ وبعض القطع على الأرض والبعض في صناديق والبعض مُسجل والبعض غير مُسجل وجميع القطع الأثرية مشاع أي أنها ليست في عهدة أي من الأثرين.
فكانت أولى خطوات العمل تجنيب الأثار المُسجلة ومُطابقتها وتسليمها كعهد شخصية للأثريين وعزلها عن الأثار الغير المُسجلة لحين الانتهاء من تسجيلها وتسليمها هي الأخرى للأثريين وتمت الأعمال على النحو التالي:
أولًا: جرد وتصوير ومطابقة وتسليم الأثار المُسجلة بسجلات قيد الأثار بالمخزن المتحفي.
ثانيًا: جرد وتسجيل وتصوير وتسليم الأثار غير المُسلمة والتي تضمنت عدة إجراءات الأول هو جرد وحصر وتسجيل وتصوير وتسليم القطع الموجودة بالصالة الأمامية بالمخزن.
والثاني: جرد وحصر وتسجيل وتصوير وتسليم القطع الموجودة ناتج حفائرمناطق آثرية مُختلفة بالمنيا.
والثالث: جرد وحصر وتصوير أحجار التلاتات والعناصر المعمارية المودعة بقاعة الأحجار بالمخزن والغير مُسجلة وغير معلومة المصدر.
كما تضمنت جرد وحصر وتسجيل وتسليم قطع غير مُسجلة، ثم جرد وحصر وتسجيل وتصوير وتسليم قطع الدراسة.
وجرد وحصر وتسجيل وتصوير القطع المودعة بصالة الترميم بالمخزن الكبير.
وأخيرًا جرد وحصر وتسجيل وتصوير وتسليم أحراز القضايا المودعة بالمخزن والتي لم يصدر بشأنها أحكام نهائية وليس لدى إدارة المخزن محاضر إيداع بشأنها.
عدد القطع المفقودة
وبذلك يكون عدد القطع الغير مُسجلة والتي تم تسجيلها وتسليمها 36 ألف و155 قطعة و452 حرزًا وعليه يكون بذلك جميع محتويات المخزن البالغ عددها 72 ألف و449 قطعة قد تم جردها وحصرها ومطابقتها وتسليمها بكشوف حصر وتسليمها كعهد شخصية للأثريين الذين أصبحوا مسئولين عنها ومن بينهاالـ 452 حرزًا كما هو مُثبت بمحاضر الجرد اليومية.
وأثبتت اللجنة عدد من المخالفات والتي جاءت على النحو التالي:
- وجود سجلات قديمة عددها ١١ سجل قيد أثار قديم تم نسخها في سجلات جديدة بطريقة عشوائية وأغفل منها القطع المفقودة والقطع التي نُقلت إلى متاحف وتم النسخ دون موافقة السُلطة المُختصة مما يُعدُ مُخالفة صريحة للوائح والتعليمات وهذه السجلات ليست لها أثار مُحددة بالمخزن ولم تكن عهدة شخصية لمُفتش بعينه وعليه قامت اللجنة بالإطلاع على لمعرفة أماكن تخزينها وتتبعها وبعد الإطلاع توصلت اللجنة إلى الآتي:
أ)- سجل قيد تونا الجبل والأشمونين مفقود عدد 190 رقم سجل.
ب)- سجل قيد أثار تونا الجبل والأشمونين رقم 4 مفقود عدد 3 أرقام بالسجل.
ج)- سجل قيد أثار ملوي وأسيوط رقم 5 مفقود عدد 39 رقم سجل.
د)- سجل قيد أثار متحف ملوي مفقود عدد 2 رقم سجل
وواصلت اللجنة أعمالها لكشف المفقود والعجز والغير أثري وانتهت إلى أنَّ المفقودات 417 رقم ما يساوي 1260 قطعة أثرية مفقودة وأرقام بها عجز 14 رقم وهو ما يُساوي 91 قطعة وكذا 427 رقم غير أثري ما يُساوي 1349 قطعة غيرأثرية.
