الجن والآثار.. هل سينصرك الجن على بني جنسه على الرغم من العداء الأبدي؟
يَحلُم الجميع بالغنى، لكن في هذه الأيام ومع كثرة المتطلبات المعيشية زادت الأمنيات، وأصبح البحث عن الآثار هو الشغل الشاغل لكثير من الناس الذين يريدون الثراء السريع والفاحش، لكن الغالبية العظمى منهم تعتمد في بحثهم عن الآثار على الجن، والجن - كما نعلم - إن لم يكن كاذبًا على طول الطريق، فقد يأتيك مُخلِّطًا بين الصدق والكذب، فقد يخبرك بوجود كنز في المكان، لكنه لا يدلك على المكان الصحيح تحديدًا، وإذا دلَّك على المكان الصحيح فلا بد لمن يستدلون على هذه الأماكن بالجن من ارتكاب مخالفات كبيره تهدم الدين، ولا يبقى لاستخراج الكنوز معها طعم ولا معنى، كيف هذا؟
الجن والآثار
الجن صاحب قضيه يدافع عنها إلى آخر يوم في حياته، وهي العداء لبني آدم، فإذا ما أجبر الجن على المفاوضة على أمرٍ يُحِبُّه كتخلِّيه عن هذه الكنوز لبني آدم، فإنه يطلب منهم مطالب تعجزهم إن كانوا أصحاب دين ويريدون أن يحافظوا عليه، أو تُضِّيع عليهم دينهم إن كانوا أصحاب دنيا ويريدون الدنيا فقط، فمن الممكن أن يطلب منهم، إما أن يقتلوا شخصا على المكان حتى يفتح لهم المكان، أو قد يطلب منهم زنًا صريحًا على المكان، وغالبا ما يطلبون زوجة أو ابنة صاحب المكان ليذلُّوه طوال حياته أن أقدم على فعلِ هذا العمل!
ولو فطن الباحث عن الآثار لعلم أن الجن لن ينصره بحالٍ من الأحوال على بني جنسه، إلا إذا كان ما يقدمه أكبرَ مما سيأخذه، إلا أن يكون الشخص الباحث عن الآثار ديوثًا لا يغار على أهله، ويُفَضِّل المالَ على العرض مع أن الأصل المحافظة على العِرض، ولو بذل صاحبُه كلَّ كنوز الدنيا، قال حسان بن ثابت:
أصُونُ عِرضِي بمَالِي لا أُُدَنِّسُهُ…لَا بَارَكَ اللهُ بَعدَ العِرضِ فِي المَالِ
ثم إن ما تبحث عنه من الآثار قدرٌ قدَّره الله سبحانه وتعالى، إمَّا كُتبَ لك فلن يمنعه إنسٌ ولا جنٌ، وليست المطالب الشركيه شرطًا في استخراجه، ولكن يكون ذلك بميعاد، وإمَّا أن يكون غيرَ مُقدَّرٍ لك فلن تحصل عليه ولو قدَّمت للجن جميع الكبائر، ولو أنفقتَ على ذلك مالَك كلَّه، فالأفضل لك تركُ البحث عما لم يُقَّدر لك أصلًا - أو قُدِّرَ ولكن لم يَحِن أوانه - لما قدَّره الله ووقَّته، فالأمر بإرادته لا ببحثك قال تعالى ( وأمَّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فأراد ربك ان يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمه من ربك) فأراد ربك ولم يرد الدجَّال ولا الجن استخراجه، فالأمر إرادة من الله سبحانه وتعالى لك وليس بحثا منك، فقدِّم ما عليك وهو ( وكان ابوهما صالحا) ودع ما ليس لك، لأن الأمر إرادة وليس بحثًا، ولو كان الأمر لك لبحثت الكنوز عنك.
قصة من الواقع
كان هناك رجل يعمل كدجال في مدينة الجيزة، وكان يحلم بالثراء السريع. قرر أن يستغل طموحه هذا بإقناع أحد الأشخاص، وهو مزارع يبلغ من العمر 42 سنة، بأنه قادر على اكتشاف الكنوز الأثرية المدفونة في الأراضي المحيطة به. لكنه كان بحاجة إلى مساعدة جني لاستخراج هذه الكنوز.
بدأ الدجال في زيارة منزل المزارع لمعاينة المنطقة التي يعتقد أنها تحتوي على الكنز. وخلال إحدى هذه الزيارات، لاحظ الدجال ابنة المزارع، التي تبلغ من العمر 16 سنة. طرأت فكرة على ذهنه، حيث أدعى أن الجن يرغب في معاشرة فتاة لكي يتمكن من فك الطلاسم واكتشاف مكان الكنز. وبدأ في إقناع والدها بأنه يجب أن يقدم ابنته كقربان للجن، وأن يسمح للدجال بأن يستغل جسدها لتحقيق هذا الهدف.
بالطبع، كان هذا القرار غير مقبول وغير أخلاقي، ولكن المزارع وافق على طلب الدجال دون تفكير بعقلانية وتم تنفيذ الخطة، حيث قام الدجال بادعاء استحضار الجن وبدأ في أداء طقوس غامضة أمام صاحب المنزل.
بعد انتهاء الدجال من مهمته، غادر المنزل. وفيما بعد، اعترف الأب لزوجته بما حدث، أي أن الدجال اغتصب ابنتهما، تفاجأت الأم وغضبت للغاية، وقررت أن تأخذ الأمر إلى الشرطة. توجهت إلى قسم الشرطة وقدمت بلاغًا بالواقعة.
تم تشكيل فريق بحث للتحقيق في الحادثة، وتمكنوا من العثور على الدجال واعتقاله. اعترف الدجال بجريمته وأقر بأنه استغل الفتاة بهدف استحضار الجن وتحقيق أهدافه غير القانونية. تم توجيه التهم المناسبة له وأحيل إلى المحكمة لمحاكمته بتهمة اغتصاب قاصر وممارسة الدجل والشعوذة.
هذه القصة تسلط الضوء على خطورة النصب والاحتيال والاستغلال، وتذكرنا بأهمية الحذر والوعي في التعامل مع الآخرين. يجب أن نكون حذرين ونتجنب الوقوع في فخ الأشخاص الذين يستغلون طموحاتنا ويعدون بأشياء غير قانونية أو غير أخلاقية. كما يجب علينا التعاون مع السلطات لكشف ومحاسبة المجرمين وحماية الضحايا من الاعتداءات والاستغلال.