نائب رئيس البنك الأفريقى : مصر حققت تقدما فى مجال الحكم الرشيد ومناخ الاستثمار

أخبار مصر


اعتبر نائب رئيس البنك الأفريقى للتنمية المهندس على أبو السبع، أن مصر حققت تقدما فى مجال الحكم الرشيد ومناخ الاستثمار، مؤكداً أنه يتطلب منها المزيد من الجهود والإصلاحات.

وقال أبو السبع، الاثنين، إن مصر تساهم فى بنك التنمية الأفريقى منذ إنشائه، حيث إنها ثانى أكبر دولة مؤسسة للبنك الأفريقى بعد نيجيريا، كما أنها أحد أكبر ثلاث دول تقترض من البنك الأفريقى للتنمية مع المغرب وتونس بقيمة إجمالية تصل إلى 5ر4 مليار دولار للدول الثلاث، أكثر من نصفها يخصص لمصر لتمويل قطاع الطاقة الذى يستحوذ على 80 ٪ من إجمالى التمويل المتاح لمصر، بالإضافة إلى قطاعات المياه والصحة والتعليم والقطاع الخاص، فضلا عن المساهمة الكبيرة التى قام بها البنك لإصلاح القطاع المالى المصرى بمبلغ 500 مليون دولار.

وأوضح أن التعاون بين البنك ومصر فى مجال الطاقة كان حتى الآن من خلال مشروعات الطاقة التقليدية ومنها محطة الكريمات الحرارية بطاقة 750 ميجاوات، ومحطة أبو قير البخارية بطاقة 300 ميجاوات، ومحطة السويس الحرارية بطاقة 150 ميجاوات، ومحطة العين السخنة بطاقة 1300 ميجاوات، مضيفا أنه جارى العمل مع وزارة الكهرباء على تصميم وتمويل مشروعات متعلقة بالطاقة الشمسية، حيث أن معدل ساعات سطوع الشمس فى مصر من أعلى المعدلات وهى طاقة متجددة ورخيصة، وأن التكنولوجيا المتعلقة بالطاقة المتجددة بصفة عامة شهدت انخفاضا كبيرا فى التكلفة خلال الـ15 عاما الماضية مما يجعل منها بديلا اقتصاديا جيدا للطاقة التقليدية من غاز وفحم وغيرها.

وأشار إلى أن مصر لها خطة طموحة لإقامة خليط من الموارد المختلفة للطاقة سواء من الرياح أو الشمس أو الفحم أو الغاز الطبيعى أو المحروقات، والبنك الأفريقى للتنمية سيكون شريكا لمصر فى هذا القطاع.

وأضاف على أبو السبع، أن البنك يتعاون مع مصر من خلال استراتيجية يتم وضعها لتغطى فترة تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات تحدد أولوياتها الحكومة المصرية، ويتم على أساسها تقدير الاحتياجات المالية الخاصة، وبموجب هذه الاتفاقات يتم تقديم التمويل سواء من خلال المشروعات أو الدراسات أو من خلال القروض أو المنح حسب طبيعة المشروع.

وأوضح أن مساهمة البنك الأفريقى للتنمية لا تقتصر على التمويل، بل يمتد أيضا إلى الدعم الفنى من خلال العديد من الخبراء فى كل المجالات حيث يلعبون دورا أساسيا مع شركائهم فى الحكومة المصرية فى تصميم المشروعات واختيار الحلول الفنية الأنسب.

كما يقوم البنك بتقديم الدعم الفنى والمالى فى مجال اختيار أفضل ما هو متاح من تكنولوجيا نظيفة، فضلا عن تبادل الخبرات حيث يعمل البنك فى54 دولة افريقية فى مجالات متعددة، وبالتالى فان خبراء البنك يكون لديهم القدرة على تقديم الخبرات فى هذه الدول لتحقيق مزيد من التطوير فى المشروعات الجديدة.

وحول مدى تأثر التعاون بين البنك الأفريقى للتنمية ومصر بالتغييرات التى شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، قال المهندس على أبو السبع، إن هذه التغييرات تحدث فى العديد من الدول سواء فى أفريقيا أو خارجها وهى مرحلة طبيعية، وهى ظروف استثنائية خاصة تؤثر على الاستثمار الداخلى والخارجى وعلى التعاون بين الدول وشركائها فى التنمية، وكان من الطبيعى أن يحدث فى الفترة الماضية نوع من الانحصار لهذا التعاون نتيجة اختلاف أولويات المرحلة ولكن مصر شريك أساسى للبنك الإفريقى للتنمية.