كما أثبتت اللجنة في محضر جردها النهائي الآتي:
- سوء حالة الأثار بالمخزن وعدم إجراء إعمال الصيانة والترميم خاصة العضوية منها مما نتج عنه تلف وتدمير وتحلل الأخشاب والتوابيت والمومياوات كما هو مُثبت في محاضر الجرد اليومية.
- بعض القطع مُثبت بمحاضر التسليم والتسلُم نقلها إلى متاحف وهي موجودة بالمخزن وتم تسليمها كعُهدة للأثريين وبعض القطع منقول لأكثر من متحف وغير معلوم مكان حفظها حتى تاريخه .
- وجدت اللجنة آلاف القطع من الأثار غير المُسجلة والغير معلوم مصدرها وليس لها محاضر إيداع وغير معلوم إن كان لها محاضر تسليم وتسلم في أماكن مصدرها كما لم تُسلم كعهدة شخصية للأثريين وفي هذا مُخالفة صريحة لنص مواد اللائحة التنفيذية لقانون حماية الأثار والتي تحظر حفظ وتخزين أي قطع أثرية بالمخزن دون تسجيلها تسجيلًا دقيقًا .
- وجود قطع ذهبية مودعة بالمخزن بإهمال وغير مُسجلة بسجلات قيد الأثار مما يُعدُ مُخالفة للوائح والقرارات التي تقضي بعدم الإحتفاظ بأي قطع ذهبية بالمخازن.
- وجود بعض القطع الذهبية مُخزنة بطريقة عشوائية بكيس بلاستيك مُستخرجة من حفائر جبل الطير البحري سنة 2008م وغير مُسجلة بسجلات قيد الأثار بالمخزن ولم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية نحو نقلها للمتحف المصري طبقًا للقرات واللوائح الصادرة في هذا الشأن.
- بعد مُطابقة كشوف الحصر الخاصة بحفائر جبل الطير البحري والسرارية على القطع المودعة داخل كراتين والمحرزة بالمخزن تبين عدم وجود بعض القطع ولم تُقدم إدارة المخزن أو المُفتش المسئول عن تلك الحفائر أي محاضر إيداع تُفيد داخل المخزن المتحفي القديم أو أي مخازن أُخرى .
وأوصت لجنة الجرد بالعديد من التوصيات على النحو التالي:
- سُرعة تنفيذ قرار أمين عام المجلس بنقل جميع القطع الموجودة بالمخزن القديم للمخزن الجديد حفاظًا عليها من التلف نظرًا لسوء عمليات التخزين بالمتحف القديم.
- تشكيل لجنة من الأنثروبيولوجي لترميم الأثار العضوية من التوابيت والأخشاب والمومياوات والنسيج والتي أصابها التلف من سوء التخزين والحفظ وعمل صيانة لكافة القطع الموجودة بالمخزن حفاظًا عليها من التلف.
- تشكيل لجنة لنقل القطع الذهبية للمتحف المصري.
- تشكيل لجان لجرد مخازن البعثات الفرعية وبيان عما إذا كانت الأثار الموجودة بها مُسجلة ومُسلمة عهدة شخصية للأثريين والوقوف على حالتها.
- ضرورة مُخاطبة المناطق الأثرية التي لها قطع أثرية أو صناديق مُسلمة للمخزن على سبيل الأمانة لتسليمها لمصادرها.
- ضرورة تنفيذ مواد اللائحة التنفيذية لقانون حماية الإثار بحظر تخزين أي قطع أثرية بالمخازن دون تسجيلها تسجيلًا دقيقًا بسجلات قيد الأثار المُعدة لذلك.
وفي عام 2022م تم إحالة مفتش الآثار إسحق يعقوب للمحكمة التأديبية بتهمة الإهمال في حين أنه كان الحريص على توثيق كل ما وجده في المخزن من إهمال في المومياوات والقطع الأثرية والقطع الأثرية المفقودة والمقلدة.
وأنصف القضاء المصري إسحق يعقوب وحكم له بالبراءة في حكم تاريخي بعد أن اطلع على كل أعمال الجرد والتوثيق التي تمت للمخازن المتحفية في الأشمونين وفي ذات العام صدر قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بحفظ كل ما نُسب لإسحق يعقوب من افتراءات، وظهر حق الرجل ولكن بعدما ودع هذه الحياة.