زعيم كوريا الشمالية بثير التكهنات حول حرب نووية مع الجار الجنوبي
أثارت تصريحات الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للجار الجنوبي وحلفائه، التكهنات حول إجراء تجارب صاروخية جديدة، وتوسيع بيونغ يانغ قدراتها النووية وترسانتها من أسلحة الدمار الشامل، التوترات في شبه الجزيرة الكورية، وفق ما ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
وبحسب المقال الذي نشرته المجلة، تساءل الكاتب “سو مي تري”؛ عن "أسباب تكثيف بيونغ يانغ لخطابها واستفزازاتها العسكرية، وما إذا كان ذلك سعيا من الرئيس كيم لحماية نظامه، أو إذا كان يخطط لهجوم وشيك ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة".
وتطرق المقال إلى تحذيرات كل من روبرت كارلين، الرئيس السابق لقسم شمال شرق آسيا في مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية، وسيغفريد هيكر، المدير السابق لمختبر لوس ألاموس الوطني، من أن "كيم اتخذ قرارًا استراتيجيًا بالذهاب إلى الحرب "، وأن "الخطر يتجاوز بكثير التحذيرات الروتينية في واشنطن وسيول وطوكيو بشأن استفزازات بيونغ يانغ".
وقال إن "كيم يدرك أن حربًا كبرى مع كوريا الجنوبية من شأنها أن تجذب الولايات المتحدة، وأنها بالتأكيد تعني نهاية نظامه"، مشددا على أن "الخطر في تصريحات بيونغ يانغ لا يكمن في أن كوريا الشمالية ستبدأ الحرب عمدًا، بل في تهديداتها وأعمالها العدوانية، بما في ذلك إطلاقها الصواريخ على المياه الكورية الجنوبية، وإرسال طائرات دون طيار نحو جزرها، وانتهاك الحدود في البحر الأصفر".
وحذر من أن "كيم يمكن أن يبدأ الحرب مع كوريا الجنوبية من خلال إثارة الانتقام، وأنه لضمان عدم حدوث ذلك، واستمرار السلام في شبه الجزيرة الكورية، فإنه يتعين على واشنطن وسيول إرسال إشارة لا لبس فيها لبيونغ يانغ عن القوة العسكرية لسيول وواشنطن".
ما الجديد في تهديدات الزعيم الكوري الشمالي؟
حسب الكاتب، فإن الجديد في التهديدات أن "كيم ذهب إلى أبعد من المعتاد في خطاب ألقاه أمام مجلس الشعب الأعلى، في 15 يناير، عندما أعلن أن كوريا الجنوبية هي الدولة الأكثر عدائية في العالم بالنسبة لبيونغ يانغ، وأن الحرب معها أمر لا مفر منه، كما تعهد كيم بإعادة كتابة دستور كوريا الشمالية، ودعا إلى تدمير خط السكك الحديدية غير المستخدم عبر الحدود والنصب التذكاري الضخم المكون من تسعة طوابق الذي بناه والده رمزا للوحدة بين الكوريتين".
وأفاد بأن "تعليمات كيم للمؤسسة العسكرية بالاستعداد لمواجهة مع العدو ولحدث عظيم لقمع كامل أراضي كوريا الجنوبية، لن يؤدي إلى السلام في شبه الجزيرة الكورية"، منوها إلى أنه "منذ 2018، قبلت بيونغ يانغ بالحدود البحرية بينها وبين كوريا الجنوبية، التي رسمتها الأمم المتحدة في نهاية الحرب الكورية، لكن كيم أعلن أن هذه الحدود غير قانونية، وأكد مطالبات كوريا الشمالية الإقليمية في المنطقة، ما يزيد من خطر الاشتباكات مع الجنوب".
وأوضح أن "هذا التحذير لا يزال غير واضح، وقد رفضته سيول باعتباره نوعا من الحرب النفسية، لكن تجاهل هذه التحذيرات قد يكون مبررًا لمزيد من الاستفزازات من جانب كوريا الشمالية".
3 تفسيرات محتملة للتغيير في لهجة كيم وسياسته!
