سفير بيلاروسيا بالقاهرة: مصر مهد الحضارات
قال السفير سيرجي تيرينتيف، سفير جمهورية روسيا البيضاء لدى مصر، إن التبادل الثقافي الدولي يعتبر مساهمة هامة في تعزيز التفاهم الروحي وتوحيد شعوبنا، وكذلك تعزيز الهوية الوطنية لكلا البلدين، استقلالها وتفرد ثقافتها.
وأكد السفير، خلال كلمته في ندوة بعنوان "مصر- بيلاروسيا.. علاقات ثقافية"، والتي ينظمها المجلس الأعلى للثقافة، إن التراث الثقافي والروحي لبيلاروسيا، تراكم على مر العصور وتوارثته الأجيال، حيث كانت القيم الروحية والتقاليد الفريدة والثقافة هي الأساس لتشكيل هويتها الوطنية.
وأضاف السفير إنه في السنوات الأولى التي تلت حصول بيلاروسيا على استقلالها، حتى في الأوقات التي مرت بها البلاد بصعوبات اقتصادية كبيرة، كانت الدولة تستثمر في إحياء التراث الثقافي، متابعا: وحتى اليوم، نحن نواصل دراسة واستكشاف صفحات جديدة من تاريخنا الوطني، ونثري التراث الثقافي لدولتنا بيلاروس.
وأشار إلى أن الحرص على الحفاظ على التراث الثقافي هو صفة تجمع بين الشعبين البيلاروسي والمصري، فمصر تُعتبر مهد الحضارات، حيث تتلاقى فيها مختلف العصور والأديان والثقافات، مضيفا: كل ما أراه هنا يوميًا، من الآثار الفرعونية إلى الإبداع الفريد لأم كلثوم، ومن بورتريهات الفيوم إلى صناعة الخزف في قرية جراجوس، يترك أثرًا لا يُنسى في نفسي، أنا واثق من أن ذكرياتي الحية عن مصر ستظل معي طوال حياتي.
وأضاف: نحن نرى كيف تولي بلدكم اهتمامًا كبيرًا لتراث مصر التاريخي والثقافي، وجهود استعادة وحفظ المعالم الفريدة، وإحياء التقاليد المفقودة، ونحن هنا نشهد باستمرار افتتاح المواقع الثقافية والتاريخية المعاد ترميمها وافتتاح مواقع ومزارات تاريخية وثقافية جديدة وعصرية.
وتابع: ويجب أن أشير إلى أي مواطن بيلاروسي بعد زيارته للقاهرة الإسلامية و"قلبها" - شارع المعز يشعر بالإعجاب والانبهار، فعندما تمشي من باب الفتوح إلى باب زويلة، تفهم لماذا يطلق على القاهرة لقب "بوابة الشرق".
وأردف: إن دراسة واستعادة التراث الوطني تتم على مدى عقود في بيلاروسيا، حيث نرى الآثار التاريخية والمعالم الثقافية البيلاروسية المحفوظة والمستعادة، بعضها مدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو، من بينها مجمع القلاع في مدينة مير، الذي بني في بداية القرن السادس عشر، ويجمع فيه العناصر المعمارية من العصر القوطي، الباروكي وعصر النهضة، ومجمع القصور والقلاع في مدينة نيسفيج، مقر أحد أشهر الأسر الحاكمة في أوروبا في العصور الوسطى - عائلة رادزيفيل.
وأضاف أن أحد الآثار الوطنية للبيلاروس هي الأحزمة الشهيرة من سلوتسك، التي تم تصنيعها باستخدام تقنية فريدة من نوعها، والتي لم تتم دراستها وإعادة انتاجها إلا في بداية القرن الواحد والعشرين، فهي ليست مجرد عنصر من الزي الوطني البيلاروسي، بل هي رمز تاريخي وثقافي لبيلاروسيا، وعلامة تجارية حديثة لبلادنا.
ولفت السفير إلى أن العالم الشهير فرانتسيسك سكارينا، المنحدر من بولوتسك، كان عالمًا وناشطًا في عصر النهضة، وقد وضع أسس طباعة الكتب في الأراضي السلافية الشرقية، وفي القرن السادس عشر، قام بنشر أول كتب مطبوعة باللغة البيلاروسية القديمة.
وقال السفير: أصبح التقدير الكبير لقيمة القراءة والكتابة سمة وطنية للبيلاروس، حيث تُعد المكتبة الوطنية الجديدة في مينسك واحدة من أهم المعالم الثقافية والمعمارية المعاصرة لجمهورية بيلاروس، وفي بيلاروسيا، نولي اهتماما كبيرا للتعليم، نحن فخورون بأن البيلاروسيين يُعتبرون بحق واحد من أكثر الشعوب تعليمًا.
وأضاف أنه من الشواهد المثيرة للاهتمام للتعرف على تاريخ بيلاروس هي "الكتابي"، حسب النطق البيلاروسي، وهي كتب كانت تُكتب باللغة البيلاروسية بالأحرف العربية، بدأ اصدارها في القرن السادس عشر من قبل التتار الذين استقروا في دوقية ليتوانيا الكبرى في القرنين الرابع والخامس عشر، ويُعتقد أن "الكتابي" بدأ صدورها في القرن السادس عشر، لكن أثر معروف وموثق يعود إلى منتصف القرن السابع عشر، ومكتبات مينسك تحوي بعض "الكتابي" التي يتراوح عدد صفحاتها بين 70 و1000 صفحة.
وتابع السفير: تُكمل التراث الثقافي لبيلاروسيا المدارس الوطنية للباليه والفنون، ومن أشهر قلاعها الفنية المسرح الكبير للأوبرا والباليه والمتحف الوطني للفنون في بيلاروسيا، فمدرسة الباليه في بيلاروسيا معروفة جيدًا لفناني الأوبرا في القاهرة، وطوال تاريخنا، أشتهرت بلادنا وما زالت بمدارسها المعمارية والفنية الأصيلة، والأعمال الموسيقية والأدبية الفريدة.
وأضاف أن أحد العناصر الهامة للتراث الروحي للشعب البيلاروسي ومثالًا على أصالته هي الصناعات اليدوية الشعبية المحفوظة حتى يومنا هذا، وكذلك العادات، التقاليد، الأساطير الشعبية والمطبخ الوطني.