الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: بالمودة والرحمة تستقر الأسر ويتحقق للمجتمع توازنه
عقد الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، تاسع فعاليات الملتقى الفقهي، وجاء بعنوان "القوامة في الإسلام"، شارك فيه الدكتور محمود عفيفي عفيفي، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، والدكتور إبراهيم أحمد جاد الكريم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، والشيخ كريم حامد أبوزيد، منسق كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف.
قال الدكتور محمود عفيفي عفيفي إن الإسلام قد اهتم بتكوين الأسرة تكوينًا راقيًا لتنجح في مهمتها في هذه الحياة، والقوامة ليست منحصرة في الأزواج، فأول ما نلتفت إليه أن بعضهم لم يفسروا الآية إلاّ على الرجل وزوجته على الرغم من أنَّ الآية تكلمت عن مطلق رجال ومطلق نساء، فليست الآية مقصورة على الرجل وزوجه، فالأب قوام على أولاده، والأخ على أخواته إلخ. ومن ذلك قوله ﷺ يقول: "كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا ومسئولة عَنْ رعِيَّتِهَا، والخَادِمُ رَاعٍ في مالِ سيِّدِهِ ومسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فكُلُّكُمْ راعٍ ومسئولٌ عنْ رعِيَّتِهِ".
وأوضح مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون أن الله تعالى قد أسند القوامة للرجل من باب التكليف وليس من باب التغلب أو التسلط، وذلك لأن الرجل له الكدح وله الضرب في الأرض وله السعي على المعاش حتى يكفل للمرأة سبل الحياة اللائقة عندما يقوم برعايتها، موضحا أن القوامة تحتاج إلى تعب، وإلى جهد، وإلى سعي، وهذه المهمة تكون للرجل وفيها تكليف بالرعاية والحماية وتلبية متطلبات الحياة وشئون الأسرة.
ومن جانبه، بين الدكتور إبراهيم أحمد جاد الكريم أن الأسرة في الإسلام كيان مقدس لأن الله تعالى يبين في القرآن أنه لا وجود للأسرة إلا عن طريق الزواج الذي هو العقد المقدس والميثاق الغليظ، لافتا أن البعض من خلال الدخول في موضوع القوامة يهدف إلى التشكيك في ثوابتنا، ومنه إلى اختلال الأسرة المسلمة التي هي نواة المجتمع المسلم وباختلالها يختل المجتمع، مؤكدا أن المودة والرحمة إذا دخلت البيوت دامت واسقرت وانعكس ذلك على توازن المجتمع واستقراره.
وأضاف عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن أن عقد الزواج في الإسلام محاط بأركان وشروط وتكاليف شرعية لا مجال فيه ولا مكان للاجتهاد ولا التجربة ولا العبث ولا للتدخل الخارجي إلا لضمان تحقق هذه الشروط والأركان، موضحا أنه تعالى قال "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" بلفظ الرجال ولم يقل الذكور لأن الرجل صفة تعني كمال معاني الرجولة، فهو رجل مسؤول قادر على الحماية قادر على التصرف ورعاية شئون الأسرة قادر على الكسب والإنفاق.
وبدوره، أوضح الشيخ كريم حامد أبوزيد أن شريعة الإسلام قد جاءت بما فيه سعادة الإنسان، وكل ما جاء من نظم وتشريعات في هذه الشريعة الغراء فيه الخير والفلاح والنجاح للبشرية جمعاء، ومن ذلك التشريعات الخاصة بالأسرة، والتي تهدف إلى سعادة الأسرة وحمايتها واستقرارها، وأن من القواعد المهمة التي يستقر عليها بناء الأسرة مسألة القوامة، مضيفا أن قوامة الرجل على المرأة حقٌّ أعطاه الله للرجل بمقتضى قوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"، وقوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم".
واختتم منسق كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف أن المراد بالقوامة القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة، وليس معناها القهر والاستبداد بالرأي، فهي لا تزيد عن أن للرجل بحكم أعبائه الأساسية ومسؤولياته وبحكم تفرغه للسعي على أسرته والدفاع عنها والإنفاق عليها أن تكون له الكلمة الأخيرة بعد مشورة أهل بيته فيما يحقق المصلحة له ولأسرته، وهي ليست احتقارا للمرأة، مستشهدا بقول فضيلة الإمام الأكبر، "إن القوامة هي أفضلية الصلاحية والقيادة، وليست أفضلية النوع ولا الجنس ولا الذكاء".
ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: (١٣٠ مقرأة- ٥٢ ملتقى بعد الظهر- ٢٦ ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية ٢٠ ركعة يوميا بالقراءات العشر- ٣٠ درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم ٧ احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- ٥٠٠٠ وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ ١٥٠ ألف وجبة طوال الشهر الكريم.