السودان جزء من الأمن القومي المصري.. سياسيون يكشفون دلالات زيارة "البرهان" لمصر في هذا التوقيت
أكد خبراء سياسيون، أن زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة، ومباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لها دلالة هامة في هذا التوقيت للحصول على دعم مصر في ظل الأوضاع التي تشهدها السودان في الوقت الحالي، وما يحدث من قوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي"، والذي يؤثر بدوره على الأمن القومي المصري.
من جانبه، قال اللواء محمد الغباشي، أمين مركز آفاق للدراسات الاستراتيجية، إن زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، إلى مصر في هذا التوقيت لها دلالة فوق المهمة، نظرًا لأن السودان يمثل جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو العمق الاستراتيجي للدولة المصرية، وخاصةً مع الروابط التاريخية وروابط النسب والمصاهرة للأرض الواحدة ومجرى النيل، وكافة العوامل التي تجعل السودان الأمن القومي المصري والسوداني يؤثران على بعضهم البعض.
وأوضح "الغباشي" في تصريح خاص لـ "الفجر"، قائلًا: كل ما يحدث في السودان يؤثر بشدة على الأمن القومي المصري والدولة المصرية، مضيفًا: تناسينا ما يحدث في السودان رغم خطورته الشديدة على الدولة المصرية، وما يحدث من قوات الدعم السريع والاقتتال الداخلي في السودان، يحدث ضرر شديد لدولة السودان والأمن القومي بها الذي يؤثر أيضًا في الأمن القومي المصري.
مصر تقف مع وحدة السودان وسلامة أراضيه
وبشأن ما إذا كانت هذه الزيارة تستهدف سيناريوهات جديدة نحو مساعي حل الأزمة السودانية، أشار اللواء محمد الغباشي، إلى أن مصر تقف مع وحدة السودان وسلامة أراضيه وتعمل على منع الاقتتال الداخلي، وخاصةً إذا علمنا أن هناك الكثير من المآسي والمذابح التي حدثت لأهل البلاد وعواصم المدن، وعدد من المحافظات والولايات التي قامت قوات الدعم السريع بالسيطرة عليها.
وتابع: حدث هناك حالات من القتل والاختطاف والنهب والسرقة لكثير من الممتلكات العامة والخاصة، وهذا ما تقوم به قوات الدعم السريع التي تُدعم بواسطة قوة إقليمية ودولية، والتي تمثل إحدى حلقات النزاع والتوتر التي تحيط بمصر.
وأردف، نعلم ما حدث في الشرق في العراق وما حدث في سوريا ولبنان، وأيضًا في الجنوب ما يحدث في اليمن وقوات الحوثيين ومشاكلها بوقف الملاحة في البحر الأحمر وتأثيرها على قناة السويس، وأيضًا في جنوب مصر السودان، وغرب مصر ليبيا، لافتًا إلى أن مصر محاطة من كافة الجهات الاستراتيجية بأخطار شديدة.
تأكيد الدعم المصري على وحدة أراضي السودان
وأكد اللواء محمد الغباشي، أن مصر هي البلد الوحيد الصامدة والمتماسكة بفضل قواتها المسلحة ووحدة الشعب المصري خلف مؤسسات الحكومة، مشيرًا إلى أن الزيارة تأتي لتأكيد الدعم المصري، وحرص الدولة المصرية حكومة وشعبا على وحدة وسلامة أراضي السودان وتقليل فرص حدوث انشقاق في الصف، والوصول إلى أفضل اتفاقات وأفضل سبل المباحثات للم الشمل وإعادة الوضع إلى حياة سلمية، وتواجد الجميع في نظام واحد تابع للدولة والحفاظ على وحدة وسلامة دولة السودان.
فيما قالت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، إن زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني "عبد الفتاح البرهان" للقاهرة أتت بعد استضافة مصر لمؤتمر (قمة دول جوار السودان)، والذى بحث سُبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على المنطقة.
وأضافت "حلمي" في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد خلال هذه القمة، بذل بلاده كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني، مطالبًا الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد والبدء في مفاوضات لإنهاء القتال، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية.
