المتحدث الرسمى للكنيسة.. كنيسة الروم الأرثوذكس "مشيخية"
قال الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، ومتحدث الكنيسة الرسمي، ووكيلها للشؤون العربية، في تصريح له، إن كنيسة الروم الأرثوذكس هي كنيسة مشيَخِيَة، حيث تقوم مشيخية الكنيسة الأرثوذكسية على ما أوصى وعمل به الرسل أنفسهم بإقامة "شيوخ" (باليونانية برِسفيتِروس) للخدم المقدسة، وذلك لتحقيق ما أوصى به يسوع المسيح بإقامة الذبيحة الإلهية غير الدموية (كسر الخبز وشركة دم المسيح) وخدمة باقي الأسرار المقدسة (الشرطونية الكهنوتية بوضع الأيدي، المعمودية، المسح بالزيت المقدس، الصلاة على المرضى، غفران الخطايا، وغيرهم) وخدمة الكلمة بالوعظ والكرازة. مثال على ذلك:
تابع: بولس وبرنابا في لِسْتْرَةَ "انْتَخَبَا لَهُمْ (لأهلها) شُيُوخًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ" ووكتب بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس، بقوله: "لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ، الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ وَضْعِ أَيْدِي الْمَشْيَخَةِ، كذلك كتب بولس الرسول إلى تيطس، بقوله: "مِنْ أَجْلِ هذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخًا كَمَا أَوْصَيْتُكَ".
كما أن آباء الكنيسة الأرثوذكسية عملوا بما عمل به بولس وبرنابا وبما أوصى به بولس الرسول كل من تيموثاوس وتيطس بإقامة "شيوخ" فالقديس إغناطيوس الأنطاكي وهو واحد من آباء الكنيسة في القرن الأول، كان واحد من تلاميذ الرسولين القديس بطرس ويوحنا الرسول، كتب مؤكدًا للكنيسة التي في أفسس من أعمال أسيا على أن التسلسل الكنسي هو الضامن للنظام الكنسي. فيجب على العلمانيين أن يخضعوا للشمامسة، والشمامسة للشيوخ، والشيوخ للأسقف، والأسقف للمسيح كما هو للآب: «عليكم أن تكونوا برأي واحد مع أسقفكم، الشيء الذي تفعلونه، إن "مشيختكم المحترمة" جديرة بالله ومرتبطة مع "أسقفها" ارتباط الأوتار بالقيثارة، لذلك بتناسقكم وباتفاق المحبة بيسوع المسيح يرتفع المديح والتمجيد ليدخل كل واحد منكم في هذا الجوق لكي تتوحد نغماتكم فتأخذون طابعًا إلهيًا وترتلون بصوت واحد بيسوع المسيح المدائح للآب الذي سيسمعكم ويعرفكم من أعمالكم الصالحة أنكم أعضاء في ابنه. من المفيد أن تكونوا في وحدة لا تشوبها شائبة حتى تكونوا في وحدة دائمة مع الله».
وفي مكان آخر يربط القديس إغناطيوس وحدة المؤمنين حول الأسقف والشيوخ بالإفخارستيا: «أنتم دون أسقف وشيوخ لا تفعلوا شيئًا لا تغتروا أنتم أنفسكم تبدون عقلاء، بالإضافة إلى هذا: صلاة واحدة، تضرع واحد، في الفكر، رجاء واحد في المحبة، في فرح دون شائبة، الذي هو يسوع المسيح، عليكم أن تحيوا هذا. أنتم جميعًا مجتمعون في هيكل الله واحد، إلى مذبح واحد، إلى يسوع المسيح الواحد، الذي جاء من آب واحد وهما كائن واحد ومنفصلين».
فيما بعد تبنت الكنيسة الأرثوذكسية لمن شُرطنوا بوضع اليد عليهم الكلمة اليونانية إيريس"، التي معناها "كهنة"، عن أن يسوع المسيح هو "رئيس الكهنة" وأن كهنوتهم هو "كهنوت ملوكي" مستمد من يسوع المسيح رئيس الكهنة، كما يقول بولس الرسول عن يسوع المسيح: "وَأَمَّا رَأْسُ الْكَلاَمِ فَهُوَ أَنَّ لَنَا رَئِيسَ كَهَنَةٍ مِثْلَ هذَا، قَدْ جَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الْعَظَمَةِ فِي السَّمَاوَاتِ" وعن كهنوت هؤلاء الكهنة وخدمتهم المقدسة يقول بطرس الرسول: "كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ".
مما سبق ذكره، بالقول عن الكنيسة الأورثوذكسية أنها كنيسة مشيخية، فهذا يشير إلى أنها الكنيسة العتيقة، كنيسة القرون الأولى. فمشيخية الكنيسة الأرثوذكسية لا تتطابق مع المشيخية البروتستانتية؛ لأن البروتستانتية خالية من أي تسلسل رسولي يجمعها بكنيسة القرون الأولى (كنيسة العهد الجديد) عبر العصور، ولا يوجد فيها تسليم رسولي، وتأتي مشيخيتها من تسمية قدامى وعاظها وأكبرهم سنًا بـ "الشيوخ"؛ لأنها وُجِدَت في القرن السادس عشر ومؤسسها راهب ليس إكليريكي مُشرطن بوضع اليد. بالتالي لا يوجد فيها كهنوت الملوكي، لذلك هي لا تعترف بالأسرار الكنائسية المقدسة بشكل عام القائمة على الكهنوت الملوكي. وقد أقامت لاحقًا مبشّرون ووعاظ ومفروزون لخدمة الكلمة وسمَتْهم "قساوسة"، وهؤلاء جميعهم تنقصهم نعمة الكهنوت التي انتقلت وتنتقل بوضع الأيدي عبر شرطونيات كهنوتية شرعية بدأت من يوم العنصرة وحتى يومنا الحالي.