"قسم الجمالية الأثري".. خسائر كبرى قد تواجه وزارة الآثار بعد فتوى مجلس الدولة
يُعد قسم شرطة الجمالية أحد الآثار الهامة في شارع بيت القاضي بالجمالية، وقد تسلمت وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار المبنى من وزارة الداخلية في عام 2016م، في تعاون مثمر بين الوزارتين.
ووفقًا للقانون قام المجلس الأعلى للآثار بتعويض وزارة الداخلية بمبنى آخر وأرض في منطقة الدراسة ليكون بديلًا عن المبنى الأثري بتكلفة وصلت إلى 80 مليون جنيه.
مصدر يكشف عن مفاجأة
ثم كشف مصدر من داخل المجلس الأعلى للآثار في تصريحات إلى الفجر، عن مفاجأة جديدة وهي أن المجلس بعد بدء إجراءات الترميم في مبنى القسم، ظهر ورثة الأمير ذو الفقار كتخدا منشئ المبنى، والحاصلين على أحكام قضائية منذ عام 1977م بأحقيتهم في المبنى وأنه على وزارة السياحة والآثار تعويض هؤلاء الورثة.
وطلب المجلس الأعلى للآثار الفتوى من مجلس الدولة بخصوص هذا الشأن، فصدرت الفتوى رقم 344 - ملف رقم 58/1/540 بتاريخ جلسة 13 يناير 2021؛ حيث ألزمت المجلس الأعلى للآثار الذي طلب الفتوى، بتعويض من صدر لصالحهم بالنسبة إلى جزء الأرض المقام عليها قسم الجمالية القديم وفقا لأحكام القانون رقم (117) لسنة 1983 قانون حماية الآثار،
وبناء على ما انتهت إليه هذه الفتوى فسوف يتم تعويض ورثة المالك الأصلي بمبلغ مالي وفقًا لأسعار السوق حاليًا، إضافة إلى أن إجراءات الترميم التي توقفت منذ 5 سنوات إذا أراد المجلس استئنافها فسوف يتكلف سعر مضاعف عما كان سيتكلفه منذ أعوام بسبب فارق الأسعار.
وأوضح المصدر أنه بناء على ذلك فسيكون على المجلس الأعلى للآثار بعد أن قام بتعويض وزارة الداخلية بقطعة أرض في الدراسة شارع المنصورية، بالإضافة إلى أن تكلفة إنشاء المبنى تحملها المجلس الأعلى للآثار، أنه سيتكلف أيضًا تعويض ورثة ذو الفقار كتخدا بثمن الأرض التي آلت إليهم بناء على فتوى مجلس الدولة والتي طلبها المجلس الأعلى للآثار للاستفسار عن موقفه القانوني.
وشدد المصدر على أنه كان يجب على منطقة آثار الجمالية أن تقوم بعمل بحث ملكية، حتى تتعرف على الملاك الأصليين، بحيث يكون الأمر واضحًا لا أن يظهر بعد سنوات ملاك أصليين ويطالبون بتعويض آخر، بخلاف الوقت الذي تم إهداره جراء إيقاف عملية ترميم المبنى.
نص فتوى مجلس الدولة
“السيد الأستاذ الدكتور/ وزير السياحة والآثار، تحية طيبة، وبعد، فقد اطلعنا على كتابكم رقم (3232) المؤرخ 12/5/2019، بشأن تحديد الجهة الملزمة بتنفيذ الحكم الصادر فى الاستئنافين رقمى (133)، و(135) لسنة 78 ق، لصالح ورثة/ الأمير ذو الفقار كتخدا فى استرداد الأرض الخاصة بحارة المبيضة بالجمالية، والأرض الخاصة بقسم الجمالية فى ضوء ما انتهت إليه فتويا مجلس الدولة رقما (5) فى 2/1/2018، و(64) فى 27/6/2018”.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق– أن السيد/ محمد محمد عبدالله القاويش أقام الدعوى رقم (193) لسنة 1956 أمام محكمة القاهرة الابتدائية (الدائرة 19 كلى للأحوال الشخصية والوقف) ضد (وزير الأوقاف- بصفته- وآخرين) طالبا الحكم بتسليمه نصيبه فى وقف/ ذو الفقار كتخدا ومقداره (4،5) قراريط من (24) قيراطًا فى العقار الموضح بحجة الوقف الصادرة من محكمة الصالحية بمصر عامى (1085، و1086ه)، وقد توفى المذكور أثناء سير الدعوى، وحل محله ورثته وهم أبناؤه (مصطفى ومسعد ومحمد ورياض وأسماء وقدرية)، وبجلسة 25/6/1961 حكمت المحكمة باستحقاقهم لمقدار أربعة قراريط ونصف من أربعة وعشرين قيراطًا ينقسم إليها فاضل ريع الوقف موضوع الدعوى، تقسم بينهم هذه الحصة قسمة الميراث للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وأمرت المدعى عليهم بعدم التعرض لهم فى ذلك، وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا– محمولا على أسبابه– بموجب الحكم الصادر بجلسة 15/2/1962 فى الاستئنافين رقمى (133، و135 لسنة 78ق) من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 14 للأحوال الشخصية)، ولما كانت أراضى الوقف المشار إليها مقام عليها (سبيل أوده باشى) والمسجل أثر بموجب القرار الوزارى رقم (10357) لسنة 1951، وكذا (قسم الجمالية القديم) والمسجل أثر بموجب القرار الوزارى رقم (157) لسنة 2009، فقد تقدم ورثة/ الأمير ذو الفقار كتخدا بطلب للمجلس الأعلى للآثار بتاريخ 9/8/2016 لاسترداد الأراضى المشار إليها أو تقدير التعويض المناسب".