وأشارت إلى أن زيارة "البرهان" ولقائه بالرئيس السيسى، أتت كبادرة حُسن نية من قبل البرهان لإنهاء الحرب وبدء حوار سياسي بين طرفي الصراع في السودان، على رأس أولويات زيارة البرهان إلى مصر، فضلًا عن تأكيد دور القاهرة كقناة للتواصل بين الجيش والأطراف الدولية من أجل التوصل لصيغة تسدل الستار على الأزمة، موضحة أن الفترة الفاصلة بين زيارة البرهان للقاهرة شهدت مجموعة من التحولات والتطورات في الداخل السودانى أدت لإشتعال الصراع، مع تقدم الجيش السوداني في عدة محاور إستراتيجية في معركة الخرطوم وتحديدًا في محاور "أم درمان" القديمة وشمال الخرطوم، لكن وصلت الأزمة الإنسانية لمستويات بالغة الحدة، حيث بلغ عدد النازحين واللاجئين حوالى ٨ مليون شخص.
جهود مصر لحل الأزمة السودانية
وأكدت الدكتورة نادية حلمي، أن مصر بذلت جهودًا مُضنية فى الفترة الأخيرة لحل الأزمة السودانية، على رأسها إستضافة (قمة القاهرة لدول جوار السودان) التي انعقدت في يوليو ٢٠٢٣، ثم إستضافة (مؤتمر القضايا الإنسانية) في السودان نوفمبر ٢٠٢٣، مع تأكيد موقف مصر الداعم لخيارات الشعب السودانى، وحرصها على نزع فتيل الأزمة في السودان، وضرورة التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة للصراع بشكل عاجل، وقد تمثل موقفها في رفض التدخلات الخارجية في الشأن السوداني، وتدعم مساعي التسوية السلمية والابتعاد عن أية حلول عسكرية.
وأردفت: وهنا تمثلت الرؤية المصرية للرئيس السيسي لوضع حل للأزمة المشتعلة في السودان، والمطالبة بوقف إطلاق النار بشكل شامل ومستدام، وعدم التدخل الأجنبي في السودان، وضرورة الحفاظ على وحدة مؤسسات وشعب السودان، وضرورة التوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية، وتنسيق وتوحيد المبادرات السابقة، ومطالبة الوكالات الإغاثية والجهات المانحة بتوفير الدعم اللازم لدول الجوار.
وتابعت: كما حاول "البرهان" خلال زيارته للقاهرة التأكيد على رسالة بأن القوات المسلحة الموالية له، ملتزمة بالسعي إلى فترة انتقالية حقيقية، فضلًا عن حرصه خلال المحادثات على وضع القيادة المصرية فى الصورة الصحيحة عما يحدث فى الداخل السوداني بين كافة الفرقاء السياسيين.
دعم مصر والرئيس السيسى
وأوضحت أستاذة العلوم السياسية، أن دلالة زيارة البرهان للقاهرة للحصول على دعم مصر والرئيس السيسى ومحاولته من خلالها إيصال رسالة مفادها بأن الحرب في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بقيادة "محمد حمدان دقلو"، كانت بسبب محاولة مجموعة متمردة السيطرة على السلطة، وللتأكيد على سعى "البرهان" وقواته المسلحة على محاولة وضع حد للحرب وإنهاء المأساة الحالية، وكمحاولة من نظام البرهان نفي كافة الإتهامات الموجهة له، بالتعاون مع النظام السوداني السابق أو إيواء الجيش لعناصر إسلامية أو إرهابية، ولتبرئة ساحته من تلك الإتهامات، التى يتم إستخدامها وفق دفاع "البرهان" عن نفسه كفزاعة خارجية فى مواجهة الشعب السودانى.
ولفتت قائلة: كما يسعى البرهان من خلال زيارته للقاهرة على التأكيد على مجموعة من الأهداف، منها إصراره على فصل المسار السياسي عن العسكري، إذ إنه منذ بداية الحرب والقوات المسلحة السودانية تركز على العمل العسكري فقط من دون العمل السياسي، بحكم إدارتها للسلطة في البلاد والتأكيد على هذه السلطة والشرعية، وأن التحركات الخارجية قاصرة على مجلس السيادة وممثليه، فضلًا عن محاولة "البرهان" نفي أي إتهامات حول إرتباط القوات المسلحة فى السودان بالنظام السابق في البلاد أو موالاتها لأي جماعات إسلامية أو متطرفة، بتأكيده على أن زيارته الأخيرة لمدينة بورتسودان فى شرق البلاد، هي محاولة لتحولها إلى العاصمة السياسية للبلاد ولو بشكل مؤقت، بعد إستمرار حدة المعارك في الخرطوم.