د.حماد عبدالله يكتب: إفتقادنا للهوية المصرية!!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


 

الأمم العظيمة سواء في حضاراتها أو في ثقافاتها أو في إقتصادها أو في قوتها العسكرية أو السياسة الخارجية – تعتمد أساسًا على عقول أبنائها وسواعدهم، وكلما قويت سواعد أبناء الوطن، وتطورت عقولهم – وكلما تلاحمت عناصر الأمة في تركيبة نسجية إجتماعية تجعل من قوتها وصلابتها – درع لا يقوى أحد على إختراقه أو الإعتداء عليه.
ونحن في مصر على طول تاريخنا القديم والمعاصر حمل أبناء هذا الوطن من المهنيين والمثقفين والفنانين وكذلك رجال قواتنا المسلحة ورجال الأمن في جهاز الشرطة المصرية، كل هؤلاء حملوا لواء تقدمنا بين الأمم، وزعامتنا لأمتنا العربية ( دون أيه طرف عين) – فمصر هي الأمة ومصر هي المحور وهي المنبر وهي المحراب وهي في العصر القديم (قدس الأقداس) ليس ذلك شعرًا ولا ميلًا للنرجسية والعنصرية الوطنية، ولكنها الحقيقة مجردة، كل ذلك ناتج أبناء هذا الوطن الجميل. فالحب كان هو الرابط الوحيد بين أبناء الطوائف وكان لكل طائفة شيخ أو (شهبندر)، وهو من يعود إليه عند الشكوى أحد أهل الطائفة أو العكس، وظل هذا السياق في المجتمع حتى عصر غير بعيد حينما سيطر على (الحواري) والأحياء بعض الأقوياء (بدنيًا ) وممن لهم سلطة السطوة وهم (البلطجية) وكانت بدايات لدفع (الدية) للحماية – وتلك الظواهر كانت هي مؤشر لضعف الدولة (كإدارة) – وأيضًا حينما يخيب أهل الطوائف ولا يتفرقوا ولا يجتمعوا على كلمة رجل واحد – مثل شيخ البلد أو شهبندر التجار أو حكيم الطائفة. 
ولعل مع تقدم وسائل الحياة وتعدد أساليب ونظم الحكم والإدارة والتوسع في الأنشطة وإتساع جغرافية البلاد، وزيادة تعداد السكان وتنوع المهن وإختلاف المشارب والمصالح وتعارضها في بعض الأحيان، حل مكان تلك النظم القديمة ما يسمى جمعيات أو إتحادات ونقابات ومكونات مدنية وشعبية ومهنية، إلا أن تعطل بعض هذه الأدوات عن العمل وسيطرة إيدولوجيات سياسية ودينية وعرفية على بعض تلك التجمعات النافعة القصد من إنشائها – أبعدها عن أهدافها فتعطلت فيها الحياة، وعانى أعضائها الطيبون من أثار سلبية نتيجة تصلب وتجلط شرايين هذه المؤسسات. 
كما أننا أمام ظاهرة خطيرة وهي تصدع بعض المهن بسبب سوء سلوكيات بعض من أبنائها فنجد الهندسة مثل الطب مثل الصيدلة - مهن كثيرة أصبحت في مهب الريح، رغم سيادتنا للعالم كله في هذه التخصصات، ولعل الوهن الذي يصيب مهنة أصحاب الرأي والكتابة والإعلام والثقافة في بلادنا وهذه المهنة هي ( هيكل عظمي الأمة)، ينخر فيها الفساد، والوهن من أشكال مختلفة، سباب وإتهامات وتهكم البعض على الأخر، فالمجتمع يشبه لي بإصابته بهبوط في الدورة الدموية فهل هناك أمل في أن نعود إلى ما إتصفنا به من حكمة وعقل أم هناك دعوة لعودة الروح من "توفيق الحكيم" و"عباس العقاد" و"طه حسين" و"المازني" و"أحمد بهاء الدين" و"إحسان عبد القدوس" و"يوسف إدريس "و "مأمون الشناوي" 
و "التابعي" و" مصطفى أمين" وأديبنا العظيم " نجيب محفوظ".
رحم الله أساتذه الرأي والأدب ورحم الله المصريون من أفعال بعض أبنائها.