وذلك تنفيذا للحكم المذكور آنفا، وبناء عليه تم عرض الموضوع على إدارة الفتوى لوزارات الثقافة والإعلام والسياحة والقوى العاملة، والتى انتهت بفتواها رقم (5) الصادرة بتاريخ 2/1/2018 إلى ( ثبوت ملكية كل من/ مصطفى ومسعد ومحمد ورياض وأسماء وقدرية أولاد/ محمد محمد عبدالله القاويش وورثتهم كل حسب نصيبه الشرعى للحصة المحكوم لهم بها بموجب حكم محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 14 للأحوال الشخصية) الصادر بجلسة 15/2/1962 فى الاستئنافين رقمى (133، و135 لسنة 78 ق).
وكذا أحقيتهم فى صرف تعويض وفقا لأحكام قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983، وذلك فى حدود الحصة المشار إليها ومقدارها أربعة قراريط ونصف قيراط من أربعة وعشرين قيراطًا من أعيان وقف الأمير ذو الفقار كتخدا وفقا للحدود والمعالم الواردة فى الحكم المشار إليه، على أن يقسم بينهم كل حسب نسبة نصيبه الشرعى).
ثم طلب المجلس الأعلى للآثار من إدارة الفتوى المختصة إبداء الرأى القانونى بخصوص آلية وإجراءات تحديد التعويض (المنوه به بإفتائها السابق) وكيفية صرفه لمستحقيه حسب الأنصبة الشرعية، وقد انتهت بفتواها رقم (64) الصادرة بتاريخ 27/6/2018 إلى (التزام الجهة الإدارية طالبة الرأى بما انتهت إليه بفتواها رقم (5) الصادرة بتاريخ 2/1/2018– ملف رقم (26/3/1318)، وأن صرف التعويضات للمعروضة حالاتهم يكون وفقا للأحكام والقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم (712) لسنة 2010 وفقا لتقدير اللجنة المشكلة لهذا الغرض) وفى ضوء ماتقدم ولكون الحكمين الابتدائى والاستئنافى قد صدرا ضد وزارة الأوقاف – حسبما سلف البيان– وليس فى مواجهة مصلحة الآثار أو هيئة الآثار (آنذاك) فقد أثير التساؤل حول تحديد الجهة الملزمة بتنفيذ الأحكام الصادرة لصالح ورثة/ الأمير ذو الفقار كتخدا، لذا طلبتم عرض الموضوع الماثل على الجمعية العمومية.
ونُفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 13 من يناير عام 2021م الموافق 29 من جمادى الأولى عام 1442هـ، فتبين لها أن المادة (2) المرسوم بقانون رقم (180) لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات– المعدلة بموجب القانون رقم (342) لسنة 1952- تنص على أن: “يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصا لجهة من جهات البر”. وأن المادة (1) من القانون رقم (55) لسنة 1960 بشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف تنص على أنه: “استثناء من أحكام المادة 836 من القانون المدني والمادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 تتولى وزارة الأوقاف بناء على طلب أحد ذوي الشأن قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف طبقا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 كما تتولى الوزارة في هذه الحالة فرز حصة الخيرات الشائعة في تلك الأعيان، وتجرى القسمة في جميع الأنصبة ولو كان الطالب واحدا”.
