حكم وعبر في ليلة الاسراء والمعراج 2024

دروس انسانية لا بد من معرفتها والتعلم منها في قصة ليلة الإسراء والمعراج

منوعات

ليلة الاسراء والمعراج
ليلة الاسراء والمعراج تعطى دروس انسانية

كان وجود أبي طالب بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سياجا واقيا له يمنع عنه أذى قريش في الإسراء والمعراج ؛ لأن قريشا ما كانت تريد أن تخسر أبا طالب، ولـما توفي أبو طالب؛ انهار هذا الحاجز، ونال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الضرر الجسدي الشيء الكثير، وكانت خديجة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم البلسم الشافي لما يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجراح النفسية التي يلحقها به المشركون، ولـما توفيت فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البلسم.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى الطائف بعدما اشتد عليه أذى قريش وأمعنوا في التضييق عليه، يطلب من زعمائها نصرة الحق الذي يدعو إليه، وحمايته، حتى يبلغ دين الله، فما كان جوابهم إلا أن ردوه أقبح رد، ولم يكتفوا بذلك؛ بل أرسلوا إلى قريش رسولا يخبرهم بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فتجهمت له قريش، وأضمرت له الشر، فلم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم  دخول مكة إلا في جوار رجل كافر، لقد تجهمت له قريش، وأحدقت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فزادت حزنه، وهمه؛ حتى سمي ذلك العام بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم  بـ(عام الحزن)، وبعد هذا كله حصلت معجزة الله لرسوله، ألا وهي: الإسراء والمعراج.

فرصة الاطلاع على المظاهر الكبرى لقدرته   


الله -عز وجل- أراد أن يتيح لرسوله صلى الله عليه وسلم  فرصة الاطلاع على المظاهر الكبرى لقدرته؛ حتى يملأ قلبه ثقة فيه، واستنادا إليه؛ حتى يزداد قوة في مهاجمة سلطان الكفار القائم في الأرض، كما حدث لموسى عليه السلام، فقد شاء أن يريه عجائب قدرته. قال تعالى: ﴿وما تلك بيمينك يا موسى ۝ قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ۝ قال ألقها يا موسى ۝ فألقاها فإذا هي حية تسعى ۝ قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ۝ واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ﴾ [طه: 17 – 22] فلـما ملأ قلبه بمشاهدة هذه الآيات الكبرى، قال له بعد ذلك: ﴿لنريك من آياتنا الكبرى﴾ [طه: 23].

دروس انسانية في ليلة الإسراء والمعراج 

  • 1- بعد كل محنة منحة، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم  لمحن عظيمة، فهذه قريش قد سدت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف، وفي قبائل العرب، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها من كل جانب، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم  في خطر بعد وفاة عمه أبي طالب أكبر حماته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  ماض في طريقه، صابر لأمر ربه، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا حرب محارب، ولا كيد مستهزئ، فقد ان الأوان للمحنة العظيمة، فجاءت حادثة الإسراء والمعراج، على قدر من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعا، ويكرمه على صبره، وجهاده، ويلتقي به مباشرة دون رسول، ولا حجاب، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيد واحد، فيكون الإمام، والقدوة لهم، وهو خاتمهم، وآخرهم صلى الله عليه وسلم.
  • 2- إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مقدما على مرحلة جديدة، مرحلة الهجرة، والانطلاق لبناء الدولة، يريد الله تعالى للبنات الأولى في البناء أن تكون سليمة قوية، متراصة متماسكة، فجعل الله هذا الاختبار والتمحيص؛ ليخلص الصف من الضعاف المترددين، والذين في قلوبهم مرض، ويثبت المؤمنين الأقوياء والخلص؛ الذين لمسوا عيانا صدق نبيهم بعد أن لمسوه تصديقا، وشهدوا مدى كرامته على ربه، فأي حظ يحوطهم، وأي سعد يغمرهم، وهم حول هذا النبي المصطفى، وقد امنوا به، وقدموا حياتهم فداء له، ولدينهم؟! كم يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذا الحدث الذي تم بعد وعثاء الطائف؟! وبعد دخول مكة في جوار، وبعد أذى الصبيان، والسفهاء؟!
  • 3- إن شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم العالية، تتجسد في مواجهته للمشركين بأمر تنكره عقولهم، ولا تدركه في أول الأمر تصوراتهم، ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم، وتلقي نكيرهم، واستهزائهم، فضرب بذلك صلى الله عليه وسلم لأمته أروع الأمثلة في الجهر بالحق أمام أهل الباطل، وإن تحزبوا ضد الحق، وجندوا لحربه كل ما في وسعهم، وكان من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الحجة على المشركين أن حدثهم عن إسرائه إلى بيت المقدس