"قولوا لأمي ابنك مات راجل".. والدة الشهيد عمر القاضي تكشف عن كواليس اللقاء الأخير

حوادث

الشهيد عمر القاضي
الشهيد عمر القاضي

"يا جدعان والنبي قولوا لأمي ابنك مات راجل وخلي بالكوا منها.. ومتنسونيش يا جدعان وادعولي ربنا يسامحني.. أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله"، بهذه الكلمات استشهد البطل "عمر القاضي"، ابن محافظة المنوفية الذي طلب الشهادة ونالها.

 

 

الشهيد الملازم أول عمر إبراهيم كمال القاضي، صاحب الـ 24 عاما، ابن محافظة المنوفية، استشهد في عملية إرهابية أول أيام عيد الفطر المبارك مع مجموعة من الأبطال فى هجوم إرهابي على كمين البطل 14 بمدينة العريش، شمال محافظة سيناء، بعد رفضه طلب والدته بالمكوث صحبتها، لخوفها عليه.

 

 

 

داخل منزل العائلة بقرية ساقية المنقدي التابعة لمركز أشمون، بمحافظة المنوفية، جلست راندا محمود والدة الشهيد "عمر القاضي"، التي بدأت حديثها عن تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية لها في حفل تكريم أسر الشهداء. 

 

 

عبرت والدة الشهيد عن سعادتها بذلك التكريم: "سعيدة إن الرئيس عبد الفتاح السيسي فاكر ابني عمر رغم انشغاله بمسئولية البلد، وتكريمه له بإطلاق اسمه على دفعة أكاديمية الشرطة 2019، متابعة: الرئيس قال لي إحنا متشكرين ليكي على تربية عمر، وأنا متشكر ليكي على تربيته، أنت زعلانه فقلت له: "أنا فخورة بيه"، فرد الرئيس: "إحنا كلنا فخورين بيه"، مشيرة إلى أن ابنها كان أول من أصيبوا في الكمين 14، وظل يقاتل بعد إصابته في "رجله" حتى استشهد كآخر مقاتل.

 

 

وعن التحاقه بـ "أكاديمية الشرطة" قالت والدة الشهيد: عمر من صغره كان بيطلع الأول على دفعته في المدرسة، وكان عنده إصرار أنه يلتحق بأكاديمية الشرطة قدوة لشقيقه كمال، والتحق بالكلية عام 2013، وقت تخرج دفعة شقيقه كمال، وتوفي والدهما عام 2015، وتخرج من أكاديمية الشرطة عام 2017، وعمل بالعمليات الخاصة، بقطاع الأمن المركزي، وكان "الشهيد أحمد الكبير" قدوته، وأستشهد في حادث الواحات الإرهابي بعد تخرجه بـ 3 شهور.

 

 

وتابعت: "كان من أبرز الحوادث التي أثرت فيه حادث استشهاد اللواء نبيل فراج، وحادث الواحات الإرهابي، وفور تخرجه عمل بمحافظتي القاهرة والجيزة، وفي شهر سبتمبر من العام الماضي انتقل إلى العمل بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، وشارك في العملية الشاملة سيناء 2018، وأصيب بقطع بعقلة أحد أصبع يده اليسرى، وشظية بذراعه، إلا أنه أصر على استكمال مأمورياته في سيناء".

 

 

وأضافت أم الشهيد، أنه قبل السفر في مارس الماضي طلبت منه أن يأخذ إجازة بسبب إصابته لكنه رفض: "لما أخد إجازة وغيري يأخذ إجازة مين اللي هيحمي البلد"، وسافر بعدها، وكانت المرة الثالثة والأخيرة في شهر رمضان: "كنت حاسة أنه هيستشهد لكن مش بالسرعة دي". 

 

 

واستكملت: "الحمد لله قدر ربنا، عمر دائما كان يناديني بأم الشهيد، وحينها كنت أخاف من الكلمة؛ لأنه كان أقرب لي من شقيقه كمال وكان ابني الصغير، فعلى الرغم منه أنه كان صغير لكنه كان راجل وجدع مع أصحابه وبار بأهله، بيصلي كل الصلوات، وعمره ما شرب سيجاره وكان بيروح مستشفي 57 ومستشفي أبو الريش، وبيعمل خير هو وشقيقه، كنت لهما الأم والأب بسبب ظروف عمل والدهما وتأخره خارج البيت.

 

 

 

وأوضحت: "كان بيقولي أنت هتدخلي الجنة، لو استشهدت"، وكنت أرد عليه: "ملكش دعوة في واحد هيدخلني الجنة قبلك" وهو كان ابني الرضيع الذي توفي وعمره عدة أشهر، لكنه كان يرد: "الشهيد حاجة تانية" وكنت أحزن من الكلمة وأقول له: "كل الدنيا إلا أنت يا عمر".

 

 

وعن ظرف استشهاده قالت: "في شهر رمضان قبل استشهاده بأيام كان عمر في إجازته، وكان ما شاء الله شكله أحلى رغم أنه كان وسيم، كنت حاسة بحاجة غريبة وقتها، وطلبت منه ميسافرش العريش وقولت له قولهم ماما تعبانة.. ماما بتموت.. ماما ماتت، لكنه رفض وضحك وقال لي مينفعش والله أنت كويسة أهو، واستكمل مازحا أنت لو عايزاني هتعملي إيه"، فقلت له: "بدخل غرفتك" فرد: "لو دخلتي لقتيني ميت هتعملي إيه"، وقتها سكت وقولت له بعد الشر متقولش كده لا حول ولا قوة إلا بالله ودعيت له.

 

 

وأردفت: "فجر يوم 25 مايو، كان مسافر العريش، وكنت حاسة وقتها إنها آخر مرة أشوفه، وعايزه أطلب منه ميسافرش، لكن الحمد لله قدره، وكنت بكلمه كل يوم، ويوم القبض على هشام العشماوي، قولتله: "قبضوا على هشام العشماوي، ربنا يحفظك، الإرهابيين أكيد هيعملوا عمليات إرهابية".

 

 

وعن يوم استشهاد البطل عمر القاضي قالت والدته: "على غير عادتي، لم أهنئ أحد بعيد الفطر المبارك، وتلقيت مكالمة من شقيقتي قبل يوم العيد لتقل لي كل سنة وأنت طبية، فلم أستطع الرد عليها: "قولت لها الله يكرمك"، وفي يوم استشهاده اتصلت به الساعة 5 فجرا، لكنه لم يرد، ونحو الساعة 7 صباحا شعرت إن الأجواء غريبة.

 

 

واستكملت: "محدش طلع يقول لى كل سنة وأنت طيبة، وحد قطع كابل الانترنت علشان معرفش، والتلفزيون مقفول ونزلت لشقة عمة عمر وجدتهم كلهم لابسين أسود، شعرت إنه مات، ومحدش منهم قالي لأنهم عارفين غلاوته عندي، متابعة: "ربنا يرحمه قدره، قدمت له في النيابة الإدارية؛ علشان كنت خايفة عليه وبلغته بميعاد المقابلة، لكنه لم يحضر المقابلة ورفض ترك عمله بالعمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزي".

 

 

واختتمت والدة الشهيد، بعد مراسم العزاء: أخبرني سمير زميله، بأن عمر قال له قبل استشهاده بيوم خلي بالك من ماما، أنا هستشهد الصبح، قولها متزعليش، وقول لكمال خلي بالك منها، وأنا كلمت كمال وقولت له إشمعنا الصبح، رد عليه أنا حاسس كده".