وتنص المادة (2) منه – والمعدلة بموجب القانون رقم (27) لسنة 1974– على أن: “تختص بإجراء القسمة لجنة أو أكثر، يصدر بتشكيلها ومكان انعقادها قرار من وزير الأوقاف، برياسة مستشار مساعد بمجلس الدولة يندبه رئيس المجلس وعضوية قاض يندبه وزير العدل وأحد العاملين بوزارة الأوقاف أو هيئة الأوقاف المصرية لا تقل فئته الوظيفية عن فئات المستوى الثاني”، وتنص المادة (12) منه على أن: “تعتبر القرارات النهائية للجان القسمة بمثابة أحكام مقررة للقسمة بين أصحاب الشأن وتشهر في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بناء على طلب وزارة الأوقاف أو أحد ذوي الشأن”.
كما تنص المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968م على أن: “الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية…”. كما تبين لها أن المادة (2) من مواد إصدار قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983 المُعدل بالقانونين رقمى (3) لسنة 2010، و(91) لسنة 2018 تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون والقانون المرافق، يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: الوزير: الوزير المختص بشئون الآثار، الوزارة: الوزارة المختصة بشئون الآثار، المجلس: المجلس الأعلى للآثار… الموقع الأثري: كل موقع تتقرر أثريته طبقا لأحكام هذا القانون.
الأثر العقاري: الأثر المتصل بالأرض ولا يمكن نقله”، كما تنص المادة (4) من القانون المشار إليه على أن: “المباني الأثرية هي المباني التي سجلت بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون، أو التي يصدر بتسجيلها قرار باعتبارها أثرا وفقا لأحكام هذا القانون، ويجوز للمجلس، متى كان للدولة مصلحة قومية في ذلك يقدرها مجلس الإدارة، أن يقوم بتوفيق أوضاع المستأجرين للأماكن الأثرية التي لم يتقرر نزع ملكيتها وإنهاء العلاقة الإيجارية خلال عام من تاريخ الإجراء الذي يصدر لتوفيق الأوضاع، وذلك بإيجاد أماكن بديلة لهم، أو تعويضهم تعويضا عادلا.”، وأن المادة (5) منه تنص على أن: “… يتولى المجلس دون غيره شئون الآثار وكل ما يتعلق بها…”، وأن المادة (6) منه تنص على أن: “تعتبر من الأموال العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضي التي اعتبرت أثرية عدا ما كان وقفًا أو ملكًا خاصًّا فيجوز تملكه وحيازته والتصرف فيه فى الأحوال والشروط المنصوص عليها فى هذا القانون ولائحته التنفيذية”، وأن المادة (8) منه تنص على أن: “يحظر الاتجار في الآثار. وفي حالات الملكية الخاصة وفقا لأحكام هذا القانون أو الحيازة القائمة قانونا وقت العمل بهذا القانون أو التي تنشأ وفقا لأحكامه لا يجوز لمالك أو حائز الأثر التصرف فيه للغير أو إتلافه أو تركه… ويكون للمجلس في جميع الأحوال أولوية الحصول على الأثر من مالكه أو حائزه مقابل تعويض عادل…”، وأن المادة (12) منه تنص على أن: “يتم تسجيل الأثر العقاري بقرار من الوزير… وينشر في الوقائع المصرية…”، وأن المادة (13) منه تنص على أنه: “مع عدم الإخلال بحق مالك الأثر في التعويض العادل يترتب على تسجيل الأثر العقاري وإعلان المالك بذلك طبقا لأحكام المادة السابقة الأحكام الآتية:
- عدم جواز هدم العقار كله أو بعضه أو إخراج جزء منه من جمهورية مصر العربية.
- عدم جواز نزع ملكية الأرض أو العقار أو الحرم لصالح أي جهة عدا المجلس، وذلك بعد موافقة الوزير بناء على اقتراح مجلس الإدارة وبعد موافقة اللجنة المختصة.
- عدم جواز ترتيب أي حق ارتفاق للغير على العقار.