يرى كاتب المقال أن "هناك ثلاثة تفسيرات محتملة للتغيير في لهجة كيم وسياسته، أولها أن هذا التغيير في السياسة كان مدفوعا برغبة كيم تبرير استخدام الأسلحة النووية في صراع مستقبلي، أما ثاني هذه التفسيرات فهو أن التغيير في موقف كيم يشكل وسيلة لتطبيع العلاقات من خلال التعامل مع كوريا الجنوبية باعتبارها مجرد دولة أجنبية أخرى، لكن قرار كيم بقطع جميع الروابط مع الجنوب يجعل هذا التفسير غير مرجح، أما التفسير الثالث هو أن هذا التغيير تم إجراؤه لتبرير عدوان أكبر على الجنوب".
وشدد على أنه "مع ذلك، فإنه يتعين على واشنطن وسيول وطوكيو أن تأخذ كلمات كيم على محمل الجد، حيث تظل دوافعه غير واضحة ومن الضروري الاستعداد لأي شيء قد يفعله"، لافتا إلى أن "المنافسة الأميركية الصينية والغزو الروسي لأوكرانيا أديا إلى تعاون أكبر بين بكين وموسكو وبيونغ يانغ، نتيجة لهذا فإن روسيا والصين ترفضان العمل مع الولايات المتحدة لفرض أو تنفيذ العقوبات على كوريا الشمالية، ما يعني أن تصرفات بيونغ يانغ الاستفزازية أصبحت الآن لها عواقب أقل، ما يترك للنظام حرية زيادة كمية ونوعية صواريخه".
وأشار إلى أنه "من المرجح أن تنضم بيونغ يانغ إلى جهود الصين وروسيا للتدخل في انتخابات الدول المتنافسة، خاصة في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وقد وجدت دراسة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن كوريا الشمالية تقوم بأكثر من أربعة أضعاف عدد الاستفزازات التي تنفذها خلال سنوات الانتخابات الأمريكية مقارنة بالسنوات الأخرى".
ولفت الكاتب إلى أنه "قد يكون لدى كيم حافز لإثارة المشاكل للرئيس الأمريكي على أمل تأمين عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض، وهي نتيجة قد يراها كيم إيجابية نظرا لإعجاب ترامب الصريح بكيم، وتهديدات ترامب المتكررة بسحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية".
وأكد أنه "لا يزال من المشكوك فيه أن يشن كيم هجومًا نوويًا على الجنوب، الذي من المرجح أن يؤدي إلى تدمير كوريا الشمالية على يد الولايات المتحدة، بدلا من ذلك ربما يرتكب كيم استفزازا أو ينصب فخا لاستدراج كوريا الجنوبية إلى صراع تقليدي محدود بين البلدين، وقد يميل إلى تصعيد التوترات لمواصلة الضغط على كوريا الجنوبية، أو لتمهيد الطريق للمفاوضات إذا فاز ترامب بالرئاسة، أو لحشد الشعب خلف نظامه".
ونوه إلى أن "كيم تعلم أن عواقب سوء السلوك قليلة وأن المكافآت المحتملة كثيرة، وأنه رغم وجود أسباب عديدة تدعو إلى القلق، فإن كيم يظل لاعبًا عقلانيًا يدرك أنه لا يمكن لأي بلد أن يفوز في حرب نووية، وحتى لو عاد ترامب للبيت الأبيض، فإن بيونغ يانغ ستواجه خطرًا وجوديًا إذا شنت هجومًا كبيرًا على كوريا الجنوبية".
وأنهى الكاتب مقاله بالقول إنه "في غضون ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تستمر في تعزيز قدراتها العسكرية وتحالفاتها لردع كوريا الشمالية، وسيكون نجاح بايدن في تعزيز تعاون أكبر بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان أمرا حيويا في هذا الجهد، وعلى واشنطن تعميق وتوسيع هذا التحالف ليشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية والدفاع الصاروخي لردع بيونغ يانغ"، منوها إلى أن "القوة الأمريكية في شبه الجزيرة الكورية حافظت على السلام لأكثر من 70 عامًا، وأنه لا يوجد سبب يمنعها من الاستمرار في القيام بذلك".