هل يقلب نصـر الرئيس بوتين الموازين الغربية بعد تحرير بلدة أفدييفكا ؟
يبدو أنّ مخاوف الغرب والاتحاد الأوروبي من قوة روسيا وقدرتها فعليا على الانتصار بدأت تظهر للعلن، لا سيما بعد تحرير الجيش الروسي، بلدة أفدييفكا بالكامل أمس السبت.
ومن أهم التصريحات التي جاءت مباشرة بعد تحرير أفدييفكا، هو تصريح المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي قال: "إنّ انتصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الصراع في أوكرانيا، سيكون له عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبي". فهل تتغيّر حسابات الغرب تجاه الأزمة الأوكرانية بعد تحقيق نصر جديد يضاف إلى قائمة انتصارات روسيا؟، وهل اقترب بوتين من إعلان النصر النهائي؟.
في كل مرة، تؤكد روسيا للعالم أنها أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما النصر أو النصر. وهذا ما أكّده كذلك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الأحد، في أن الوضع في أوكرانيا لا يشكّل سوى مسألة تحسين الموقف التكتيكي بالنسبة للغرب، ولكنه "مسألة حياة أو موت" بالنسبة لروسيا.
زاخاروفا: أعداء الكرملين "مستاؤون"
من جهتها، صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن سيطرة القوات المسلحة الروسية على مدينة أفدييفكا يثير "ضغينة" جميع أعداء موسكو. وكتبت على قناتها في "تلغرام": "بسبب هذا، جميع أعدائنا مستاؤون للغاية. ليمنحنا الله القوة جميعا!"..
وتعليقا على هذا الموضوع، يقول الخبير في الشؤون الدولية، الدكتور محمد اليمني لجريدة "الفجر": "لقد تم توريط الاتحاد الأوروبي في هذه الحرب بمساعدة أوكرانيا بمليارات الدولارات، وهذا يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية أوهمت الاتحاد الأوروبي بأن الخطر داهم من روسيا، وأن روسيا تهدد أمن الاتحاد، ولكن الحقيقة هي أنه على العكس تماما، فروسيا تعمل بجدية وكان لها شركات واتفاقيات مع الدول الأوروبية وكانت ترسل الغاز بأسعار جيدة، وألمانيا كانت مستفيدة جدا من الاتفاقيات مع روسيا خاصة المشروع الضخم "نورد ستريم".
وأضاف: "في السنتين الماضيتين، بدأت تخسر الدول الأوروبية بعد قطع العلاقات مع روسيا، واليوم هم يذهبون لدول الخليج ليرسلوا لهم النفط والغاز، وتصريح شولتس له عدة دلالات، أمريكا هي فعلا من ورطت معظم الأطراف في هذا التوقيت، وكان الأولى لأمريكا أن تحدث تهدئة في بعض الملفات ولكن ليس هذه السياسية الأمريكية التي تقوم على مبدأ إشتعال المزيد من الأزمات وبؤر الصراعات، هذا يعطيها مزيدا من الهيمنة ومزيدا من تصنيع الأسلحة الذي يدرّ عليها مليارات الدولارات".
وتابع: "الرئيس الروسي بوتين المحنك والذي لديه من العقلية والاستراتيجية والأمور التي تؤهله بأن يحقق نظاما متعدد الأقطاب وليس قطبا واحدا، وأمريكا لم تسمح بذلك، ولكن الأيام القادمة هي من تحدد النتيجة".
استغلال التوقيت
وأشار الخبير إلى أنّ "روسيا اقتربت من النصر قريبا على أوكرانيا والولايات المتحدة وعلى دول حلف "الناتو"، ولكن مازالت هذه الحرب قائمة، ومن وجهة نظري، أعتقد أنه إن تمت بعض التسويات والهدن في قطاع غزة بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي، فهذا قد يعطي الضوء الأخضر للعودة إلى الصراع الأوكراني-الروسي وسنشهد أيضا بعد التطورات، والرئيس الأمريكي جو بايدن يحاول على قدر المستطاع بأن تحدث تهدئة، لأن لديه حربا كونية مع روسيا والصين".
هل تراجعت أمريكا عن دعم زيلينسكي؟
أمّا حول الدعم العسكري المستمر من أمريكا والدول الأوروبية، يقول الدكتور محمد: "هذه الإمدادات العسكرية تؤثر بالطبع على أوكرانيا، والأخيرة تنتظر بشغف حزمة المساعدات من واشنطن، وروسيا تلعب دورا مهما وتحاول استغلال الوقت وما يحدث في الشرق الأوسط، لأن الولايت المتحدة الأمريكية حاليا انخرطت في الحرب الإقليمية الشاملة".
ازدواجية المعايير الغربية
وفيما يتعلق بما يحدث في غزة وكيف كانت نظرة الغرب للحرب في فزة ورفح، يقول الخبير: "يوجد ازدواجية في العايير وغياب للقانون ومنظمات حقوق الإنسان، وأيضا القانون الدولي، لأن هذا هو الوجه الحقيقي للغرب ولواشنطن وبريطانيا الداعمة والحليف والشريك الاستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي، الدنيا قامت ولم تقعد بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات وقطع للعلاقات وأمور كثيرة فرضت على الجانب الروسي، بالرغم من أن روسيا كانت تحمي حدودها وما كان يرتب من حلف "الناتو"، والاحتلال الإسرائيلي محمي من الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها الركيزة الأساسية لواشنطن في الشرق الأوسط".
وأضاف: "إنّ عدد القتلى تجاوز 30 ألف شخص في قطاع غزة ولم يتحرك ساكنا للدول التي تتبنى مصطلحات الديمقراطية والحرية، وهؤلاء يستخدمون ذلك لمصلحتهم الشخصية ولدولهم، وإذا تعارضت هذه المصالح مع ما يتم في أوكرانيا ولفي بعض الملفات الأخرى والأزمات الموجودة في الشرق الأوسط لم يحركوا ساكنا، ولا ننسى أيضا سيطرة أمريكا على النظم الحاكمة في أوروبا وهناك تهديد على اقتصاداتها، ولن ننتظر من الغرب أن يقف مع القضية الفلسطينية".
وحول تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، ورفضه إقامة دولة فلسطينية، مقابل توسيع اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية، وقوله "إذا كان ثمن اتفاقيات السلام هو دولة فلسطينية فأنا أتخلى عنها"، يقول الدكتور محمد:
"نتنياهو يريد تصفية القضية الفلسطينية ويريد مزيدا من القتل وتحقيق أهدافه في هذا التوقيت، وإن كان لم يتحقق منها شيئ على مدار الخمسة أشهر تقريبا، إسرائيل تعرضت للإذلال والمهانة يوم السابع من أكتوبر، سواء لقتل جنودها والقضاء على الأدوات العسكرية والمعدات، ونتنياهو يحاول إنقاذ مستقبله السياسي ويتمنى أن ينجح ترامب ليأخذه إلى بر الأمان ويدعمه حتى النهاية، والاحتلال الإسرائيل مستمر في عمليات الإبادة والتطهير العرقي والقتل".