- عدم جواز تجديد العقار أو تغيير معالمه على أي وجه إلا بترخيص…” وأن المادة (25) منه تنص على أن: “يتولى تقدير قيمة التعويض المنصوص عليه في المواد: (4، 8، 13…) من هذا القانون لجنة تشكل بقرار من الوزير يمثل فيها مجلس الإدارة، ولذوي الشأن التظلم من تقدير اللجنة إلى الوزير خلال ستين يوما من تاريخ إبلاغهم بكتاب موصى عليه مصحوبا بعلم الوصول بقيمة التعويض، وإلا أصبح التقدير نهائيا، ولا تجوز المنازعة في قيمة التعويض بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة التقدير نهائيا، وفي جميع الأحوال، تتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليها”. وأن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم (82) لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار تنص على أن: “تنشأ هيئة عامة قومية تسمى “المجلس الأعلى للآثار” تكون لها الشخصية الاعتبارية، ومقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الآثار”، وقد صدر القرار الوزارى رقم (10357) لسنة 1951 بتسجيل (سبيل أوده باشى) أثرا وقد نشر بالوقائع المصرية– العدد رقم (115)– بتاريخ 17/12/1951، كما صدر القرار الوزارى رقم (157) لسنة 2009 بتسجيل قسم الجمالية (ميدان بيت القاضى– محافظة القاهرة) وقد نشر بالوقائع المصرية– العدد رقم (30)- بتاريخ 7/2/2010.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- ومما هو مقرر قضاء- أن المشرع قد ناط بالقانون رقم (55) لسنة 1960 المشار إليه، بهيئة الأوقاف فرز وتعيين حصة الخيرات الشائعة فى الأوقاف التى انتهت بحكم القانون رقم (180) لسنة 1952 المشار إليه، إما بنفسها بموجب قرار إدارى منها، وإما باللجوء إلى لجنة القسمة باعتبارها من ذوى الشأن، كما أن لذوى الشأن من المستحقين في هذه الأوقاف أو غيرهم طلب قسمة الأعيان الموقوفة من لجنة القسمة، ولا يجوز لأى من المستحقين فى الوقف الأصلى المشمول بحصة الخيرات الادعاء بالملكية فى هذا الوقف إلا بالقدر الذى يتبقى له بعد استنزال حصة الخيرات وإفرازها، وله فى ذلك اللجوء إلى لجان القسمة المشكلة لهذا الغرض بوزارة الأوقاف لفرز حصته وتجنيب حصة الخيرات بقصد التيسير على المستحقين في الوصول إلى حقوقهم وتجنيبهم إجراءات التقاضي المعتاد وما يتفرع عنها من منازعات وخصومات، بحيث تعتبر القرارات النهائية للجان القسمة المشار إليها بمثابة أحكام مقررة للقسمة بين أصحاب الشأن وفقا للمادة (12) من القانون السالف، ومن ثم فإن هذه القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة-
وفى حدود اختصاصها- تكون لها قوة الأمر المقضى بما لا يجوز معه للخصوم العودة إلى مناقشة ما فصلت فيه فى أية دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أمام اللجنة، ويحوز القرار فى هذا الخصوص حجية تعصمه من محاولات النيل منه.
كما استظهرت الجمعية العمومية– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن المشرع منح الأحكام القضائية القطعية جميعها حجية لا تقبل الدحض ولا تتزحزح عمّا فصلت فيه من الحقوق، فيما بين الخصوم، وبالنسبة إلى هذه الحقوق ذاتها محلا وسببًا إلا من خلال طريق من طرق الطعن المقررة قانونًا، مع مراعاة اختلاف نطاق الحجية فيما بين هذه الأحكام، وعلى ذلك فإن الأحكام القضائية القطعية النهائية الصادرة عن المحاكم على اختلاف درجاتها تفرض نفسها عنوانًا للحقيقة، ويلزم تنفيذها على الأساس الذى أقام عليه الحكم قضاءه وبالمدى الذى عينه الحكم، فيجب أن يكون التنفيذ موزونًا بميزان القانون من جميع النواحى والآثار، حتى تُعاد الأمور إلى نصابها القانوني الصحيح وصولا إلى الترضية القضائية التى ينشدها من يلجأ إلى القضاء، وأن تنفيذ الحكم عينا أو تنفيذه بطريق التعويض قسيمان متكافئان قدرا ومتحدان موضوعا يندمج كل منهما في الآخر ويتقاسمان معا تنفيذ الالتزام الأصلي.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن المشرع فى قانون حماية الآثار المشار إليه عهد إلى المجلس الأعلى للآثار- دون غيره- الاختصاص بشئون الآثار، وأن المشرع فرض حماية خاصة على العقارات المسجلة أثرا، بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار الحالى سالف البيان، إذ إنها تُعدُّ كأصل عام- عدا ما كان منها وقفًا، أو ملكًا خاصًّا- من الأموال العامة المملوكة للدولة التي لا يجوز تملكها، أو حيازتها، أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها فى قانون حماية الآثار المُشار إليه، وهو ما يتعين معه على جميع سلطات الدولة الالتزام به. وأنه وبمجرد تسجيل العقار أثرا بقرار من الوزير المختص ونشره فى الوقائع المصرية يمتنع على مالكه بعد إعلانه به هدمه أو تغيير معالمه دون ترخيص، كما لايجوز نزع ملكيته إلا لصالح المجلس الأعلى للآثار ولا يجوز لمالك أو حائز الأثر التصرف فيه للغير بحيث يكون للمجلس الأعلى للآثار في جميع الأحوال أولوية فى الحصول على ذلك الأثر من مالكه أو حائزه مقابل تعويضه عنه على نحو عادل تقدره لجنة تشكل بقرار من الوزير المختص، ويحق لذوى الشأن التظلم من قرارها فى هذا الخصوص وصولا إلى تقديره على نحو نهائى.
كما استظهرت الجمعية العمومية– من سابق إفتائها– عدم ملاءمة التصدي لمنازعات انعقدت بشأنها خصومة قضائية والتى تعد عملا قانونيا مركبا من حيث أشخاصها، فلا ينفرد شخص واحد بها بل يشترك فيها مجموعة من الأشخاص هم الخصوم من ناحية والقاضي وأعوانه من ناحية أخرى، ودون أن يغير مما تقدم ما إذا كانت الخصومة القضائية مطروحة أمام محكمة بالمعنى الضيق أم أمام لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي باعتبار أن الخصومة في جميع الأحوال تكون مطروحة على القضاء في إحدى مراحلها والتي تنتهي كقاعدة بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن ورثة السيد/ محمد محمد عبدالله القاويش وهم أبناؤه (مصطفى ومسعد ومحمد ورياض وأسماء وقدرية) قد صدر لصالحهم حكم فى الدعوى رقم (193) لسنة 1956 المقامة من مورثهم أمام محكمة القاهرة الابتدائية (الدائرة 19 كلى للأحوال الشخصية والوقف) ضد (وزير الأوقاف– بصفته- وآخرين) بجلسة 25/6/1961 باستحقاقهم لمقدار أربعة قراريط ونصف من أربعة وعشرين قيراطًا ينقسم إليها فاضل ريع الوقف موضوع الدعوى (فى العقار الموضح بحجة الوقف الصادرة من محكمة الصالحية بمصر عامى (1085، و1086ه) تقسم بينهم هذه الحصة قسمة الميراث للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وأمرت المدعى عليهم بعدم التعرض لهم فى ذلك، وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا– محمولا على أسبابه– بموجب الحكم الصادر بجلسة 15/2/1962 فى الاستئنافين رقمى (135 و133 لسنة 78 ق) من محكمة استئناف القاهرة ( الدائرة 14 للأحوال الشخصية )، ولما كانت أراضى الوقف المشار إليها مقام عليها (سبيل أوده باشى)– بحارة المبيضة- والمسجل أثرًا بموجب القرار الوزارى رقم (10357) لسنة 1951، وكذا (قسم الجمالية القديم) والمسجل أثرًا بموجب القرار الوزارى رقم (157) لسنة 2009، فقد تقدم ورثة/ الأمير ذوالفقار كتخدا بطلب للمجلس الأعلى للآثار بتاريخ 9/8/2016 لاسترداد الأراضى المشار إليها أو تقدير التعويض المناسب؛ وذلك تنفيذا للحكم المذكور آنفا، ومقتضى هذا الحكم هو ( ثبوت ملكية كل من/ مصطفى ومسعد ومحمد ورياض وأسماء وقدرية أولاد/ محمد محمد عبدالله القاويش وورثتهم، كل حسب نصيبه الشرعى للحصة المحكوم لهم بها بموجب حكم محكمة استئناف القاهرة ( الدائرة 14 للأحوال الشخصية) الصادر بجلسة 15/2/1962 فى الاستئنافين رقمى ( 135،133 لسنة 78 ق)، وكذا أحقيتهم فى صرف تعويض وفقا لأحكام قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983، وذلك فى حدود الحصة المشار إليها ومقدارها أربعة قراريط ونصف قيراط من أربعة وعشرين قيراطًا من أعيان وقف الأمير ذو الفقار كتخدا وفقا للحدود والمعالم الواردة فى الحكم المشار إليه، على أن يقسم بينهم كل حسب نسبة نصيبه الشرعى)، وبالنظر إلى أنه وبالرغم من كون الحكم المشار إليه قد صدر ضد وزارة الأوقاف- حسبما سلف البيان– وليس فى مواجهة مصلحة الآثار أو هيئة الآثار (آنذاك) إلا أنه، ومن ناحية أخرى ولما كان قسم الجمالية القديم مقامًا على جزء من الأرض وقد تم تسجيله أثرا عقاريا بموجب القرار الوزارى رقم (157) لسنة 2009 المنوه به سلفا،