وأضاف حاليا لدينا محفظة كبيرة تقارب مليارى دولار من إجمالى التعاقدات على مشروعات مختلفة، تم صرف نحو 40٪ منها، وهناك مشروعات جارى تنفيذها وهناك فرق متكاملة تقوم بتقديم الإشراف الفنى على تنفيذ هذه المشروعات وصرف مستحقات المقاولين والشركات والمكاتب الاستشارية وهذا الجانب لم يتأثر بالمرة، وإنما كان التأثير فى مجال المشروعات الجديدة نتيجة اختلاف أولويات المرحلة .

وحول مدى ارتباط تقديم البنك الأفريقى للتنمية لمنح وقروض لدولة عضو بالاستقرار السياسى بها، قال نائب رئيس البنك الأفريقى للتنمية المهندس على أبو السبع، إن ذلك شأنه شأن أى مؤسسة مالية حيث يكون الاستقرار هو العنصر الأساسى الذى يبحث عنه رأس المال ولكن لابد من الأخذ فى الاعتبار أن البنك الأفريقى بنك تنموى وبالتالى يكون الحاجة إلى تواجده أكثر فى الظروف غير العادية.

وأشار إلى أن المنحة بقيمة مليونى دولار التى تم التوقيع عليها بين البنك ومصر يوم الخميس الماضى، هى من صندوق شمال إفريقيا والشرق الأوسط للتحول الانتقالى الذى تم الاتفاق عليه خلال قمة الدول الصناعية بدوفيل فى فرنسا، والبنك الأفريقى للتنمية هو الشريك التنفيذى لهذه المنحة.

وأوضح أن هذه المنحة تطرق بابا جديدا للاستثمار يفتح فرص عمل وخلق صناعة جديدة لم تكن موجودة من قبل فى مصر وهى صناعة تدوير المخلفات الصلبة، حيث أن مصر كان لها سابقة فى مجال تدوير المخلفات الزراعية والقمامة لاستخدامها كسماد عضوى طبيعى لاستخدامات الزراعة، غير أن مصر حتى الآن لا يوجد بها إطار مؤسسى لتدوير المخلفات الصناعية وبالتالى فإن هذه المنحة تسعى إلى مسح وتكوين قاعدة بيانات عن المصانع الموجودة وكمية ونوعية المخلفات التى تنتجها وأماكن توزيعها.

وقام المهندس على أبو السبع بطرح نماذج مختلفة لتدوير مختلف المخلفات الصناعية لإثبات جدواها، ثم وضع الإطار القانونى والاستثمارى لخلق شركات تعمل فى هذا المجال على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى هذه الصناعة بعد تطويرها وتعميمها على مستوى المدن الصناعية فى مصر، تتيح عشرات الآلاف من فرص العمل، ولذا فإنه رغم صغر قيمة المنحة التى لا تتعدى مليونى دولار إلا ان المردود الاجتماعى والاقتصادى لها كبير جدا.

وفيما يتعلق بدور البنك الأفريقى للتنمية فى مجال المياه، قال على أبو السبع، إن بنك التنمية الأفريقى شريك أساسى فى مبادرة حوض النيل القائمة منذ سنوات عديدة والتى كان من أهم إنجازاتها إعادة بناء الثقة بين الدول المستفيدة من حوض النيل ونتج عنها مشروعات عديدة فى مجال تخزين المياه وتوليد الطاقة ونقلها عبر شبكات الربط الكهربائى.

وفيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبى، قال إنه أمر سيادى يخص الدول المعنية إثيوبيا ومصر والسودان بمشاركة الدول الأخرى لحوض النيل، مشيرا إلى أن هناك إطارا فنيا وسياسيا من خلالها تتفاوض هذه الدول على الأمور الإيجابية والسلبية لتنفيذ هذا السد.

وفى قطاع الزراعة، قال على أبو سبع، إن البنك ساهم فى إقامة إنتاج زراعى فى بعض الدول وتسويقه فى دول أخرى، ضاربا مثالا بتجمع الكوميسا التى تربط عددا من الدول فى شرق وجنوب إفريقيا، حيث إن مصر كانت من أكثر الدول المستفيدة من هذه الاتفاقية وحققت توجدا كبيرا لمنتجاتها الزراعية والصناعية فى أسواق الدول الأعضاء فى التجمع.

