سفير رواندا بالقاهرة: الإبادة الجماعية علمت الشعب الرواندي أهمية الوحدة
قال السفير دان مونيوزا، سفير رواندا في مصر، إنه بعد الإبادة الجماعية ضد التوتسي في بلاده قبل 30 عاما، عملت رواندا على إعادة البناء من الصفر، فبدأت من خلال تطبيق الدروس المهمة المستفادة من مأساة عام 1994، والدرس الأول الذي تعلمناه كروانديين هو أننا كنا وحدنا.
وأكد السفير أنه قبل أشهر من وقوع الإبادة الجماعية، كانت هناك تحذيرات كثيرة من أن السلطات في كيغالي كانت تخطط لارتكاب إبادة جماعية، وجاءت هذه التحذيرات من مصادر مختلفة، بما في ذلك قائد قوات الأمم المتحدة المنتشرة في رواندا آنذاك، الجنرال روميو دالير، وحث الجنرال دالير المجتمع الدولي على التدخل وإنقاذ الأرواح، وتم تجاهل تحذيراته، وعندما بدأت عمليات القتل في أبريل 1994، بدلًا من التدخل، امتنعت أقوى الدول عن استخدام المصطلحات الصحيحة لوصف ما كان يحدث في رواندا، وكان استخدام كلمة إبادة جماعية من شأنه أن يلزمهم قانونًا بالتدخل.
جاء ذلك في كلمته بمناسبة إحياء سفارة رواندا بالقاهرة، الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية ضد التوتسي، والتي ذبح فيها أكثر من مليون شخص، ودمرت البنية التحتية الأساسية، وانهارت مؤسسات الدولة، وأصيب الناجون بصدمات نفسية.
وأوضح السفير أنه ومع اشتداد الإبادة الجماعية، كانت هناك دعوة عاجلة لتحييد إذاعة وتلفزيون الألف كولين، وهي إذاعة خاصة مملوكة للعقول المدبرة للإبادة الجماعية والتي كانت تحرض الهوتو على قتل التوتسي، ومع ذلك، تم تجاهل هذه الدعوات للتشويش على خطاب الكراهية على أساس أن القيام بذلك مكلف للغاية وأن التشويش على المحطة من شأنه أن يقوض حرية التعبير.
وفي هذه الأثناء، استمرت عمليات الإنقاذ التي قام بها الجيش الوطني الرواندي، وفي النهاية وضع الجيش الوطني الرواندي حدًا للإبادة الجماعية.
وأكمل السفير: إن الإبادة الجماعية علمت الشعب الرواندي أهمية الوحدة، لأنها وقعت نتيجة للانقسامات العميقة التي خلقتها السلطات الاستعمارية التي حكمت رواندا بين الروانديين منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حتى عام 1961، وقُتل التوتسي في عام 1959 فيما وصفه الفيلسوف البريطاني برتراند راسل بأنه أفظع مذبحة منهجية شهدناها منذ إبادة اليهود على يد النازيين، وفر الآلاف من التوتسي في موجات من النزوح إلى البلدان المجاورة مثل أوغندا والكونغو وبوروندي وتنزانيا.
وبلغ التطرف العرقي في رواندا، الذي اتسم بالمذابح المنتظمة، ذروته في الإبادة الجماعية في عام 1994، والتي اعتبرتها الحكومة التي خططت ووجهت للقضاء على التوتسي "الحل النهائي".
وقال السفير الرواندي: ليس من المستغرب إذن أن تكون الأولوية الأولى لقيادة الرئيس بول كاغامي هي استعادة وحدة الروانديين، حيث أن كل خيار سياسي تم اتخاذه منذ نهاية الإبادة الجماعية كان يدور حول القطيعة مع الماضي، ووضع الوحدة الوطنية والهوية الرواندية المشتركة كقوة دافعة للبلاد.
ولكن لكي تكون هذه الوحدة مستدامة، فقد تم تعزيزها من خلال المساءلة وهو المفتاح الثاني في نقطة ارتكاز إعادة إعمار رواندا، وترسخت هذه المبادئ وتغيير العقلية في رواندا على مدار الثلاثين عامًا الماضية، فنشأ جيل الشباب الذي بلغ سن الرشد ويتولى مسؤوليات رئيسية في البلاد على هذه المبادئ، وهو مصمم على البناء على هذا الأساس الراسخ.
وكانت الإبادة الجماعية مأساة ذات أبعاد هائلة، لكن رواندا نهضت من تحت الرماد، إن الروانديين يزدهرون، وهذا دليل على ما هو ممكن عندما يعمل القادة جنبا إلى جنب مع المواطنين لبناء المؤسسات اللازمة لترسيخ الحكم الرشيد، مع التركيز على المصالحة والقدرة على الصمود والشمول.
واختتم السفير: نحن ممتنون للدعم والتضامن الذي قدمه أصدقاء رواندا وما زالوا يظهرونه في رحلتنا لإعادة البناء، وخاصة خلال إحياء الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي.