خيارات صعبة التضخم أم تحرير سعر الصرف..ماذا ستفعل الحكومة مع صندوق النقد؟

الاقتصاد

مفاوضات شاقة بين
مفاوضات شاقة بين الحكومة المصرية وصندوق النقد

تتواصل مطالبات الحكومة المصرية من قبل صندوق النقد الدولي، وعدد من رجال الأعمال بضرورة تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار؛ في الوقت الذي تواجه فيه أزمة نقص حاد في العملة الصعبة، إلا أنه ينظر له أنه سيكون خيارا صعبا أمام الحكومة لما سيتبعه من تبعات تضخمية شديدة لن تقدر في السيطرة عليها، وهو ما يجعلها في موقف اقتصادي شديد الصعوبة بين تفضيل السيطرة على التضخم أم تحرير سعر الصرف.

 

يجري صندوق النقد الدولي مراجعه حاليا للاقتصاد المصري تمهيدا لاستكمال صرف شريحة أخرى من قرض الصندوق البالغ 3 مليارات دولار.

 

وتشير مصادر،  إلى توصل الحكومة المصرية لاتفاق مبدئي مع الصندوق  لزيادة قيمة القرض إل ما يتراوح بين و7 مليار جنيه؛  لتقليل التداعيات السلبية على الاقتصاد الناتجة عن توترات السياسية بالمنطقة والحرب على صعيد قطاع غزة الذي أثر سلب على تراجع إيرادات قناة السويس 40 % خلال 2024، وانخفاض تحويلات العاملين بالخارج 30 %، مقابل الالتزام بتطبيق سعر صرف مرن.

 

يري الصندوق بضرورة أن تتبنى الحكومة سعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار للخروج من أزمة نقص العملة الصعبة الحالية، وجعل الاقتصاد أكثر مرونة أمام الصدمات، مع تشديد السياسية المالية والنقدية حسب تصريحات جولي كوزاك المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي.

 

رجال الأعمال يطالبون بتعويم الجينه:

و يؤيد عدد من رجال الأعمال وجهة نظر الصندوق من بينهم رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي يرى أهمية تحرير سعر الصرف حاليا، ومساره بأسعار الدولار بالسوق السوداء بل زيادتها عنها لاجتذاب العملة الصعبة خارج القطاع المصرفي.

 

كما طالب رجل الأعمال ياسين منصور، بضرورة توحيد سعر الصرف والذي لن يتحقق إلا بتعويم سعر صرف الجنيه مقابل الدولار مع امتلاك الحكومة حصلت دولارية لمنع المضاربات على الجنيه التي قد تحدث بعد قرار التعويم، مؤكد أنه لن يحدث غلاء في الأسعار بعد أن أصبحت العديد من السلع تسعر على أساس دولار السوق السوداء.

 

تحرير سعر الصرف ضروري ولكن بشرط؟

ويقول مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بعربية أونلاين، إن الحكومة المصرية مطالبه بالفعل بتطبيق سعر صرف مرن لحل أزمة العملة الصعبة القضاء على السوق السوداء، وهو ما سوف يتبعه تداعيات سلبية على ارتفاع مستويات التضخم ما يتطلب معه إجراء حزمة حماية اجتماعية.

 

وتابع "شفيع" أن قرار سعر الصرف له تأثير على ارتفاع التضخم علي الرغم من تسعير الكثير من السلع على سعر السوق السوداء إلا أنه لا يزال بعض السلع مثل الوقود مسعره على سعر البنوك الحالي،  ولكن أعتبر بالرغم من تبعاته على التضخم لكنه سوف يمكن الحكومة من تدبير العملة الصعبة لسداد الالتزامات الخارجية، وتعزيز موارده الدولارية؛ واجتذاب تدفقات نقدية بالعملة الصعبة من صناديق الاستثمار العربية في برنامج الطروحات الحكومية.

 

ونجحت الحكومة المصرية في إبرام اتفاقيات لبيع عدد من الشركات في برنامج الطروحات الحكومية بقيمة 5 مليارات دولار حتى أغسطس 2023، ومن المتوقع أن توسع البرنامج في 2024 ليشمل 40 شركة في قطاعات الاتصالات والمطارات والبنوك لجمع 5 مليارات دولار حسب تصريحات وزير المالية محمد معيط.

 

وتعطل استكمال بعض الصفقات مع صناديق السيادية للبلدان العربية في إطار برنامج الحكومة لبيع الأصول بسب وجود سعرين للصرف.

 

ولكن حذر "شفيع" في الوقت ذاته من أن تحرير سعر الصرف إذ لم ينتج عنه تدفقات بالنقد الأجنبي قوية لدعم الاقتصاد ستكون انعكاسته سلبية في توغل أكثر للسوق السوداء، وحدوث موجه تضخمية عنيفة.

التضخم أولا:

 

سيطرة البنك المركزي على مستويات التضخم بعد أن شهدت قفزات على أثر خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار ثلاث مرات منذ مارس 2022، ليصل إلى مستويات 34 % حاليا لإجمال الجمهورية مقارنة بأعلى معدلات وصل إليها 41 % بحلول يونيو الماضي.

 

وسبق وأن صرحت كريستالينا جورجيفا  أن الصندوق يستهدف السيطرة على مستويات التضخم بدلا من سعر الصرف.

 

وتستهدف حسب استراتجية التي طرحتها الحكومة لتوجهات الاقتصاد المصري بحلول 2030 مستوى تضخم أساس 5 % بحلول 2030.

تبعات لن يتحملها الاقتصاد إذ تم التعويم:

 

ويري مصطفي بدرة الخبير الاقتصادي، إن اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف وايصال سعر الجنيه مقابل الدولار إلى مستويات مساوية للسوق السوداء أو اعلي منها، يواجه سؤال صعب هو" هل تستطيع تباعاته أن تتحملها قدرة البلاد الاقتصادية؟".  

 

وتابع" بدرة"،  لو تم تعويم الجنيه إلى مستويات 70 جنيها، أو اعلي منها والحصول على تمويلات من صندوق النقد الدولي لن يكفي التزامات البلاد الدولارية خاصة وأنها تحتاج إلى 10 مليار دولار على الاقل خلال عام 2024، مشيرا إلى أن اي تخفيض في الوقت الحالي لن يحقق تدفقات نقدية بالعملة الصعبة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار عالميًا.