سلطنة عُمان تقدم مرافعة تاريخية أمام محكمة العدل الدولية ضد الجرائم الصهيونية
قدّمت سلطنة عُمان مرافعة شفوية تاريخية أمام محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي، بشأن "الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".
وأكدت سلطنة عُمان في المرافعة التي ألقاها نيابة عن حكومة سلطنة عُمان السفير الدكتور الشيخ عبدالله بن سالم الحارثي سفير سلطنة عُمان لدى مملكة هولندا، أنه منذ أكثر من 75 عامًا يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال والقمع والظلم والإذلال اليومي الذي يُرتكب بحقهم من قِبَلِ الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه فشل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في مساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق تطلعاته من خلال إقامة دولته المستقلة.
وأوضحت سلطنة عُمان أن العالم يشهد في غزة منذ 4 أشهر واحدةً من أبشع الجرائم وأعمال الإبادة الجماعية في العصر الحديث، استشهد على إثرها أكثر من 29 ألفَ شخص، وأكثر من 68 ألفَ جريح، بالإضافة إلى 2.2 مليون يعيشون تحت وطأة الفقر في ظروف لا تطاق، ونقلهم من مكان إلى آخر في انتهاك واضح للأعراف الدولية.
وأكّد أن سلطنة عُمان تؤيد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 77/247 المؤرخ في 30 ديسمبر 2022 والذي طلبت فيه الجمعية من المحكمة إصدار رأي استشاري في مسألتين محددتين وهما: العواقب القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المستمر للاتفاقية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلال الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، بما فيها مدينة القدس الشريف، علاوة على إجراءاتها الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية، وطابعها، ووضعها، واعتمادها للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة.
وتابع: المسألة الثانية تتمثل بأن سياسات إسرائيل وممارساتها تؤثر على الوضع القانوني للاحتلال، وما يترتب على هذا الوضع من آثار قانونية على كافة الدول والأمم المتحدة.
وقال: إن سلطنة عُمان تطلب أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار، أولا: إن انتهاك الحق في تقرير المصير والاحتلال والاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 يؤدي إلى إعاقة تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وحقه في العودة.
وأردف أن هناك إجماعا دوليا واسعا يؤكد وجود حق تقرير المصير، ولكن يتواصل إنكار هذا الحق في قضية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن هذا الحق ثابت في جملة أمور في المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة باستمرار على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ومطالبة مجلس الأمن الدولي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولتين على حدود 1967.
كما يعترف مجلس حقوق الإنسان باستمرار بـ "الحق غير القابل للتصرف والدائم وغير المشروط للشعب الفلسطيني في تقرير المصير"، ونتيجة لهذه الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي في استمرار الاحتلال منذ 75 عامًا فإنه يجب على المحكمة أن تقرر وجوب قيام حكومة إسرائيل بوضع حد فوري وغير مشروط على كافة الأنشطة والسياسات والقوانين التي تمنع وتعيق الفلسطينيين من تقرير المصير، والحل يتمثل بالدرجة الأولى في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية. مطالبا المحكمة بالاعتراف بالمسؤولية الواضحة الملقاة على عاتق جميع الدول لدعم إقامة تحقيق تقرير المصير الفلسطيني بما يتماشى مع قرارات وميثاق الأمم المتحدة.
ولفت إلى ثاني الاعتبارات المتمثل في أن الاحتلال المطول والاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية والنقل غير القانوني المستمر والمنهجي للمواطنين الإسرائيليين إلى المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة على مدى عقود من الزمن، يهدف إلى إدامة الاحتلال وجعله مستمرا، ويرتبط بهذه السياسة تهجير الفلسطينيين وإنشاء نظام قسري للتمييز، وتقسيم المناطق، والتخطيط، والاستيلاء غير القانوني على الأراضي، والاعتقال التعسفي، والعنف الممنهج منذ عام 1967، وهذا التهجير القسري للشعب الفلسطيني ونقل مواطني دولة الاحتلال إلى الأرض المحتلة محظور بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وتنص المادة 1 من تلك الاتفاقية على أن كل طرف متعاقد في الاتفاقية ملزم بضمان الالتزام بها في جميع الظروف، وقد أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشكل مستمر ومتكرر جهود إسرائيل لتغيير الطابع الديمغرافي ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح في ثالث الاعتبارات أن على المجتمع الدولي التزام منع الضم غير القانوني للأراضي الفلسطينية، وأن أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي كما ينعكس في ميثاق الأمم المتحدة هو أن استخدام القوة بأي شكل من الأشكال محظور، وبالتالي فإن الاستيلاء على الأراضي باستخدام القوة أمر غير قانوني، وأنّ سياسة الاحتلال والاستيطان التي تنتهجها دولة إسرائيل منذ 75 عامًا تمنع إنشاء دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة وتشكل إهانة للقانون الدولي.
وينبغي للمحكمة أن تقضي بأن العواقب القانونية بالنسبة لحكومة إسرائيل في هذا الصدد يلزم أن تشمل الوقف الفوري لجميع الأعمال غير القانونية بما في ذلك المستوطنات والأطر القانونية والإدارية المرتبطة بها، ومن الضروري أن يتم تقديم التعويضات عن المستوطنات والأطر غير القانونية وتفكيكها.
وأضاف سعادته: إن الدول الأطراف في اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ملزمة بضمان امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي كما هو منصوص عليه في الاتفاقية، بما في ذلك النقل غير القانوني للمواطنين في الأراضي المحتلة.
ودعا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 77/25 جميع الدول بما يتفق مع التزاماتها بموجب الميثاق وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة إلى اتباع سياسة عدم الاعتراف وعدم التعاون وعدم المساعدة للاحتلال الإسرائيلي وضمان احترام القانون الدولي في هذا الصدد.
وقال: إن العواقب القانونية الأولية الناشئة عن سلوك إسرائيل تُثبت وجود استيلاء وضم فعلي للأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل، مبينًا أنه لا يوجد أي مبرر قانوني لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير.
وختمت سلطنة عُمان مرافعتها بالتأكيد على أن سلوك وممارسات سلطة الاحتلال موثقة جيدًا، وينظمها القانون الدولي بشكل صارم، وأن اتفاقية جنيف الرابعة واضحة في أنه لا يجوز لقوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى ذلك فإن القانون الدولي لا يجيز الاحتلال الدائم أو الاحتلال الممنهج من خلال فرض تركيبة سكانية مغايرة.
كما أكدت سلطنة عُمان أن مدة الوجود الإسرائيلي بلغ 75 عامًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسياسة الاستيطان المستمرة تجعل الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني وينتهك ميثاق الأمم المتحدة وينبغي للمحكمة أن تُقَرر بأنه ينبغي لإسرائيل أن تضع حدًا فوريًا وغير مشروط لهذا الوضع غير القانوني، وينبغي للدول دعم هذه الجهود.