فمن ثم أصبح خاضعا لولاية وإشراف المجلس الأعلى للآثار بما يعنى أنه المنوط به إعمال مقتضى الحكم المشار إليه بالتعامل مع من صدر لمصلحتهم بوصفهم مالكين أعلن ملكهم أثرا وما يستتبعه ذلك من تعويضهم عن عدم تسليمهم الأرض المشار إليها بما عليها من أثر– الصادر بشأنها الحكم المشار إليه- وفقا للإجراءات والقواعد والضوابط المقررة وفقا لأحكام قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم (117) لسنة 1983، وأما بالنسبة لسبيل أودة باشى والمقام على الجزء الآخر من الأرض محل الحكم المشار إليه، فإنه ولما كان الثابت من مطالعة المذكرة المعدة بمعرفة مدير عام مناطق آثار الجمالية بتاريخ 26/8/2020 الموجهة إلى السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أنها تضمنت الإشارة إلى أن السبيل المشار إليه والواقع على رأس حارة المبيضة مع شارع الجمالية ليس مملوكا لوزارة الآثار ولكنه تابع للجنة القسمة بوزارة الأوقاف كوقف خيرى، وأنه منظور بشأنه مادة وقف ومازالت متداولة أمامها، وأنه متى كانت هذه اللجنة ذات اختصاص قضائى تصدر أحكاما مقررة القسمة بين الخصوم الماثلين أمامها وعلى نحو تحسم بها نزاعاتهم لديها، فقد أضحى لزاما عدم ملاءمة إبداء الرأى القانونى فيما يتعلق بهذا الجزء من الأرض كونه مطروحا فى خصومة قضائية أمام اللجنة المشار إليها.
ما انتهت إليه الفتوى
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أولًا: أن المجلس الأعلى للآثار هو المنوط به إعمال مقتضى تنفيذ الحكم الصادر فى الاستئنافين رقمى (135 و133 لسنة 78 ق) بطريق التعويض لمن صدر لصالحهم بالنسبة إلى جزء الأرض المقام عليها قسم الجمالية القديم وفقا لأحكام القانون رقم (117) لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار، وعلى النحو المبين بالأسباب.
ثانيًا: عدم ملاءمة إبداء الرأى بشأن جزء الأرض المقام عليها سبيل أوده باشى لنظر نزاع بشأنها أمام لجنة القسمة بوزارة الأوقاف.
تاريخ قسم الجمالية
يرجع تاريخ انشاء مبنى قسم شرطة الجمالية إلى عهد الخديوى اسماعيل الذى حكم البلاد من عام 1863م إلى 1897م ليكون مجلسا للقضاء واصدار الأحكام،وفى عام 1884م انتقل مجلس القضاء من مبناه بالجمالية إلى المبنى الحالى بباب الخلق ليعرف بعد ذلك بأسم محكمة الأستئناف حمل بعدها المبنى بالجمالية لافتة " قسم بوليس الجمالية ".
يذكر على مبارك فى الخطط التوفيقية ان الخديوى اسماعيل حين شرع فى فتح شارع بيت القاضى اكتشف بقايا سور ضخم لقصر الزمرد الفاطمى فأخذت احجاره لبناء مجلس القضاء ولبناء قسم بوليس السيده زينب الحالى بميدان السيدة زينب. وقد عرف قسم بوليس الجمالية " بثمن الجمالية " وهى تسمية ترجع إلى عهد محمد على باشا الذى قام فى عام 1830م بتقسيم المدينة إلى ثمانية اقسام بكل ثمن قسم للبوليس. اما لفظ قراقول أو كراكون كما تسميه العامة الذى ارتبط بقسم البوليس فهو لفظ تركى مركب من قره بمعنى البر وقول بمعنى الفرقة اى حرس البر والمراد به تجمع واقامة العسكر.
ظل المبنى يحمل لافتة " قسم بوليس الجمالية "حتى عام 1959م ليعرف بعدها " بقسم شرطة الجمالية " لتصير كلمة الشرطة هى المتداولة بين الناس