وفيما يتعلق بالتنمية البشرية فى أفريقيا، قال نائب رئيس البنك الأفريقى للتنمية، إن الموارد البشرية هى من أهم الموارد التى تملكها إفريقيا، لافتا إلى أنه بحلول عام 2050 سيصل تعداد السكان بها إلى مليار نسمة، وما بين 60 إلى 70 ٪ منهم سيكونون فى المرحلة المنتجة من العمر فى الوقت الذى ستكون فيه أوروبا وآسيا وجزء من أمريكا من الشعوب الداخلة فى الكهولة، وبالتالى فإن أفريقيا ستكون فى السنوات القليلة القادمة قارة المستقبل وستجر الاقتصاد العالمى بما يتوافر فيها من مياه وموارد معدنية وبترولية بالإضافة إلى الموارد البشرية. ولكن لتحقيق ذلك لابد لأفريقيا أن تستثمر فى تنمية الموارد البشرية من خلال التعليم والصحة وبناء الكفاءات والقدرات لتكون قادرة على تحمل مسئوليات المرحلة وإدارة الثروات بشكل مستديم مع تنمية الموارد البشرية ليكون لأفريقيا دور قيادى فى المستقبل.

وأشار إلى أن البنك كان شريكا لمصر فى تطوير التعليم الأساسى وإصلاحه وبناء الكفاءات والقدرات الفنية، ومصر من أولويتها حاليا تطوير البنية الأساسية لدفع عجلة التنمية والاقتصاد.

وأضاف أن البنك أسهم على مستوى القارة فى دعم وتأسيس الجامعة الإقليمية التى تربط عددا من المؤسسات التعليمية والأكاديمية فى العديد من الدول الأفريقية من خلال شبكة افتراضية، حيث أن الدول الإفريقية بها مراكز بحثية ذات قدرات خاصة فى بلدان معينة وبخلاف مصر وتونس والمغرب وجنوب أفريقيا، لا يوجد التنوع الكافى فى المؤسسات التعليمية وخاصة التعليم العالى فى المجالات المطلوبة. وقام البنك بوفير التمويل اللازم لعدد من الباحثين للمشاركة فى البرامج التعليمية والبحثية للمؤسسات دون الحاجة لتواجد الباحث فى نفس مكان المؤسسة التعليمية مما يوفر كتل فعالة من القدرة البحثية والتعليمية دون الحاجة لوضع نفس الاستثمارات فى كافة الدول، وأوضح أن هذا المشروع يتم تنفيذه بشكل تجريبى بغرض تكوين عدد من الدروس المستفادة قبل التوسع فى تطبيق هذا النموذج.

وحول حاجة القارة الأفريقية لتعزيز الحكم الرشيد لصالح تحقيق التنمية المستدامة، قال على ابو سبع إن الحكم الرشيد هو أحد الدعامات الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام، مشيرا إلى أن هناك تطورا كبيرا فى السنوات العشر الماضية فى مجال الحكم الرشيد على مستوى القارة فالعديد من الدول حققت تقدما كبيرا فى مجال الحكم المحلى والسياسة والاستثمار والتقاضى وسيادة القانون ومناخ الاستثمار والوقت المطلوب لإنشاء شركة وتحرير القواعد النقدية والبنكية وفتح الأسواق لدعم القدرة المحلية على التنافس.

وأضاف نائب رئيس البنك الأفريقى للتنمية أن هذا التقدم كان لابد أن يواكبه دعم قدرات المؤسسات الإشرافية مثل القضاء ومكاتب المراجعة والمحاسبة والمراقبة من قبل الدول الشريكة، حيث تقبل دول افريقية بقيام دول أخرى بمراجعة أنظمتها وتقديم نقد بناء لها مما يدفع العديد من الدول إلى تصميم وتنفيذ إصلاحات بشكل داخلى.

وفيما يتعلق بمصر فى هذا المجال، قال على أبو السبع أن مصر اتخذت خطوات كبيرة ومهمة فى مجال الحكم الرشيد والإصلاح الاقتصادى وتسهيل الإجراءات وتحسين مناخ الاستثمار وتحرير أسواق المال والاستيراد والتصدير، وبالنسبة للقطاع الإشرافى والقضاء والمنازعات، حدث فيه تقدم فى مصر وإن لم يصل إلى المستوى الذى يجب أن يكون عليه، ولكن هناك توجها إيجابيا ويتعين تحديد ما يبقى من أمور يجب التغلب عليها وتحديد الإصلاحات المطلوبة.

وفيما يتعلق بالنواحى السياسية المتعلقة بالانتخاب والدستور وغيرها، قال المهندس على أبو السبع، إنه لا يمكن تقييم هذه المرحلة لأنها مرحلة استثنائية خاصة جدا ولا تحكمها الافتراضات العادية التى تطبق على أى منظومة متعارف عليها فى الظروف الطبيعية، لأن مصر تمر بمرحلة انتقالية تحكمها ظروف خاصة.

وأضاف أن مصر حققت خطوات مهمة فيما يتعلق بتعظيم المشاركة ودور المجتمع المدنى والانفتاح على الأسواق، ولكن مطلوب المزيد من المجهود والإصلاحات.