الفارق ما بين رمضان 2023 و2024 بغزة

بوابة الفجر

تغيب أجواء شهر رمضان عن قطاع غزة الذي يعيش سكانه يوميات المجاعة والحرب الإسرائيلية المدمرة للشهر السادس على التوالي، مع فشل كل محاولات وقف إطلاق النار التي يسعى إليها الوسطاء.


وتسيطر أجواء الحرب على مختلف مناطق القطاع الذي يعيش أزمة غذائية كبيرة بسبب القيود الإسرائيلية التي تمنع إدخال المساعدات الإغاثية، ما تسبب في وقوع ضحايا بسبب الجفاف وسوء التغذية بعكس العام الماضي 2023 حينما بدأت تحضيرات شهر رمضان في قطاع غزة باكرًا من خلال مظاهر تشمل الزينة، إضافة إلى أصناف غذائية يتم توفيرها بكميات كبيرة في الأسواق، بما يكفي لاستهلاك قرابة 2.3 مليون نسمة.


العام الماضي كانت لا توجد أي مشاكل بالقطاع وكانت أجواء الفرح والبهجة منتشرة بين سكان القطاع مع توافر الماء والغذاء اللازم لجميع السكان للافطار ولكن في العام الحالي، لا تشهد الأسواق أي حراك حقيقي على صعيد توفير السلع الغذائية، نظرًا لشح الكميات التي يسمح بإدخالها، علاوة على أجواء الحرب المسيطرة على الجميع، خصوصًا في شمالي القطاع.


وتضاعفت أسعار الكثير من السلع، وصولًا إلى 10 أضعاف الثمن الذي كانت عليه قبل بدء العدوان، نظرًا لقلة المعروض وزيادة الطلب، فضلًا عن واقع تكدس مئات آلاف النازحين في مدينة رفح من جراء عمليات النزوح من مختلف مناطق القطاع، وقفزت أسعار الخضراوات الشحيحة إلى نحو 5 أضعاف سعرها قبل العدوان، وبلغت نسبة الزيادة في أسعار الدواجن 200 في المائة، فيما ارتفعت أسعار اللحوم إلى 3 أضعاف ما كانت عليه سابقًا.

تسيطر يوميات العدوان الإسرائيلي على المشهد العام في قطاع غزة في الجنوب، تمنع التهديدات بتنفيذ عملية عسكرية برية واسعة النطاق في رفح، السكان والنازحين من استعداداتهم لشهر الصوم، فالكثيرون يتوقعون أن يكون مصيرهم مجهولًا في حال نفذ الاحتلال تهديداته، على غرار تنفيذه تهديدات سابقة باجتياح مدن ومناطق ومستشفيات منذ السابع من أكتوبر.


وكانت أسواق القطاع تشهد في مثل هذا الوقت من العام حركة نشطة للغاية رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالقطاع المحاصر منذ أكثر من سبعة عشر عامًا على التوالي، والذي يعاني سكانه من معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة.


يقول النازح الفلسطيني فؤاد سلامة إن أجواء حلول رمضان هذا العام تسيطر عليها يوميات الحرب والقتل والإبادة، في ظل تكرار عمليات النزوح من مكان إلى آخر من جراء استمرار العدوان.


وأضاف أن "استمرار الحرب يسيطر على المشهد العام في القطاع، ويتلهف السكان للعودة إلى منازلهم أو مناطق سكنهم التي هجروا منها قسرًا. تعرض منزلي للتدمير بفعل القصف الإسرائيلي، وأنا مثل كثيرين في غزة، نأمل أن تنتهي الحرب، وأن يتوقف القصف والقتل والتجويع والتهجير، وأن نعود إلى ممارسة أعمالنا، وعيش حياتنا بهدوء".


ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فإن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة أصبحوا على بُعد خطوة واحدة من المجاعة، علاوة على معاناة الآلاف من الجوع من جراء منع إدخال المساعدات، خصوصًا في مناطق الشمال.


ويشكو الفلسطيني محمد عبد العال من استمرار مخطط التجويع في أنحاء غزة، في ظل شح السلع الغذائية المتوفرة في الأسواق، وعدم السماح بإدخالها من جانب الاحتلال الذي يواصل عدوانه الهمجي، والذي يسمح لأعداد قليلة من شاحنات المساعدات بالمرور.


يضيف عبد العال أن "شهر الصوم بدأ مبكرًا في القطاع جراء افتقار السكان للمواد الغذائية الأساسية، فالجميع جوعى، ولا يملكون توفير الغذاء، ما يفقد السكان بهجة قدوم شهر الصيام، ويمنعهم من الاستعداد له بتخزين المواد الغذائية، أو القيام بتزيين المنازل والشوارع، وهي مظاهر كانت تبدأ قبل أسابيع من حلول الشهر. الأهم حاليًا بالنسبة لمئات آلاف الفلسطينيين هو إنهاء الحرب، وتوقف سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي للضغط على سكان غزة منذ بداية الحرب". ويؤكد أن "إجبار الغزيين على التنقل من مكان إلى آخر للحصول على المواد الغذائية زاد من معاناة السكان، وجعل كثيرين لا يتمكنون من الحصول على الطعام لعدة أيام متتالية، ما دفع البعض إلى الاعتماد على أعلاف الحيوانات كطعام".


وعمدت دول عديدة إلى تنفيذ عمليات إنزال جوي للسلع الغذائية، في حين تؤكد جهات حكومية في غزة أن ما ضمته هذه الإنزالات لا يقارن بما كان يصل إلى القطاع من شاحنات المواد الغذائية قبل العدوان.


ووفق تقديرات الهيئة العامة للمعابر والحدود في غزة، فإن إجمالي ما كان يصل إلى غزة يوميًا قبل الحرب كان يعادل 500 شاحنة محملة بمختلف الاحتياجات، إلا أن أعداد الشاحنات انخفضت إلى نحو 100 شاحنة في أفضل الأحوال بعد العدوان، كما تمر أيام لا تدخل فيها سوى 10 إلى 20 شاحنة، وأيام أخرى لا تدخل فيها أي شاحنة على الإطلاق.